وسط تهديدات أمريكية وأوروبية بإحالة ملفها النووي لمجلس الأمن وتجاهل إيراني نسبي لتلك التهديدات أملا في موقف روسي وصيني مرن، لوحت ايران في خضم النزاع باستخدام "سلاح البترول" في حالة احالة ملفها الي مجلس الأمن ومن ثم التمهيد لفرض عقوبات اقتصادية علي أدني تقدير، إلا ان استخدام ايران للنفط لخفض الضغوط عليها يري البعض انه الطريق الوحيد لتفادي مثل هذه العقوبات في حين يري البعض الآخر ان الأهمية الكبري لصادرات البلاد من البترول والتي تمثل 80% من دخلها تستبعد استخدام ايران لهذا الخيار .. وما بين الفريقين تبرز أهمية التلويح باستخدام سلاح البترول كإحدي أوراق الضغط علي الاقتصاديين الامريكي والاوروبي. نجاح أمريكي فقد نجحت السياسة الأمريكية في الأيام القليلة الماضية في جذب الترويكا الاوروبية الي موقفها المتشدد إزاء الملف النووي الايراني بعد ان ظل الأوروبيون يحاولون التفاوض من اجل إنهاء الأزمة مع طهران عبر المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الا ان قرار ايران بأن تتحدي الولاياتالمتحدة وأوروبا والوكالة الدولية عبر نزع أختام الوكالة في ثلاثة مواقع إيرانية حتي تتمكن من استئناف تخصيب اليورانيوم، وهو خطوة أساسية في صنع القنبلة. وتزداد اللهجة حدة منذ أسابيع بين ايران من جهة وبين الولاياتالمتحدة والترويكا الاوروبية (فرنسا والمانيا وبريطانيا) من جهة اخري بحيث بات من المحتمل رفع الملف النووي الإيراني الي مجلس الأمن الدولي. "سلاح البترول" ومع هذا التحول في الموقف الأوروبي. لجأت إيران التي كانت تطالب العرب بأن يستخدموا نفطهم للوقوف في وجه "الشيطان الأكبر" وجدت نفسها تهدد الغرب بأنها ستستخدم البترول كسلاح وستوقف صادراتها البترولية إذا عرقلت الدول الغربية برنامج إيران النووي. حتي بلغت ذروتها عندما صرح رئيس الوزراء الجديد بأن إيران ستستخدم سلاح البترول إذا تمت إحالة ملفها النووي إلي مجلس الأمن. ويري بعض الخبراء ان تلويح ايران باستخدام سلاح البترول تبلور في ارتفاع قياسي لاسعار الخام عالميا، إذ تجاوز مستوي 67 دولاراً للبرميل في نيويورك الأسبوع الماضي وهو ما يهدد الاقتصاد الامريكي بشكل غير مباشر والاقتصاد الصيني بشكل مباشر نظرا لتأثر الاولي بارتفاع الأسعار عالميا والثانية بحجم وارداتها من البترول الايراني في حين تبقي المصالح الروسية والعلاقات التجارية واستثمارات شركاتها في ايران في مقدمة الاجندة الروسية التي كثفت من جهودها لاحتواء الأزمة في حين تمثل الشركات الفرنسية والبريطانية العاملة في ايران والأرصدة الإيرانية في البنوك الاوروبية ورقة ضغط علي الترويكا الاوروبية جعلتها تقلل من أهمية تحويل ملف ايران النووي لمجلس الأمن مستبعدة فرض العقوبات. ومن ثم وبناء علي ما سبق يري المحللون ان التلويح باستخدام سلاح البترول الي جانب المصالح الاوروبية والروسية في ايران تجعل من هذا السلاح أداة فعالة سبق ون استخدمته فنزويلا في وجه السياسة العدائية الأمريكية تجاهها. خسائر مشتركة وعلي الجانب الآخر يقلل بعض المحللين من مدي فاعلية استخدام إيران سلاح البترول، إذ يرون انه لن يؤثر في إمدادات البترول الأمريكية لأن الولاياتالمتحدة لا تستورد البترول الإيراني منذ أكثر من عقدين من الزمن، وبالتالي فان معاناة الولاياتالمتحدة ستتمثل في ارتفاع الأسعار فقط، ويمكنها التخفيف من تلك المعاناة عن طريق استخدام الاحتياطي الاستراتيجي. أما الأوروبيون فإنهم سيلجأون إلي استيراد المزيد من أفريقيا ودول الخليج، وسيقومون بزيادة معدلات التشغيل في مفاعلات الطاقة النووية، وسيستخدمون الاحتياطي الاستراتيجي. ويؤكد الخبراء ان ايران التي تملك 10% من الاحتياطي العالمي للنفط و 15% من احتياطي الغاز الطبيعي هي "بدون أدني شك أحد مفاتيح مستقبل" الطاقة في الكرة الأرضية. اللازمة الحالية تعرقل استثمارات حيوية مما قد يسفر عن دفع ثمن ذلك في وقت لاحق. المتفائلون ويري بعض المحللين المتفائلين ان الأمور لن تصل الي هذا الحد، فالجانبان يلوحان بسيوف خشبية وليس لاي منهما مصلحة في الظروف الحالية في استخدام ما يمكن ان يلحق ضررا فعليا بالطرف الاخر، اي سلاح البترول. ويشير الخبراء في تفسيرهم للظاهرة بانها ظاهرة "تبعية مزدوجة" لان دولة مثل ايران التي يرتبط 80% من عائداتها من العملات الصعبة علي البترول ستشعر بالضيق اكثر من زبائنها في الاوقات العادية في حالة وقف صادرات البترول. اما الآن وفي الظروف الحالية من التوازن الهش بين العرض والطلب في السوق البترولية يقود الي ان الطرفين سوف يتضررن. إلا ان أسواق البترول قد عكست آراء الفريق الأول، فقد ارتفع سعر برميل البترول في نيويورك 10% منذ مطلع السنة بحيث تجاوز 67 دولارا ويميل بشكل جدي باتجاه السعر التاريخي الذي حققه نهاية أغسطس الماضي (85،70 دولار). كما أسرع المتعاملون الي احتساب ما يعنيه توقف الصادرات الإيرانية وخسارة 2.6 مليون برميل يوميا من أصل أربعة ملايين تنتجها ايران. وهذا الحجم مهم جدا بالنسبة للاستهلاك العالمي للبترول (84 مليون برميل يوميا) لكن الامر يشكل خطرا اذا أخذنا في الاعتبار التوتر الذي تشهده السوق البترولية منذ عامين او ثلاثة نظرا لارتفاع حدة الطلب الصيني علي هذه المادة.