أسفرت مجازر اسرائيل الدموية في قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية عن سقوط عشرات القتلي والجرحي من الفلسطينيين غالبيتهم من الاطفال والنساء وكان ذلك بمثابة فتح مباشر لمعركة شرسة ضد الشعب الفلسطيني استثمرت فيها الدولة الصهيونية الحصار الدولي المفروض علي ابناء هذا الشعب للامعان في خنقهم وجري التصعيد الاسرائيلي المتواصل ضد الفلسطينيين في ظل جمود الجهود السياسية للعثور علي حل انها جرائم اسرائيلية مبرمجة تجاوزت جميع القوانين وما كان لحماس ان تلتزم موقف المتفرج ومن ثم تعّهد الجناح العسكري للحركة "كتائب القسام" يوم الجمعة الماضي استئناف هجماته ضد اسرائيل وهي الهجمات التي كانت قد توقفت منذ مارس من العام الماضي عندما اعتمدت حماس سياسة التهدئة اثر اتفاق القاهرة. قتل مبرمج إن ما قامت وتقوم به اسرائيل هو سياسة تتعمد من خلالها التصعيد ضد حماس وبعض الفصائل القريبة في محاولة منها لممارسة ضغوط اضافية لاخضاعها انها مجازر لكسر إرادة الشعب وتمرير المشاريع الصهيونية التصفوية في مرحلة غابت فيها اية جهود دولية لكبح جماح اسرائيل ومن ثم مضت اسرائيل في انتهاج عملية قتل مبرمجة مستثمرة الحصار الحالي المفروض علي الفلسطينيين مع الصمت الامريكي بل ان اسرائيل اكدت بحربها الاستنزافية وهجماتها المتعددة علي غزة والتي طالت المدنيين علي شاطئ البحر في بيت لاهيا يوم الجمعة الماضية بان كل الشعب الفلسطيني مستهدف. المقاومة هي الخيار وباصرار اسرائيل علي المضي قدما في جرائمها البشعة ومع استمرار المجتمع الدولي علي موقفه الباهت المخزي واصرار ادارة بوش علي دعم ومباركة سياسات اسرائيل العدوانية سيتعين علي الفلسطينيين الآن التمسك بالمقاومة كخيار وحيد فهي حق مكفول لهم لمجابهة جرائم الاحتلال فلكل فعل رد فعل وما كان من الممكن التمسك بالتهدئة والوضع علي ما هو عليه الآن من ترد وما كان من الممكن ان يستمر الفلسطينيون في الحفاظ علي التهدئة بينما اسرائيل تُصعد من جرائمها وحربها المسعورة. توقيت مشبوه اعتدات اسرائيل علي ان تصعد من هجماتها علي الفلسطينيين في أعقاب زيارة كبار مسئوليها لكل من مصر والأردن ففي أعقاب لقاء الرئيس مبارك وايهود أولمرت في شرم الشيخ في الرابع من الشهر الحالي وهو اللقاء الذي جاء بعد يومين من قتل اسرائيل لعنصري شرطة مصريين كانا مرابطين عند محور صلاح الدين قامت اسرائيل بقصف اغتالت معه عناصر فلسطينية. الأمر نفسه تكرر ولكن علي مستوي اعنف في أعقاب لقاء الملك عبد الله ملك الاردن وايهود اولمرت في عمان في الثامن من الشهر الحالي متزامنا مع اللقاء شنت اسرائيل مجموعة من الغارات علي غزة قتل فيها جمال أبو سمهدانه والذي كان قد عين مراقبا عاما لوزارة الداخلية الفلسطينية وهو ما اعتبر استهدافا لحكومة اسماعيل هنية وقتل معه ثلاثة ممن ألوية الناصر صلاح الدين وتبعتها اسرائيل في اليوم التالي بأكثر من غارة علي غزة راح ضحيتها عشرات القتلي والجرحي من بينهم نساء واطفال. رسالة خبيثة ولعل الرسالة التي تريد اسرائيل ايصالها للعالم هي انها لا تعير دول المنطقة اي اهتمام وانها تمضي في سياستها العدوانية غير عابئة بالمجتمع الدولي ككل اذ تدرك انه لا يحرك ساكنا وبالتالي فهي لا تخضع لاي حساب أو مساءلة لاسيما وان ادارة بوش تدعمها في كل تحركاتها وهناك رسالة خبيثة يشي بها التوقيت الذي اختارته اسرائيل لتنفيذ عمليات الاغتيال ضد الكوادر الفلسطينية ألا وهي احراج النظامين في مصر والاردن حيث ان تنفيذ العمليات في أعقاب اللقاءات من شأنه ان يمنح انطباعا مفاده ان هناك موافقة ضمنية من قيادتي الدولتين علي النهج الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وان الجميع سيلتزم الصمت للمساومة علي ان يظفر بدور في عملية السلام التي لا وجود لها اصلا علي ارض الواقع اليس غريبا ان يجتمع اولمرت مع الرئيس مبارك والملك عبد الله ويؤكد لكل منهما انه ملتزم بخريطة الطريق واحراز تقدم في عملية السلام ثم يمضي في تصعيد عمليات الاغتيال والتصفية للكوادر الفلسطينية غداة الزيارتين؟! إسرائيل لا تريد السلام لقد مضي شارون الي حال سبيله بعد ان طبق خطة احادية انسحب علي اثرها من غزة بيد ان الانسحاب من غزة لم يكن بداية لعملية السلام وانما بدا وكأنه نهاية لها وقبل رحيل شارون عن مقعد رئاسة الوزراء كشف المزيد عن نواياه فلقد اراد تحويل الضفة الغربية الي كانتونات وجزر منفصلة بعضها عن البعض ومن ثم جاء خلفه اولمرت ليطبق الخطة نفسها واحتفظت اسرائيل بحق اعادة اقتحام المناطق في غزة التي انسحبت منها وهو ما يحدث يوميا الآن. اسرائيل لا تريد السلام واولمرت يتبني نهج شارون باسقاط التفاوض مع الفلسطينيين وبالتالي يستبق النتائج فيما يتعلق بقضايا الوضع النهائي -الحدود- القدس- اللاجئون- المستوطنات ولقد رأينا كيف ان اسرائيل تسعي اليوم الي تحديد حدودها النهائية عبر خطة احادية اما القدس فقد ضمتها علي ارض الواقع وبالنسبة لعودة اللاجئين اسقطتها أما المستوطنات فقد جمعتها في تكتلات كبري لتصبح تحت سيادتها والواقع انه كان يتعين علي مصر ان تقول لاسرائيل انها اذا كانت تريد السلام فلابد ان تسرع في التفاوض وان تتوقف عن الابادة الجماعية والا لماذا تطالب الفلسطينيين بالتخلي عن المقاومة كشرط مسبق للتفاوض؟!