يري البعض ان سعر 200 دولار لبرميل البترول مبالغا فيه في حالة فرض عقوبات اقتصادية علي ايران بعد رفضها وقف عمليات تخصيب اليورانيوم الا ان نظرة للواقع الاقتصادي للمنطقة تجعل الرقم يبدو منطقيا، خصوصا وانها ليست المرة الاولي التي تدفع ايران اسعار النفط للصعود بل ان الاسعار العالمية لم تشهد الارتفاعات بفعل التوترات السياسية خاصة الخليجية منها الا منذ بدء الكلام عن نشوء الجمهورية الاسلامية الايرانية عام 1980 ، وها هي الان تدفع بالارتفاع التاريخي الثاني الي الظهور. ويعد كل من إيران وإسرائيل سببا ً في ارتفاع أسعار النفط 12 ضعفاً في الفترة من عام 1972 إلي 1981 فسعر برميل النفط الخام قد قفز من 3 دولارات في عام 1972 إلي 35 دولاراً في بداية عام 1981 وهي الفترة الزمنية التي استغرقتها حرب العرب مع إسرائيل وفرض حظر تصدير النفط من جانب الدول العربية ثم الثورة الإيرانية وبعدها غزو العراق إلي إيران فهل هذه المعلومات تعني شيئاً في الوقت الحالي ؟ فأي محاولة لتخمين أسعار النفط علي المدي القصير أو الطويل وفقاً للمعطيات الحالية يتوجب في البداية فهم تاريخ الشرق الأوسط لأن هذه المنطقة من العالم والتي تقع علي بحر من النفط هي التي تتحكم في الأسعار وفقاً للتاريخ فالسوق العالمية حساسة للغاية لأي اضطراب في المعروض وخصوصاً في ظل اعتماد النمو الاقتصادي في العالم علي النفط أكثر من ذي قبل والآن فأن المتعاملين في السوق تعلموا من القفزات السابقة في الأسعار أن الشرق الأوسط في حال اضطرابه يتغير لحن الأسعار وتحدث تغيرات يمكن أن تستمر لفترة طويلة أو قصيرة إلا أن المؤكد أنها تحمل الأثر السيئ علي الاقتصاد العالمي. اختلاف الصورة .. ومن ناحية أخري فأن الصورة اليوم مختلفة قليلاً عن تلك الصورة في السبعينات والثمانيات فالآن نجد السوق ضيقاً للغاية نتيجة نمو الطلب ففي الماضي كانت السوق تعاني من الاضطرابات الحقيقة المادية حيث كانت المشكلة في عام 1973 هي حظر تصدير النفط من جانب الدول العربية في إطار الحرب مع إسرائيل وفي عام 1979 كانت الثورة الإيرانية ولكن بمجرد أن انتهي التوتر في الشرق الأوسط وفي إيران فقد عادت السوق إلي طبيعتها ومن جديد فأن إيران تطالب الآن بالثورة النووية وفي الماضي كانت تحتجز الرهائن ورغم الفارق بين السببين إلا أن القلق من اضطراب المعروض من إيران لا يزال يمثل قلقاً وبعد أن كانت الحرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل عادت اليوم لتكون بين إسرائيل للبنان وتهديد بغزو إسرائيلي جديد إلي لبنان ليثأر من جديد القلق بأمكان تصعيد نطاق هذه المعارك إلي سوريا وإيران وفي حالة حدوث هذا السيناريو من المؤكد أنها ستكون كارثة بكل المقاييس. ويري محللون أن إمدادات المعروض من البترول الخام من ايران ثاني اكبر المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول اوبك ارتفعت علي الارجح الشهر الماضي بسبب المبيعات من المخزون، وتقول بترولوجستكس وهي مؤسسة استشارية تتابع شحنات النفط انه من المتوقع أن تكون ايران ضخت اربعة ملايين برميل يوميا في يوليو او ما يزيد ب 200 الف برميل عن التقدير المبدئي لشهر يونيو الماضي، وقال محمود بهرواند رئيس تنسيق الواردات والصادرات في شركة النفط البحري الايراني ان ايران باعت 12 مليون برميل من الخام من حقلي سوروش ونيروز في الشهرين الماضيين، وتم تقدير المخزون الايراني بنحو 20 مليون برميل -او ربع الطلب العالمي اليومي من النفط. فائض أوبك .. وفي خطة دولية لمواجهة اي نقص بإمدادات النقص وبالتالي في محاولة للسيطرة علي الارتفاعات المرتقبة قال رئيس وكالة الطاقة الدولية إن الوكالة ستتطلع الي شركاء ايران في منظمة أوبك لزيادة إنتاجهم النفطي اذا عمدت ايران الي خفض إمداداتها في نزاعها النووي مع الغرب، وقال كلود ماندل مدير عام وكالة الطاقة الدولية "نحن مستعدون لاحتمال الإفراج عن مخزونات الطواريء كعادتنا دائما في وكالة الطاقة الدولية."وأضاف "لكننا نعتقد أن مخزوناتنا الاستراتيجية للاستخدام فقط في حالة تعطل حقيقي للإمدادات وبعد استنفاد البدائل الاخري لاسيما الطاقة الفائضة لاوبك"، وكان ادموند داوكورو رئيس أوبك استبعد في وقت سابق هذا العام أن تتدخل المنظمة إذا قامت ايران ثاني أكبر منتج في أوبك بخفض صادراتها النفطية. وقال ان المنظمة لا تريد التورط في نزاع سياسي. وقد بعثت ايران سابقا رسائل متباينة الي أسواق النفط مع تطور النزاع هذا العام، فقد قال مسئولون في بعض الاحيان انه ليست لديها النية لخفض صادراتها البالغة 2.4 مليون برميل يوميا. لكن في وقت سابق من هذا الشهر حذر علي لاريجاني كبير مفاوضيها النوويين الغرب من "ارغامنا علي شيء سيجعل الناس ترتعد في البرد.