استقبلت الاطراف العربية والدولية انباء الاعلان المتبادل عن التهدئة بين اسرائيل وبين الفصائل الفلسطينية بارتياح كبير، فهي فرصة لالتقاط الانفاس بعد ان حل التعب والارهاق بالجميع وفقدت الفصائل الفلسطينية العديد من كوادرها كما لم تستطع اسرائيل ان تحمي اراضيها من الصواريخ بدائية الصنع التي يطلقها الفلسطينيون من قطاع غزة. وفي تعليقه علي الهدنة قال رئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت ان التهدئة قد تفتح بابا الي المفاوضات وقال ايضا ان حكومته ستلتزم ضبط النفس ازاء الخروقات الفلسطينية لوقف اطلاق النار. واعتقد ان التوصل الي اتفاق التهدئة هذا او الهدنة في غزة لن يكون قابلا للاستمرار اذا لم يمتد الي الضفة الغربية، وذلك لان الفصائل ستعتبر اي توغل اسرائيلي في الضفة اعتداء علي فلسطينيين يستوجب الرد، هذا من ناحية، كما ان اسرائيل لديها كثير من الذرائع لملاحقة الفلسطينيين بدعوي تهريب السلاح او الاعداد لعمليات ارهابية، او القبض علي مطلوبين. وكانت "التهدئات" الماضية منذ اكثر من عام بعد مؤتمر شرم الشيخ لم تصمد وانهارت المرة تلو الاخري بسبب عدم وضوح الرؤية الاسرائيلية تجاه السلام الذي يطلبه الفلسطينيون، وكذلك بسبب عدم اتفاق الفلسطينيين علي الاسلوب الذي ينبغي الارتباط به لتحرير الارض. وكان من نتيجة التوتر والتربص وعدم الاقتناع بعملية السلام ان التهدئات انهارت الواحدة تلو الاخري وفي كل مرة كان الفلسطينيين يتهمون اسرائيل بعدم الالتزام وكذلك الجانب الاسرائيلي يتهم الفلسطينيين بخرق التهدئة التامة. الغرض من التهدئة - إذن - ليس السعي وراء السلام، علي الاقل من وجهة نظر المتطرفين علي الجانبين، ولكن التهدئة تحدث اما لامتصاص ضغوط دولية وعربية مكثفة علي الجانبين، او نتيجة ارهاق يصيب الطرفين ويلجأ الي قبول التهدئة حتي يتمكن من التقاط الانفاس والعودة مرة اخري الي حالة عدم التهدئة. واذا نظرنا الي تركيبة الحكم في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية فسوف نجد ادوات جاهزة لنسف التهدئة في اي وقت والعودة الي الربع الاول مرة اخري.. في اسرائيل الحكومة يضغط عليها الصقور الذين يريدون القضاء علي الفلسطينيين بوجه عام، او علي سلاح المقاومة بوجه خاص قبل الحديث عن اي سلام.. وهؤلاء بالطبع يستغلون اي فرصة لاتهام الفصائل بخرق التهدئة فتشتعل الحرب، وكذلك الفصائل لا توجد سيطرة للقيادة العليا عليها وقد يندفع اي فصيل لاطلاق صواريخ انفعالية او انتقامية او لمجرد افساد الهدنة. المسألة صعبة للغاية وليس سهلا استمرار التهدئة.