تعجبت كثيرا من تصريحات السفير الأمريكاني بمصر ريتشارد دوني من أنه قلق علي مستقبل العمالة المصرية التي قد تفقد عملها نتيجة تدفق المنتجات الصينية رخيصة الثمن. وزاد عجبي أن هذا القلق لم يصدر عن وزير القوي العاملة أو من رئيس اتحاد العمال أو من أي مسئول مصري بل من الذراع اليمني للبيت الأبيض في مصر. نقول إن التخوف ليس من انتشار السلع الصينية، بل من انتهاء العصر الذهبي للسلع الأمريكية التي أصبحت قيمتها مرتفعة جدا، وتمت إزاحة نسبة كبيرة منها من السوق المصري بسبب التفوق الذي أحرزه "التنين الأصفر" من تصدير منتجات جيدة ورخيصة الثمن. والواضح أن التاريخ يعيد نفسه، ففي الستينيات انطلق المارد الياباني لانتزاع حصة جيدة من كعكة الصادرات إلي الدول العربية.. وانعكس ذلك بالسلب علي العلاقات التجارية العربية الأمريكية.. واليوم لانطلاقة بكين تنزعج أمريكا بعد أن وصلت المنتجات الصينية إلي عقر دار الولاياتالمتحدة، وتنافست مع مثيلتها سعرا وجودة. السيد السفير.. التباكي علي العمالة المصرية يشبه دموع التماسيح، وبالتالي لن تؤثر هذه السياسة وهذا الكلام في الشارع المصري الذي يكره بالفعل السياسة الأمريكية التي تتعامل مع العرب وأعدائها بمكيالين دائما يتم فيهما الانحياز للعدو، وهذا القول الوحيد الذي صدقتم فيه. وإذا كان حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا في صالح واشنطن، فإن التخوف من أن يتقلص الرقم الحالي إلي النصف أو أكثر بسبب التوجه إلي المنتجات الصينية، وما ينطبق علي مصر سينسحب علي الدول العربية خاصة الخليجية، وبالتالي ستفقد أمريكا جزءا كبيرا من كعكة صادراتها، وبالتالي التأثير سيكون بالسلب علي العمالة الأمريكية بسبب إغلاق العديد من خطوط الإنتاج في المصانع بعد تكدس منتجاتها في المخازن. أخيرا، أرجو أن يكون السيد السفير علي علم بأن التقارب المصري الصيني سينظم العلاقة التجارية وسيحمي الدولتين خاصة مصر من سياسة الإغراق التي يتم التلويح بها من أجل حرمان الشعب من الحصول علي سلع رخيصة الثمن بعد أن عاش عقودا طويلة تحت سيطرة المنتجات الغربية التي كانت تباع له ب"الغلا" و"الكوي".