«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في انتصار العاشر من رمضان
الكلمة عانقت المدفع
نشر في أخبار اليوم يوم 20 - 08 - 2010

بالأمس مرت الذكري السابعة والثلاثين لحرب العاشر من رمضان، تلك الحرب التي حطم فيها الجيش المصري أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، وعبرنا الهزيمة ، وإذا كان الأدب هو مرآة الشعوب فان الرواية هي من أوسع الفنون استيعابا لتسجيل حياة الشعوب وخاصة في أثناء الأحداث المصيرية الكبري في حياتها، وانتصار أكتوبر أو العاشر من رمضان الذي عشناه في ستة أيام فقط ، قد سبقته حرب حقيقية هي حرب الاستنزاف التي مهدت لهذا الانتصار وسجلتها أقلام كبار الكتاب والروائيين ، إننا نجد أنفسنا اليوم وبعد مرور تلك السنوات نبحث ونفتش علي كتابات أعظم فترات في تاريخ امتنا العربية ننفض عنه غبار الزمن أمام جيل اليوم ، ليروا ويفخروا بجيل أبائهم الذين ضحوا بأرواحهم لتظل مصر شامخة رافعة رأسها بين الأمم دائما
أن الرواية من أكثر الأجناس الأدبية اتساعا واستيعابا للأحداث ،فمن خلالها استطاع كبار الكتاب والأدباء تسجيل أحداث حرب أكتوبر وان كان بعض النقاد وصفوا تلك الأعمال الأدبية بأنها اقل من الحدث العظيم نفسه، فإن الناقد شوقي بدر يوسف يقول في دراسته النقدية عن أدب حرب العاشر من رمضان أن الأدباء العرب استطاعوا أن يعبروا عن الحرب تعبيرا صار رمزا خالدا لتعانق الكلمة مع المدفع في وقت من أحلك الأوقات فقال توفيق الحكيم مقولته المشهورة " عبرنا الهزيمة والتي أصبحت رمزا للعبور بل صارت نشيدا يتغني به العرب وقت المعارك
لقد وجد توفيق الحكيم بحق في العبور تأكيدا لأصالة شعبنا وعبورا للهزيمة التي كانت بداخل كل منا بعد نكسة يونيو1967 فكتب يقول: "عبرنا الهزيمة بعبورنا إلي سيناء، ومهما تكن نتيجة المعارك، فإن الأهم هي الوثبة، وهي المعني. ان مصر هي دائما مصر، تحسبها الدنيا قد نامت ولكن روحها لا تنام. وإذا رجعت قليلا فإن لها هبة ولها زمجرة، ثم قيام، وقد هبت مصر قليلا وزمجرت، ليدرك العالم ما تستطيع أن تفعل في لحظة من اللحظات، فلا ينخدع أحد في هدوئها وسكونها، وكانت يدها التي بدرت منها حركة اليقظة هي جيشها المقدام بصيحة رئيسها الوطني بالقيام. سوف تذكر مصر في تاريخها هذه اللحظة بالشكر والفخر. نعم عبرنا الهزيمة في الروح. وشعرنا أنه قد حدث ويحدث في داخلنا شئ، لقد كان جو الهزيمة جو سجن واختناق والآن نحن نتنفس هواء نقيا، هواء الحرية والانطلاق، وهذا هو المعني الحقيقي للانتصار"
انفعال نجيب محفوظ
أما نجيب محفوظ فإنه انفعل تماما بالمعركة الكبري التي ردت الروح إلي الجسم الخامد الساكن فكتب يقول: "ردت الروح بعد معاناة طعم الموت ست سنوات رأيت المصري خلالها يسير في الأسواق مرتديا قناع الذل، يثرثر ولا يتكلم، يقطب بلا كبرياء، يضحك بلا سرور يتعامل مع المكان وهو غريب، ويساير الزمان بلا مستقبل، من حوله عرب متقاربون وقلوبهم شتي، وأصدقاء من العالم يصطفون عليه بإشفاق لا يخلو من زراية، وعدونا يعربد بأسرنا في السماء، يتحدانا علي الأرض، ضربة في سوريا، لطمه في لبنان، وأسأل النفس الحزينة ما العمل؟ ما المصير؟ القتال منا يقال محال والاستسلام محال، والاستنزاف لا يتوقف، ثم ردت الروح بعد معاناة الموت ست سنوات، روح مصر تنطلق بلا توقع، تتعمق وتحلق بلا مقدمات، تتجسد في الجنود، بعد أن تجسدت في قلب ابن من أبر أبنائها تقمص في لحظة من الزمان عصارة أرواح الشهداء العظام من زعمائها واتخذ قراره ووجه ضربته فإلي الأمام.. ومهما تكن العواقب فقد ردت إلينا الروح والعصر والمستقبل".
لقد لجأ الروائي الكبير إلي كتابة المقالات القصيرة المتتابعة تحت عنوان دروس أكتوبر، ولم يكتب كما عودنا قصصه القصيرة الجميلة أو حواراته، ولا نقول رواياته لما نعرفه من صعوبة كتابة الروايات بسرعة ونحن نعلم أن الرواية تستغرق من نجيب محفوظ عاما كاملا بين كتابة ومراجعة، فكأن نجيب محفوظ يبرهن لنا بمقالاته علي صعوبة التعبير الفني والأدبي الفوري خلال اندلاع المعركة.
نزار لم يكتب شعرا !
علي الجبهة السورية لم يكتب نزار قباني شاعر سوريا وشاعر العربية شعرا ولا قصيدا لأن العمل الأدبي علي حد قوله بطبيعته يحتاج إلي حد أدني من الصبر والنضج والتخمر، بينما لا تحتاج الرصاصة إلا للمسة أصبع تنطلق من ماسورتها ومن هنا يتضح أن منطلق المدفع يختلف عن منطلق الكلمة والقصيدة والجملة والحرف.
لذلك كتب نزار قباني نثرا أقرب ما يكون إلي الشعر والصورة الشعرية: "قبل السادس من أكتوبر 1973 كانت صورتي مشوشة وغائمة وقبيحة، كانت عيناي مغارتين تقشش فيهما الوطاويط والعناكب، وكان فمي خليجا مليئا بحطام المراكب الغارقة، وكانت علامتي الغارقة المسجلة في جواز سفري هي أنني أحمل علي جبيني ندبة عميقة اسمها حزيران، أما عمري في جواز سفري القديم.. فقد كان مشطوبا لأن العالم كان يعتبرني بلا عمر.. واليوم (6 أكتوبر 1973) يبدأ عمري.. واليوم فقط.. ذهبت إلي مديرية الأحوال المدنية، وأريتهم صك ولادتي التي حدثت في مستشفي عسكري نقال.. يتحرك مع المقاتلين في سيناء والجولان، فاعتبروني طفلا شرعيا. وسجلوني في دفتر مواليد الوطن، لا تستغربوا كلامي، فأنا ولدت تحت الطوافات، والجسور العائمة التي علقها مهندسو الجيش المصري علي كتف الضفة الشرقية وخرجت من أسنان المجنزرات السورية التي كانت تقرقش الصخور في مرتفعات الجولان، اعترف لكم بأن ولادتي كانت صعبة"
محمود درويش ترك الشعر
ومن داخل الأرض المحتلة، ودوران المعارك علي أشده ترك محمود درويش الشعر وأتجه هو أيضا الي النثر الحواري وهو الخبير بانعكاسات الحرب داخل إسرائيل، كشاعر عربي عاش حياته كلها حتي اخر لحظة في عمره داخل اللعبة الإسرائيلية وأيقن أن كل انتصار إسرائيلي هو انتماء إسرائيلي أيضا ومسادة يهودية، وقد عبر محمود درويش عن مشاعره الجياشة في حوارية قصيرة مع سجانه اليهودي في حيفا، حواريه فيها خيال الشاعر وإبداع الفنان وثقة الإنسان العربي وصلابته التي استمدها من معركة أكتوبر المجيدة كتب محمود درويش: "يحدث هذا.. يحدث هذا أحيانا، يحدث هذا الآن: أن تركب حصانا في زنزانة وتسافر.. يحدث أن تسقط جدران الزنزانة، وتصير آفاقا لا حدود لها:
- ماذا فعلت بالحائط؟
- أعدته إلي الصخور.
- وماذا فعلت بالسقف؟
- حولته إلي سرج
- وماذا فعلت بالقيد؟
- حولته إلي قلم.
غضب السجان، ووضع حدا للمناقشة، قال إنه لا يحب الشعر، ثم أغلق باب الزنزانة. عاد إلي في الصباح.. وصاح:
- من أين هذا الماء؟
- من النيل
- من أين هذا الشجر؟
- من بساتين دمشق.
- من أين هذه الموسيقي؟
- من قلبي
غضب الحارس.. ووضع حدا للمناقشة، قال أنه لا يحب الشعر، ثم اغلق الزنزانة، وعاد في المساء:
- من أين هذا القمر؟
- من ليالي بغداد.
- من أين هذا الكأس؟
- من كروم الجزائر.
- ومن أين هذه الحرية؟
- من القيد الذي وضعته في يدي أمس.
صار السجان حزينا.. ورجاني أن أمنحه حريته«
الغيطاني وحكايات الغريب
إن الأدب صورة للواقع الإنساني وهو فعل حياة ووجود متكامل يستمد مقوماته من جماع فعل الإنسان فيها، ومن جماع رؤية الكاتب لهذا الفعل الإنساني في ماضيه وحاضره ومستقبله إن أدب الحرب وأدب المعارك هو جزء لا يتجزأ من الأدب الإنساني علي إطلاقه. وفي أكتوبر 1973 قامت الحرب وأرتبط الفعل الإنساني بالأدب الإنساني في إبداع قد يكون استجابة عفوية للحدث العظيم الذي كلل بالنصر ولعل رواية إسماعيل ولي الدين: "أيام من أكتوبر" هي خير مثال علي ذلك ثم جاءت رواية "المصير" لحسن محسب ورواية مصطفي وشاحي "الحب في أرض القمر"
أما جمال الغيطاني فقد كان يعمل مراسلا حربيا أثناء المعركة وقبلها لذا جاءت أعماله تحمل كثيرا من الصدق الفني المتوقع من كتاباته ،ففي مجموعة "حكايات الغريب" تتراوح القصص بين القصة القصيرة والقصة الطويلة القصيرة وتشكل رؤية لأحداث حرب أكتوبر علي المستويين العسكري والمدني، فنطالع أحداث الحرب من خلال الشخوص العسكرية وأيضا المدنية،والناس في قصص الغيطاني عاديون بسطاء صناع وفقراء كادحون، ومع ذلك فهم يبدون المقاومة البطولية وأعمال الفداء ببساطة، فنري كيف يكتشف هؤلاء الناس البسطاء ذواتهم، وكيف تظهر طاقاتهم الخلاقة خلال أحداث الحرب، وقد أتاح عمل الأديب الصحفي كمراسل حربي، فرصة الاقتراب من الحرب ورجالها ومواقفها والتعايش معها والاقتراب من مواقفها الساخنة والمتوترة بها وقد أهدي الغيطاني قصص المجموعة إلي الشهيد "إبراهيم الرفاعي" من قادة القوات الخاصة، وقد كتب الغيطاني من خلال قصة هذا الشهيد الذي خاض حروب 1956 7691 والاستنزاف واقتحام سيناء حتي استشهاده في معارك أكتوبر العظيمة دفاعا عن الإسماعيلية ثلاث أشكال أدبية، الأولي واقعية في شكل معلومات صحفية والثانية علي هيئة قصص قصيرة طويلة بعنوان "أجزاء من سيرة عبد الله القلعاوي" والثالثة رواية طويلة بعنوان "الرفاعي" وفي قصته القصيرة احتفظ الغيطاني بمعظم المعلومات عن شخصية الشهيد البطل. وتقدم قصة "أجزاء من سيرة عبد الله القلعاوي" نموذجا فذا لبطل من أبطال القوات الخاصة في معارك حرب ، وعلاقاته الإنسانية وقصة حبه وزواجه وأسرته ورؤيته وأسلوب حياته وسلوكه المتسم بالبطولة والوعي والقوة.
الرصاصة لا تزال في جيبي
كتب إحسان عبد القدوس هذه القصة علي مرحلتين كتبها أولا قبل حرب 6 أكتوبر ، وتوقف بها عند مرحلة معارك حرب ا لاستنزاف ، ونشرت هذه المرحلة تحت عنوان" رصاصة واحدة في جيبي" وبعد 6 أكتوبر كتب المرحلة الثانية من القصة تحت عنوان الرصاصة لا تزال في جيبي .الرواية تدور حول محمد الشاب المجند الذي يعود إلي قريته بعد حرب 1967 محطما بعد أن رأي زملاءه يقتلون أمام عينيه بعد أن نفذ سلاحهم اختفي محمد في غزة عند احد الفلسطينيين الذي يخفي المقاتلين حتي تتاح لهم سبل الفرار وهناك يلتقي سائس الخيل مروان الأخرس يشعر انه جاسوس لإسرائيل يصل محمد إلي قريته يستقبله الاْهالي بفتور كأنه مسئول عن النكسة يقابل فاطمة ابنة عمه ويعرف أن عباس رئيس الجمعية التعاونية يستغل الفلاحين ويطلق الشعارات المزيفة يسانده في ذلك عمه إبراهيم والد فاطمة يعرض عباس الزواج علي فاطمة ويترك عباس القرية ويحل محله عبد الحميد الذي يعطي للناس حرية الكلام يصمم محمد علي الانتقام من عباس لشرف ابنة عمه يشترك محمد في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل وإثنائها يقابل مروان ويتهمه بأنه كان يتعامل مع العدو لصالح الوطن يتفق محمد مع العم علي الزواج من فاطمة تنشب حرب أكتوبر ويتم العبور ويعود محمد محمولا علي الأكتاف ويتزوج فاطمة وهو لا يزال يحمل الرصاصة.
من يذكر تلك الأيام
أما الأديب يوسف القعيد صاحب العديد من الأعمال التي تناولت حرب أكتوبر منها "الحرب في بر مصر" و"في الأسبوع سبعة أيام" و"تجفيف الدموع" و"حكايات الزمن الجريح" ... يروي لنا ذكرياته عن كتاباته قائلا : في هذا اليوم تم تسريحنا. كنا مجموعة من المستبقين بالخدمة العسكرية. كان التسريح مفاجئاً. وقد دهشنا من القرار. ذلك أن قرار عبد الناصر باستبقائنا في الخدمة العسكرية بعد الخامس من يونيو 67. كان واضحا وصريحاً. لن يسرح أحد من القوات المسلحة قبل أن يتم تحرير آخر شبر من الأراضي العربية المحتلة. ولأننا كنا نعبر بالنظرات والعيون فقط. في تلك الفترة الزمنية التي استطالت بين يونيو 1967 وأكتوبر 1973. فلم يخطر ببالنا سوي أنه تم تسريحنا من الخدمة العسكرية بعد سنوات استبقاء وصلت للسبع. لم يفرح أحد منا. قلت لنفسي يومها لو جاءت المعركة سنكون قد حرمنا من المشاركة فيها. كان اليوم خميس. أي آخر الأسبوع ولذلك كان تقديم أوراقنا إلي جهات عملنا المدنية لابد وأن يتأجل لصباح السبت.
السبت السادس من أكتوبر العاشر من رمضان. . يوم رمضاني. لم يكن السبت عطلة في المصالح الحكومية. والثانية ظهراً كانت لحظة ذروة الزحام. وكنت في ميدان التحرير أبحث عن مواصلة آمنة. لكي أصل لشارع الهرم. لم يكن الاختراع الجديد المسمي الميكروباص قد اخترع بعد. ولم يكن في شوارع القاهرة سوي الأتوبيسات. علاوة علي التاكسي الأسود والأبيض القديم. وسيارات الملاكي. ولم تكن شوارع القاهرة قد عرفت هذا الكرنفال من السيارات الفارهة لأن الانفتاح "السداح مداح" حسب تعبير أحمد بهاء الدين لم يكن قد عرف طريقه لمصر بعد.
في الثانية وخمس دقائق قطع الراديو إرساله. كان الراديو سلطان الأذن المصرية والعربية. وجاءنا البيان الأول من القيادة العامة للقوات المسلحة. تكهرب الجو. سرت في الهواء حالة كنا في أمس الحاجة إليها. بحثت عن تليفون في ميدان التحرير. خاطبت دار الهلال بالتحديد مجلة المصور. ورد عليّ صبري أبو المجد. أول من يحضر وآخر من ينصرف من المؤسسة كلها. استبدلت السؤال عن الصحة والحال بأن باركت بالمعركة. عرضت العودة فوراً. قال لي تعالي ليلاً ومعك مقترحات "معركية". ذهبت إلي المؤسسة وكان اقتراحي قد اختمر في ذهني. جمعت كل ما قيل عن الجيش المصري عبر قصاصات الصحف التي تدور حول تاريخ العسكرية المصرية. وتركت مقالاً تجميعياً نشر آخر الأسبوع وكان عنوانه:" لو كان معي نصف هذا الجيش لغزوت به العالم." .. وكان قائل هذه العبارة نابليون بونابرت. وجدت صعوبة في العودة إلي منزلي مرتين. الأولي في العثور علي أكثر من مواصلة. والثانية المسافة التي مشيتها علي قدمي من محطة الأتوبيس في شارع الهرم إلي منزلي في محطة حسن محمد. وكان جاري في هذه الفترة الباحث والمفكر الجميل الدكتور محمود إسماعيل. عدت إلي البيت لأجد أن مندوب التجنيد قد ترك لي في البيت. تحت الباب مباشرة استدعاء للالتحاق بوحدتي ابتداء من الساعة 600 من صباح الغد. من باب الاحتياط كانت هناك إشارة علي الباب الحديد الخارجي تقول أن لي رسالة هامة تحت "عقب الباب".
الأحد السابع من أكتوبر الحادي عشر من رمضان.. القاهرة مع أول ضوء. المسافة من شارع الهرم حتي وحدتي في غمرة بوسط القاهرة كانت من أعذب الرحلات. هدوء وسكون. لكن الجديد كان نظرة الناس لمن يرتدي الزي العسكري. حب وإنسانية قرأتها في أعين كل من شاهدوني في هذا الصباح. في وحدتي عرفت أن هذا التسريح المفاجئ من الخدمة كان جزءاً من خطة تمويه نادرة الحدوث. حتي لا يكتشف العدو خطط أكتوبر ويستعد لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.