في زحام مناقشات الدستور وجدت قلبي متجها إلي هزيمة يونيو تلك الهزيمة التي تبقي اثارها في قلبي علي الرغم من أني تابعت يوميا ما حدث في مستويات القيادة ومستويات الجماهير ما حدث من يوم 15 مايو 1967 وحتي يوم 6 أكتوبر من عام ،1973 حتي صار قلبي يتخيل كل ما دار في تلك الفترة وكأنها أحداث يوم واحد طويل، وبدأ من توهم أن القوات المسلحة المصرية سترفع اعلام النصر فوق صواري القدس وانكسر هذا الوهم في التاسع من يونيو من عام 1967 حين خرج جمال عبدالناصر بكل شموخه وهو يعلن خبر الهزيمة المريرة ويعل أنه يتحمل وحده أسبابها فخرجت الجماهير ترفض انسحابه من المسرح السياسي العربي كرمز لإرادة عربية ومضت الأيام ثقيلة نتحرك فيها نحن المصريين والعرب لنعبأ الارادة بامكانيات الانتصاروهو الانتصار الذي تحقق بشكل أذهل الكون كله في السادس من أكتوبر من عام 1973. وثبت لنا نحن العرب ونحن المصريين أن الاحلام لا تتحقق بمجرد سطور مكتوبة في بيانات أو خطابات ولكن برحلة من البناء العلمي الحقيقي المستند إلي ارادة صلبة لا تعرف اللين في البحث عن الحقوق مادمنا قادرين علي دفع الثمن حتي ولوكان الثمن مريرا. وأنا أقيس كل ما حدث بعد الهزيمة وما بعد النصر بقدراتنا علي فهم ما جري لنا وتسبب في الهزيمة وما صنعناه حتي تحقق النصر. ولا أنسي بطبيعة الحال عدم قبول أفكار القيادة المصرية لطبيعة المجتمعات العربية التي دعتها ثورة 23 يوليو إلي الانتباه إلي حقائق العصر، وقامت المجتمعات العربية بغرس أقدام المصريين في مستنقع الخلافات العربية العربية وهو مستنقع شديد الأوحال بل يشبه إن لم يتطابق مع الرمال المتحركة فمرة نقاوم شعارات مرفوعة من بغداد بدعوي التقدم الماركسي، فنتدخل لنهدم عدم نضج "الشواف" الذي قاد التمرد علي عبدالكريم قاسم وحزب البعث العراقي، ومرة نغوص في حرب اليمن بكل ما تمثله تلك الحرب من نبل فكرة مشاركة مصر حتي ولو كان الثمن مريرا من جديد في اعداد المفقودين والمقتولين بين جبال صنعاء والحديبية. ولم تكن كل من القيادتين السياسية والعسكرية علي مستوي من فهم كيفية التقدم إلي الأمام بتجميع ايجابيات الأمة علي مستوي مصر ثم علي مستوي الأقطار العربية ثم التحرك إلي الأمام لتحقيق تنمية مصرية يمكن أن تكون النموذج لتنمية عربية دون تدخل مصري مباشر ولعل كتاب أمين هويدي رئيس المخابرات المصرية الاسبق، وواحد من الرموز التي قدست جمال عبدالناصر دون أن تعطيه شيكا علي بياض في الحركة السياسية اليومية لعل كتاب أمين هويدي عن هزيمة يونيو وأسبابها وتحدياتها هو الكتاب الموجز الذي يجب أن نضعه في ذاكرتنا ونحن نتقدم من بعد النصر كي نرسم المستقبل سواء لنا في مصرأو في العالم العربي. إن السؤال الجوهري المطلوب من التعديلات الدستورية أن تجيب عليه هل ستمنع تلك التعديلات أسباب أي هزيمة عربية جديدة خصوصا بعد أن استغلت الدول الكبري تفاصيل حياتنا لتجعل من قدرة العالم العربي غير قابل بشكل عملي أن تكون مصر هي القائدة، علي الرغم من أنها القائدة بالفعل ولو قبل صدام حسين مثلا مبدأ قيادة مصر التي كان يرفضها علنا علي الرغم من أنه قال لحسني مبارك ذات نهار "حين تتحدث أنت إلي العالم فالعالم يسمع رئيس دولة أما حين نتحدث نحن فهم يسمعوننا كرؤوساء قبائل لذلك أرجو أن تتحدث باسم العرب جميعا في مسألة شراء سلاح نواجه به ايران" ولكن صدام حسين أنكر فيما بعد السماع لكلمات مصر وقيادتها فكانت الطامة لا علي العراق وحده ولكن علي العالم العربي كله. كل ما أحلم به أن نعدل الدستور لا بتعصب مسبق لأي فكرة سوي فكرة أن مصر هي القائدة التي ستحقق لشعبها درجة من التنمية الجادة التي تتيح للعالم العربي مكانا حت شمس الكرة الأرضية كمجموعة من الدول المستقلة لا تتحرك بردود الأفعال ولكن بخطوات واثقة. فهل سنفعل؟