نجحت المقاومة اللبنانية "مقاتلو حزب الله" في تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة اعترف بها العسكريون الإسرائيليون، وتراوحت هذه الخسائر ما بين دبابات "ميركافا" شديدة التحصين التي يتباهي بها الجيش الإسرائيلي، والبيانات تؤكد خسارة إسرائيل لعدد كبير من هذه الدبابات يقدر بالعشرات، كما خسرت إسرائيل جنودا يقدر عددهم بأكثر من 100 قتيل ومئات الجرحي، وكذلك سقوط مدنيين في المستوطنات الشمالية ومدينة حيفا فضلا عن الممتلكات والخسائر المادية الأخري. وتركز الدعاية "العربية" علي هذه الخسائر وكأنها الهدف من الحرب التي ألحقت دمارا واسعا بلبنان وعجز المجتمع الدولي عن إيقافها لمدة واحد وثلاثين يوما استغرقها ميلاد القرار 1701 الذي لم يفرض وقفا لإطلاق النار بل قرر وقف الأعمال الحربية. وبعد المخاض العنيف للقرار الدولي قبل به الطرفان، وافقت إسرائيل ووافق لبنان بما في ذلك "حزب الله". وكان حزب الله قد أعلن من قبل أنه لن يقبل بوجود جندي إسرائيلي علي أرض لبنان، ومازال يقول بأن المقاومة "رد فعل" وهي حق مادامت هناك أرض محتلة.. وهذا صحيح ولكن قبول الحكومة اللبنانية بالقرار الدولي رغم التحفظات الداخلية التي أبداها حزب الله يضع علي الحزب التزاما ثقيلا وقيدا علي دوره الاقليمي ويضع الجرس في رقبة الحكومة اللبنانية التي من المفترض وفق القرار الأممي أن تحول دون هجمات "المقاومة" علي شمال إسرائيل. علي أن المهمة التي ستواجه الحكومة اللبنانية هي الفقرة الخاصة بنزع سلاح حزب الله وإن لم يرد ذلك صراحة بالقرار الذي نص علي عدم وجود سلاح غير سلاح الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، كما أتاح القرار نظريا ولأول مرة للحكومة اللبنانية أن تبسط سيطرتها علي كل الأراضي اللبنانية. ومن هنا نري أن القرار 1701 لم يعكس فقط نتائج الحرب المفتوحة بين حزب الله وبين إسرائيل ولكنه عكس رغبة الدول الكبري في تقليص نفوذ حزب الله في لبنان والحد من دوره الاقليمي الذي يقوم فيه بدور "البطل" المقاتل الذي يحرص علي الاختيار العسكري في مواجهة الاختيارات التي تحاول الولاياتالمتحدة فرضها علي المنطقة بشروط إسرائيلية. ويتساءل الناس: ألم يكن ممكنا لمجلس الأمن أن يوقف إطلاق النار قبل تدمير لبنان بهذه الصورة البشعة؟ والجواب أن الرغبة في إيقاف الحرب لم تكن متوافرة، وهم قالوا ذلك بوضوح، وحين أصبح من الممكن أن يقبل حزب الله بالتعاون مع الحكومة اللبنانية بدأت تجربة تقوية الحكومة اللبنانية والحد من الدور الاقليمي الذي يلعبه حزب الله الذي عليه أن يواجه أحد اختيارين، فإما أن يذوب في الحكومة اللبنانية أو يعارضها سياسيا، وإما أن يرفض ويصر علي دور اقليمي غير مصرح به للحكومة اللبنانية.