حذرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الاخير الذي صدر الاسبوع الماضي من ظهور تكتل جديد لمنتجي الغاز الطبيعي علي غرار اوبك يسعي للحفاظ علي اسعار الغاز مرتفعة عن طريق تحكمه في الاحتياطيات ، اذ تأتي تحذيرات الوكالة بعد الانتقادات العديدة التي دأبت علي توجيهها لمنظمة الدول المصدرة للبترول اوبك في السنوات الاخيرة لنتيجة سياساتها للتحكم في السوق العالمية للبترول. وقدمت الوكالة في تقريرها أفكاراً وتصورات تهدف إلي "الحد من ارتفاع نمو الطلب علي الوقود الأحفوري، وزيادة المحاولات للحصول علي موارد طاقة مختلفة من مناطق جغرافية متعددة ومتنوعة، وتكثيف المحاولات لتحسين البيئة". وتصادف نشر التقرير في اليوم ذاته الذي فاز فيه الحزب الديموقراطي بالغالبية في الكونغرس. وكما هو معروف، فإن أعضاء الحزب يؤيدون هذه المنطلقات، بل يذهبون إلي أبعد من ذلك بكثير. لذا يتوقع أن تأخذ هذه التوصيات بعداً مهماً في المرحلة المقبلة. حذرت الوكالة في تقريرها من خفض الإمدادات النفطية التي تعتمد عليها الدول الصناعية من الدول المنتجة خارج "أوبك"، مثل المكسيك وبحر الشمال وأميركا، لأن حقول هذه الدول بدأت تدخل مرحلة النضوب ولن تستطع توفير إمدادات إضافية جديدة مستقبلاً، ما يشكل خطراً جديداً علي الدول الصناعية الغربية. كما حذرت الوكالة، وهذا ليس جديداً، من أخطار العمليات الإرهابية علي المنشآت النفطية في دول الشرق الأوسط. إلا أنها أشارت في الوقت ذاته، وللمرة الأولي، الي أن بعض الدول الشرق الأوسطية تحاول أن تستغل موقعها النفطي المميز، وفي فترة شح الإمدادات، لفرض سياساتها الإقليمية والدولية التي تعارض مصالح الدول الغربية. بمعني آخر، ان الدول الغربية غير راضية عن التغير الحاصل في ميزان القوي الذي يسمح للدول المنتجة باستعمال ورقة النفط في المجال الديبلوماسي. وأضافت الوكالة وفقا لما نشره موقع "بورصة انفو" بُعداً جديداً لمخاوفها لم يَرد سابقاً في تقاريرها، وهو محاولة الدول المنتجة للغاز الطبيعي الولوج في تحالفات واتفاقات لتنسيق استثماراتهم وسياساتهم الإنتاجية لعدم تحقيق طاقة إنتاجية فائضة من الغاز الطبيعي ومن ثم المحافظة علي أسعاره المرتفعة. وما يقلق الوكالة في هذا المجال ليس الجانب الأمني فقط، ولكن أيضاً أن هذه التطورات ستدفع الدول الصناعية الكبري والناشئة الي الاعتماد أكثر فأكثر علي الفحم الحجري في توليد الطاقة الكهربائية، حيث إنه متوفر بكثرة في الولاياتالمتحدة والهند والصين. والخوف هنا أن محاولات تحسين البيئة ستضمحل، بل ستخفق مع ازدياد استعمال الفحم في توليد الكهرباء، لأن الفحم هو أكثر الموارد الهيدروكربونية تلويثاً للبيئة. لذا، فإن اقتراح وكالة الطاقة الدولية للخروج من هذا المأزق هو زيادة الاعتماد علي الطاقة النووية في توليد الكهرباء، ولسببين. الأول، أن المفاعلات النووية "صناعة وطنية"، بمعني أن الدولة المعنية تسيطر علي المفاعلات والوقود في توليد الكهرباء ولا تضطر إلي الاستيراد من الخارج. والثاني، أن الطاقة الذرية لا تلوث البيئة. طبعاً تبقي المشكلة في إقناع المواطنين ببناء مفاعلات قريبة من مدنهم وبيوتهم، وكسر الحاجز النفسي الذي خيم علي العالم بعد حادثتي تشرنوبيل وثري مايل ايسلند، ناهيك عن الكلفة المرتفعة لبناء مفاعلات نووية. والاقتراح الثاني هو زيادة الاعتماد علي الوقود العضوي أو الطبيعي الذي ينتج من النباتات، والذي يشكل حالياً واحداً في المئة فقط من وقود المواصلات العالمي، وحوالي 4 في المئة في 2030 في حال بقاء التقنية علي ما هي عليه الآن. وتكمن مشكلة هذا الوقود في آثار أسعاره علي المواد الغذائية ومستوي الدعم الذي توفره الحكومات للمزارعين من أجل إنجاح هذا البرنامج. وأخيراً، تقترح الوكالة ترشيد استهلاك الطاقة والحد من استعمالها كلما كان ذلك ممكنناً، أو استعمالها بطرق أذكي وأنجع مما هو عليه الوضع الآن.