بعد صدور قرار تصفية شركة النصر للتليفزيون والأجهزة الإلكترونية في فبراير العام الحالي وبعد أن تم من قبلها أيضا تصفية شركة تليمصر، يكون قطاع الأعمال العام قد تخارج نهائيا من صناعة تجميع الأجهزة الإلكترونية. ولعلنا نذكر ان النصر للتليفزيون كانت أول شركة مصرية تعمل في مجال تجميع الأجهزة الإلكترونية وكان مخططا لها ان تكون مدينة الكترونية متكاملة تحظي بإمكانات ضخمة. وهنا يثار تساؤل ما الذي يجعل البدايات الطموحة تنتهي بتعثر وفشل، وهل سوء الإدارة أم ظروف السوق أهم أسباب ذلك الفشل ولماذا رغم الجهود المبذولة لمحاولات إصلاح التعثر تكون التصفية هي الحل الأخير المتاح؟! تأسست شركة النصر للتليفزيون والالكترونيات في يوليو عام 1960 لتكون مدينة الكترونية كاملة علي مساحة 191486 متراً مربعاً لإنتاج أجهزة التليفزيون بكل أنواعها ومقاساتها وأجهزة استقبال التليفزيون من الأقمار الصناعية العادية والحديثة والرقمية والحاسبات الالكترونية وأجهزة الفيديو والراديو والراديو كاسيت وجميع الأجهزة الالكترونية لجميع الاستخدامات. وانفردت النصر للتليفزيون بخدمات ما بعد البيع وتقديمها للضمان والصيانة من خلال امتلاكها ل 42 مركزاً للصيانة، واستطاعت ان تنتج بطاقة إنتاجية تزيد علي 300 ألف جهاز سنويا من خلال عدة خطوط إنتاج مدعمة بأحدث إمكانات الجودة بالإضافة إلي مصنع كامل للتجميع الأوتوماتيكي بالكمبيوتر واكتسبت النصر للتليفزيون خبرة كبيرة من خلال تعاونها مع كبري الشركات العالمية مثل شركة ناشيونال وتوشيبا وسانيو وإن إي سي وشارب وجروندج وجولد ستار. وبجانب مصانع إنتاج التليفزيون امتلكت الشركة عدة مصانع منها مصنع لأجهزة الاتصالات اللاسلكية ينتج أجهزة الإرسال والاستقبال بالتعاون مع شركتي سنسيناتي الأمريكية وتلميت الألمانية بطاقة إنتاجية 2400 جهاز سنويا، كما تمتلك الشركة ايضا مصنعا لأجهزة الاتصالات السلكية بالتعاون مع كبري الشركات العالمية فضلا عن مصنع للشاشات ومصنع للبلاستيك يضم 9 ماكينات ويعمل بطاقة إنتاجية 400كجم/ساعة ومصنع للمشغولات الخشبية يضم 84 آلة من أحدث الآلات لإنتاج الكبائن الخشبية الخاصة بالتليفزيون ويعمل بطاقة إنتاجية حوالي 120 ألف كابينة سنويا، إضافة إلي ما سبق، تمتلك شركة النصر للتليفزيون مصنعا لتشطيب المشغولات البلاستيكية ومصنعا للمشغولات المعدنية ومصنعا للوحة المطبوعة ومصنعا للغلاء الكهربائي ومصنعا للغازات السائلة. أزمات المعسكر الشرقي وبمرور الوقت ظهرت عدة أزمات تسببت في التأثير علي نشاط الشركة ولعل من أهم هذه الأزمات كما يوضح تقرير أعده مظهر عبد الحكيم رئيس مجلس إدارة الشركة السابق هو التحول من الكتلة الغربية إلي الكتلة الشرقية والذي حمل الشركة بأعباء تمثلت في الإهلاك الطارئ لبعض مصانعها وتوقف البعض الآخر، ويأتي بعد ذلك ما سمي بقرض سات وهو من أهم أسباب انهيار الشركة وهذا القرض قد تم بين كل من الحكومتين المصرية والفرنسية بقيمة حوالي 34 مليون فرن فرنسي كقرض طويل الأجل ينتهي عام 2006 ولكن المشكلة أن هذا القرض استخدم لتمويل مستلزمات إنتاج علي أن يتم سداده بالمعادل للفرنك الفرنسي وهو ما حمل الشركة بأعباء الأقساط والفوائد وفروق العملة. المديونية الدولارية وجاءت بعد ذلك القرارات الاقتصادية في 5 يناير 1985 والتي أدت لأخطر مشكلة واجهت النصر للتليفزيون وهي مشكلة المديونية الدولارية لكل من بنكي الاسكندرية والوطني للتنمية وقد بلغت هذه المديونية في 30/6/1993 حوالي 25.7 مليون دولار أمريكي لبنك الاسكندرية و18 مليون دولار للبنك الوطني للتنمية ومع تطور سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري منذ ظهور هذه المشكلة حتي تاريخ إجراءات التسوية نجد أن قيمة الدين تطورت من حوالي 33 مليون جنيه عام 1985 عندما كان سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري 122 قرشا إلي أن وصلت إلي حوالي 146 مليون جنيه قبل فترة إجراء التسوية مع البنوك أي أن الدين تضاعف أكثر من أربع مرات مع تضاعف الفوائد المركبة وقد أدت هذه المشكلة إلي ظهور مجمع العجز المرحل من سنوات سابقة والذي أثر علي مسار الشركة تماما حيث بلغ إجمالي العجز الذي حققته النصر للتليفزيون في 30/6/1994 91.1 مليون جنيه. محاولات تصحيح المسار وبعد عام 1994 بدأت الشركة تحاول تصحيح مسارها بالتصدي لعلاج آثار الخلل في هيكلها التمويلي وذلك بايقاف نزيف فوائد الديون واعتمدت الشركة لاصلاح المسار أسلوب التمويل الذاتي واستطاعت في 31/12/1994 أن تعقد تسوية مع بنك الاستثمار القومي تم بمقتضاها سداد 5.7 مليون جنيه من تمويلها الذاتي مقابل اسقاط البنك للفوائد المرسملة وفي 6/4/1995 تم إجراء تسوية مع البنك الوطني للتنمية لتحويل الدين الدولاري إلي قرض مجدول بالجنيه المصري بدون فوائد بلغ 11 مليون جنيه وتم تخفيضه إلي حوالي 8.2 بعد تنازل البنك عن حوالي 3.4 مليون جنيه.