السياسة الاسرائيلية لاتزال ماضية في التلاعب بفرصة السلام في الشرق الاوسط التي لاحت من جديد بعد اعادة عرض مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة الرياض التاسعة عشرة. والعمود الفقري للمبادرة هو اقامة علاقات طبيعية مع دولة اسرائيل علي اساس انسحابها من الاراضي المحتلة في يونية 67 واقامة الدولة الفلسطينية علي تلك الارض اي قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدسالشرقية وينتهي الصراع الاسرائيلي العربي الفلسطيني باقرار اسرائيل بحقوق الفلسطينيين كحق العودة والتعويضات. ولاشك ان العمود الفقري للمبادرة العربية الذي سبق طرحها قبل خمس سنوات في قمة بيروت يعطي فرصة خطيرة للسلام نظرا لصدور المبادرة عن القمة العربية وحصولها علي موافقة دول الجامعة العربية.. كما انها تتمتع بمنطق قوي لا يمكن رفضه اذا كان الطرف الآخر - أي اسرائيل - حريصا علي السلام ويري في تحقيقه مصلحة له. وقوة المنطق هنا تعود الي عدم مطالبة اسرائيل باكثر من الاراضي التي احتلتها عام 67 وهي مناطق ذات كثافة سكانية فلسطينية وتعرف اسرائيل جيدا ان هذه الارض ستظل مصدر قلق ومتاعب ولن تكون ابدا ابدا خالصة لاسرائيل. واعادة طرح المبادرة يحمل ايضا منطقا قويا للغاية، فلم تحصل اسرائيل نتيجة رفضها الاول علي اية مميزات بل علي العكس هي تخسر الامن يوميا وتخسر ثانيا نتيجة تصاعد فكر المقاومة ونموه واتجاهه الي مسالك تدميرية بعد ان يفقد المقاتلون الامل وبالتالي فان الحياة لا تهمهم وهذا النوع من المقاتلين لا توجد حتي الان وسيلة فعالة لايقافهم بالقوة وحدها. وعلي الجانب الآخر يبدو ان الجانب الفلسطيني هو الاخر اصابه التعب من الحصار والخسائر حتي المنظمات المتشددة نزلت بسقفها واصبحت علي استعداد للتفاهم وايجاد حلول مقبولة شرط ان تكون عادلة. الفرصة التي تحدث عنها المنسق الاوروبي "سولانا" هي فعلا فرصة حقيقية لا يعوقها الا ضعف الحكومة الاسرائيلية غير القادرة علي اتخاذ قرار مصيري مثل قرار الانسحاب من الاراضي المحتلة في حرب يونية 67 او تسويق المبادرة العربية في الداخل الاسرائيلي. وما تفعله اسرائيل الان هو القفز فوق المبادرة وليس التعامل معها، فليس هناك معني لمطالبة أولمرت باجتماع مع القادة العرب لمناقشة المبادرة قبل ان يعلن قبول اسرائيل لها سوي انه يريد النتائج التي في صالحه فقط.. وهكذا تستمر المناورة العقيمة التي تجهض اي محاولة جادة للسلام.