لم تكن تتوقع السيدة "ن.ع"، البالغة من العمر 63 عامًا، أن الصداع المزمن الذي لازمها لأكثر من 15 عامًا كان يخفي خلفه قنبلة موقوتة داخل المخ. فالمريضة، المصابة منذ سنوات بضغط الدم المرتفع والسكر، كانت قد اعتادت على آلام الرأس المتكررة، وتعاملت معها كأمر واقع، حتى تحوّل الصداع إلى ما يشبه العاصفة الصحية التي كادت أن تودي بحياتها. في لحظة مفاجئة، بدأت حالتها الصحية تتدهور بشكل حاد؛ أصبحت غير قادرة على المشي، فقدت القدرة على التحكم في البول، وظهرت عليها علامات خلل في درجة الوعي والسلوك، ما دفع ذويها لنقلها على الفور إلى قسم الطوارئ بمستشفى 15 مايو التخصصى، أحد الصروح الطبية التابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة. جرح غامض في الجبهة يكشف المستور حين وصلت المريضة إلى المستشفى، كان على جبهتها جرح مفتوح، ووراءه كيس شفاف لامع أثار دهشة الفريق الطبي. وفورًا، أُجريت لها أشعة مقطعية على المخ كشفت وجود أكياس كبيرة في الفص الأمامي الأيمن للمخ، مع ارتفاع خطير في ضغط الجمجمة، ما شكّل تهديدًا مباشرًا للحياة، وفرض تدخلًا طبيًا عاجلًا لا يقبل التأجيل. جراحة عاجلة لإنقاذ الحياة بقيادة فريق متميز من جراحة المخ والأعصاب، وتحت إشراف مباشر من إدارة المستشفى بقيادة الدكتور رومانى ثابت مدير مستشفى 15 مايو، تم اتخاذ قرار فوري بإجراء تدخل جراحي لإنقاذ حياة المريضة. وتم فتح الجمجمة وإزالة الأكياس المائية من المخ، مع تفريغ الضغط المتراكم. وخلال العملية، لاحظ الفريق الطبي أن طبيعة الأكياس تختلف عن المعتاد، ليتم إرسالها إلى التحليل الباثولوجي، الذي كشف عن مفاجأة طبية نادرة: الكيس كان ناتجًا عن عدوى طفيلية تُعرف باسم "الكيس المائي" أو Hydatid Cyst، وهو مرض نادر تسببه الإصابة بطفيلي "الإيكنوكوكوس"، وينتقل غالبًا من خلال الاتصال المباشر أو غير المباشر بالحيوانات مثل الكلاب. تعافي مبهر بعد الجراحة ما حدث بعد الجراحة كان بمثابة معجزة طبية بكل المقاييس. خرجت المريضة من غرفة العمليات بكامل وعيها، وبدأت في استعادة قدرتها على المشي، كما استعادت السيطرة على البول، وانخفضت حدة الصداع بشكل ملحوظ. وأكد الفريق الطبي أن سرعة التشخيص والتدخل الجراحي في اللحظة المناسبة كانت العامل الأساسي في إنقاذ المريضة من مضاعفات قد تكون مميتة، مشيرين إلى أن هذه الحالة تُعد من الحالات النادرة التي تُسجل نجاحًا لافتًا داخل المؤسسات العلاجية التابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة. تحت رعاية القيادة الطبية للأمانة جاء هذا الإنجاز الطبي تحت رعاية الدكتورة مها إبراهيم، رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، والدكتور أحمد رزق، نائب رئيس الأمانة، والدكتور إسحق جميل، نائب رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، الذين يواصلون دعمهم المستمر للمستشفيات النموذجية وتوفير البيئة المثالية لنجاح التخصصات الدقيقة، وعلى رأسها جراحات المخ والأعصاب. ويُعد ما تحقق داخل مستشفى 15 مايو ترجمة حقيقية لتوجه الدولة نحو الارتقاء بالمنظومة الصحية، وتفعيل الدور المحوري لمستشفيات الأمانة في تقديم رعاية فائقة متخصصة، وفق أحدث المعايير العالمية، مع الاعتماد على كوادر طبية تمتلك مهارات عالية وخبرة نوعية في التعامل مع الحالات الحرجة والمعقدة. رسالة صحية عاجلة: لا تستهينوا بالصداع المزمن وجّهت إدارة مستشفى 15 مايو التخصصى، رسالة توعية مهمة إلى المواطنين: لا تستهينوا بالصداع المستمر، خاصة إذا صاحبه تغير في الوعي أو الحركة أو السلوك. فالصداع، وإن بدا بسيطًا، قد يكون مؤشرًا على مرض خطير داخل المخ، والتشخيص المبكر قد يُنقذ حياة. وشدّد الأطباء على أهمية متابعة الأعراض العصبية وعدم تجاهلها، مؤكدين أن ما حدث مع المريضة "ن.ع" هو دليل حي على أهمية التوجه إلى المستشفيات المتخصصة فور الشعور بأي تغيّرات صحية مفاجئة أو غير معتادة. كواليس الفريق الطبي.. وتوقيع النجاح نجاح هذه الجراحة النادرة لم يكن ليتحقق لولا الجهد المتكامل لفريق جراحة المخ والأعصاب بمستشفى 15 مايو، الذي ضم نخبة من الكفاءات الطبية، حيث قاد الفريق الدكتور حسام الصياد، استشاري ورئيس قسم جراحة المخ والأعصاب، وشارك في إجراء الجراحة الدكتور أحمد الغيطي، استشاري ورئيس قسم القسطرة المخية، إلى جانب الدكتور عبد الرحمن صلاح، أخصائي جراحة المخ والأعصاب، والدكتور شهاب محمد، الطبيب المقيم بالقسم. وقد مثّل هذا الفريق نموذجًا للتنسيق والتكامل والاحترافية في التعامل مع واحدة من أعقد الحالات النادرة، تحت إشراف مباشر من إدارة المستشفى بقيادة الدكتور رومانى ثابت، مدير مستشفى 15 مايو، في إنجاز يُسجل ضمن النجاحات النوعية التي تحققها مستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة.