24 ساعة

سياسات إيجابية

كنت اتساءل ماذا تستفيد الحكومة السورية من إطلاق تصريحات علي لسان أكبر مسئولين سوريين في فترات مختلفة أقل ما توصف به أنها غير لائقة تجاه المملكة العربية السعودية وسياستها ووصفها "بالشلل" في الوقت الذي تميزت فيه تلك السياسة السعودية "بالإيجابية".
ووصف السياسة السعودية بالايجابية ليس وصفا نظريا ولكنه في الواقع ينطلق من محاولات جادة للدبلوماسية السعودية أن توفر مناخا مناسبا لحل التناقضات الكثيرة والمميتة في العالم العربي وخاصة المشكلات المتفجرة مثل ما يحدث في العراق أو الأراضي الفلسطينية أو السودان والصومال وغيرها.
وبالطبع فإن السياسات الايجابية تتطلب تحديد المواقف من النزاعات واتخاذ خطوات لتطبيق السياسات مثل دعوة الفلسطينيين إلي الحوار والاتفاق في مكة قبيل الانهيار الأخير الذي وقع باستيلاء حركة حماس علي السلطة في غزة وطرد السلطة الشرعية منها.
وحين تتخذ المملكة العربية السعودية موقفا واضحا من ضرورة وقف نزيف الدم في العراق وعدم ترك الأمور تهوي إلي حرب أهلية طائفية وتشارك في سياسة دولية تستهدف إيجاد حل لمصلحة شعب العراق وشعوب المنطقة كلها فإن ذلك يستوجب التقدير والاحترام ولا يمكن وصفه بالشلل.
وحين تدعو المملكة العربية السعودية الأطراف في لبنان إلي حل الصراع علي السلطة بهدوء وتبذل جهودها لوقف تردي الأوضاع فإن ذلك لا يمكن وصفه بالشلل.
المفهوم أن المملكة العربية السعودية دعمت سوريا دعما سياسيا واقتصاديا وباستمرار وليس ذلك من الأسرار العميقة أو القريبة ولكنها حقائق يعلمها الجميع ولاتزال السعودية تلعب دورا مركزيا في ابعاد الضغوط الأمريكية ضد سوريا والتخفيف قدر الامكان من تأثير تلك الضغوط علي الشعب السوري والحكومة السورية.
ونعود إلي السؤال لماذا - إذن - وفي هذا التوقيت يعاود نائب الرئيس السوري فاروق الشرع اطلاق تصريح يصف السياسة السعودية بالشلل تجاه قضايا المنطقة.
هل لأن المملكة قررت أن تدرس فتح سفارة لها في بغداد؟
هل لأن المملكة السعودية لا تتفق مع السياسة السورية تجاه لبنان؟
أم لأن المملكة السعودية ترغب وتسعي إلي عدم توريط المنطقة في مزيد من الأعمال الارهابية وتفجير المواقف العنترية والحديث الفخم عن الحرب وهزيمة الأعداء.
أم لأن المملكة العربية السعودية لها رؤيتها وسياستها المستقلة للعلاقات مع إيران تختلف عن الرؤية والتطبيق السوري؟
إن العلامات الايجابية للسياسة السعودية تعددت في الآونة الأخيرة كما أشرت وأعتقد أنها أقلقت المسئول السوري والتيار الذي يمثله ودفعته إلي ممارسة سياسة قديمة ومكشوفة مثلما فعل.