يقوم طبيب الشركة عادة بدور مهم في حياة العمال فهو جزء من سياسة العصا والجزرة التي تستخدمها الشركات الأمريكية هذه الأيام لحث هؤلاء العمال علي الاهتمام بصحتهم مقابل دفع اقساط أقل للتأمين الصحي وتقول مجلة "تايم" ان العامل الأمريكي لا يمكنه أن يصمد في أي التحام يدا بيد مع تلميذ من تلاميذ المدارس والسبب في ذلك ان العمال الأمريكيين يملون الرياضة، وبالأرقام نجد أن 15% من عمال امريكا هم فقط الذين يواظبون علي اداء التمارين الرياضية وان 40% منهم لم يجربوا ابدا مثل هذه التمارين ويقول 50% من العمال ان انشغالهم بالعمل يبعدهم عن الرياضة في حين يدعي 80% من هؤلاء انهم علي استعداد لكسر رتابة الحياة وممارسة الرياضة لو شجعتهم إدارة الشركة علي ذلك. والحقيقة ان ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية اصبحت تدفع إدارات الشركات إلي حث العمال علي ممارسة الرياضة حفاظا علي صحتهم وتقليلا لهذه التكاليف التي تأكل جزءا كبيرا من الأرباح ويذكر خبراء مراكز الوقاية والسيطرة علي المرض في الولاياتالمتحدة ان الشركات الأمريكية تخسر سنويا 15 مليار دولار بسبب غياب العمال المرضي أو المتمارضين عن العمل والغريب أن 70% من تكاليف الرعاية الصحية توجه لعلاج امراض مزمنة كان يمكن منع حدوثها من الأساس. ولنأخذ مرض السكر علي سبيل المثال وهو مرض تبلغ تكاليف علاجه التي تتكبدها الشركات 92 مليار دولار سنويا فسنجد أن 91% من حالات الاصابة بهذا المرض كان يمكن تجنبها بتحسين التغذية اما الأمراض الناجمة عن التدخين فهي تكلف 75 مليار دولار سنويا، وترتيبا علي ذلك بدأت الشركات الامريكية تضع برامج للمحافظة علي الصحة وتلزم بها العمال ومنذ 3 سنوات كانت نسبة الشركات التي لديها مثل هذا البرنامج لا تتجاوز 56% من الشركات الكبري ولكن هذه النسبة ارتفعت الآن إلي 75% ولابد أن نعرف أن برنامج المحافظة علي الصحة ليس مجرد برنامج اختياري فكثير من الشركات تخير العامل بين المحافظة علي صحته أو ترك الشركة كليا كما ان عدم اشتراك العامل في هذا البرنامج يعرضه للغرامة، أما اشتراكه المنظم فيتيح له الحصول علي مكافأة. وتعد شركة وورثنجتون انداستريز شركة رائدة في هذا المجال حيث اقامت عام 1985 في مقرها الرئيسي جيمانزيوم إلي جانب حجرة لرياضة اليوجا واخري مزودة بأجهزة المشي السريع التي تناسب مرضي القلب وفي عام 1995 اقامت الشركة مركز للتأهيل الصحي يضم 3 اطباء مقيمين ومعملا وصيدلية ولكن تكاليف الرعاية الصحية في الشركة ظلت تتصاعد وهو ما دفع جون مكونيل الرئيس التنفيذي للشركة إلي اتخاذ خطوات اضافية ففي عام 2003 وضعت الشركة برنامج وقائيا للمحافظة علي صحة العمال وتحسينها وتقرر ان يحصل كل عامل يشترك في هذا البرنامج علي قرض نقدي يبلغ 50 دولارا وكانت استجابة العمال لهذا التحفيز استجابة جيدة. وهنا تقول الأرقام ان عدد المشتركين في البرنامج زاد اعتبارا من عام 2004 ليصبح 41% حاليا بعد أن كان عددهم لا يتجاوز 30% آنذاك ويقول عامل في الخمسين تقريبا من عمره إنه التحق بالبرنامج بعد اصابته بأزمة قلبية عام 2006 وان البرنامج ساعده علي تحسين عاداته الغذائية وعلي الاقلاع عن التدخين وعوده علي المشي لمسافة 6 كيلو مترات يوميا وأكثر من ذلك فإن ابنتيه قد حذتا حذوه واقلعتا عن التدخين ايضا وقد بدأت الشركة تجني ثمار نجاح هذه السياسية حيث وفرت 5.2 مليون دولار العامين الاخيرين من تكاليف الرعاية الصحية وهذا المبلغ ضعف ما تنفقه الشركة علي برنامج تحسين صحة العمال ونظرا لأن هذه الشركة تأخذ بنظام توزيع جزء من الأرباح علي العمال سنويا فإن العمال يعتبرون توفير أي دولار أمرا يعود عليهم بالفائدة. وتجدر الاشارة كما تقول مجلة "تايم" إلي أن برامج تحسين صحة العمال لا قيمة لها ما لم يبادر العمال بالاشتراك فيها والمؤسف أن هذا الاشتراك لايزال اختياريا حتي الآن وفي دراسة صدرت عام 2005 عن مركز ديلويث للحلول الصحية يتضح أن هذه البرامج لا يجذب سوي أقل من نصف العمال الامريكيين وان ذلك يحدث في الشركات التي تجيد استخدام سياسة العصا والجزرة.. في حين تقدم إحدي الشركات هدايا نقدية لمن يشتركون في هذه البرامج فإن هناك شركات اخري تهدد بزيادة ما يدفعه العامل من اشتراك في التأمين الصحي إذا لم ينضم إلي تلك البرامج، كما أن هناك من يشتط إلي حد فصل العامل إذا ضبط وهو يدخن، ومع ذلك فإن من قادة الشركات من يؤكد دائما أنه لن يفصل عاملا بسبب سوء صحته لأن الشركة ملتزمة بعلاجه بقدر ما تستفيد من حسن ادائه عندما يكون في كامل صحته.