^ لاتزال قضية البطالة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية تلقي بظلالها علي الاقتصاد المصري رغم التدفقات الاستثمارية الجديدة التي شهدتها البلاد وكذا التوسعات التي حدثت في بعض الصناعات.. ولا يزال هناك حوالي 10% من المجتمع المصري لا يجدون فرص عمل رغم ما تقوم به الحكومة من جهود لدفع عجلة الاستثمار ومن ثم ايجاد فرص عمل جديدة. رغم تفشي البطالة وتزايدها نجد ان هناك العديد من القطاعات الصناعيةمتشكو من ندرة العمال وصعوبة حصولها علي العمالة المدربة حتي ان المجلس التصديري للملابس الجاهزة دعا مؤخرا الي ضرورة تعديل التشريعات بما يسمح باستيراد العمالة المؤهلة من الخارج.. المثير ان الملابس الجاهزة ليست وحدها التي باتت تطلب عمالة مؤهلة من الخارج وانما هناك قطاعات صناعية كثيرة لها نفس المطلب. هذه المفارقة بين زيادة البطالة وارتفاع الحاجة الي عماله دعتنا الي فتح ملف البطالة ومناقتشه مع الخبراء وبعض رجال الاعمال للتعرف منهم علي ما هيتة وضع البطالة في مصر وهل نحن بالفعل نعاني من مشكلة بطالة ام سوء توزيع ام معلومات ام اختلاف نوعين العمالة المطلوبة وامكانياتها، ام ان المشكلة هي عدم التلاقي ما بين الطلب علي العمل وفرص العمل بشكل فعال؟.. وكذا تعرفنا منهم علي المطلوب لمواجهة تلك الكارثة التي تهدد الاقتصاد المصري. الدكتور ناصر درويش "الاستاذ بكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية" يؤكد اننا نعاني من البطالة وسوء التوزيع معا فهناك سوء توزيع واضح للعمالة في بعض القطاعات اذ نلحظ مثلا نقصا في عدد المعيدين في بعض الكليات الجامعية وانقلاب الهرم الوظيفي في بعض الاقسام والنقص في بعض الوظائف القضائية مثل النيابة والقضاء والشهر العقاري والمحضرين ووظائف الشرطة خاصة الشرطة المساعدة ورتبة المساعد والمهندسين والعمالة الفنية في مجال المباني والمشروعات والكهرباء والاتصالات والحاسبات وتكنولوجيا المعلومات. وعلي الجانب الاخر هناك انتعاش في بعض المهن مثل التدريس وكليات التربية لتفشي الدروس الخصوصية، كما تقدمت نقابة الاطباء بالشكوي من زيادة الاعداد في كليات الطب حتي انها فكرت في الغاء تكليف الاطباء خوفا من بطالتهم اذ يتكدس بعضهم في المدن بينما لا يوجد متخصصون في بعض المناطق. ويضاف الي كل ما سبق من اختلالات في عمليات التوزيع الوظيفي اننا نجد اصحاب المصانع لا يجدون عمالة فنية ماهرة خاصة في المناطق الصناعية الجديدة ويقومون بالاستعانة بعمالة اجنبية من الشرق الاقصي "الفلبين والهند وسيريلانكا"، فنحن نعاني من نقص في العمالة الزراعية وفنسيي الصيانة ومع ذلك فإن طالبي العمل لا يقومون باستغلال تلك الفرص الموجودة. ويلاحظ الدكتور درويش ايضا ان هناك وفرة فرص العمل في بعض المدن بينما تعاني بعض المناطق من البطالة مثل الصعيد والمناطق الصحراوية وسيناء والعديد من المجتمعات الريفية مما حدا بالدولة وهي محقة الي زيادة الاهتمام بتلك المناطق، ويشير ذلك الي سوء توزيع فرص العمل والتنمية المركزية والي ضرورة توفير امكانية الحركة وايجاد سكن ومعيشة مناسبين في المجتمعات المحرومة والجديدة. ويؤكد د. درويش اننا كمجتمع رغم ما نعانيه من انتشار لظاهرة البطالة فإن هذا لا يمنع من ان هناك نقصا حاداً في العمالة لدينا سواء العمالة المتخصصة او حتي العادية وهوالامر الذي يرجع الي سوء التوزيع للاحتياجات التي تخرجها الجامعات والمعاهد حيث ان معظم الخريجين غير مؤهلين وغير مناسبين لحاجة سوق العمل، كما ان ثقافة المجتمع لدنيا تجعل الشاب لا يوجد لديه اقبال علي العمل الفني، فهو يريد الجلوس علي مكتب وبالتالي فإنه ينضم لصفوف البطالة لانه لا يرغب في الالتحاق بالعمل كعامل فني. وعن المطلوب لحل تلك المشكلة يري دكتور درويش انه يجب اولا ان يكون هناك اتصال ما بين القائمين علي الاحتياجات السوقية من العمل والجامعات والمعاهد بحيث تنجح تلك الجامعات في اعداد خريج قادر علي تلبية حاجة سوق العمل بما يتطلبه خاصة ان المشكلة الرئيسية في ابتعاد الخريج عنما يطلبه سوق العمل ترجع الي سوء الناحية التنظيمية وعدم وجود اي اتصال ما بين الجهات الاكاديمية ومنظمات الاعمال كما يجب ان يكون هناك اتجاه بالدولة لتغيير المسار كما يحدث في الخارج، بمعني انه اذا كانت هناك دراسات قائمة علي اتجاهات معنية كانت مطلوبة في وقت ما بالاسواق ثم حدث تغيير وقل الطلب علي هذا الاتجاه فإنه يجب في هذه الحالة تغيير المسار بما يتواكب مع حاجة السوق من فرص العمل.نفس الاراء يؤكدها الدكتور وليد جمال الدين رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات والذي يقول انه هناك قطاعات صناعية كثيرة ومنها قطاع مواد البناء في احتياج كبيرة للعمالة المؤهلة التي تمتلك المهارات الصحيحة ولكنهم لا يجدونها ولهذا فإن اغلب المصانع تلجأ الي تدريب العمالة التي تحصل عليها.