الارتفاعات القياسية لأسعار الذهب في الأسواق العالمية أدت إلي ارتفاع قيمة احتياطي الذهب في مصر المحفوظ لدي البنك المركزي من 779 مليون دولار إلي مليار و200 مليون دولار في نهاية يونيو الجاري، وهو التوقيت الذي يقوم خلاله البنك المركزي بإعادة تقييم ذلك الاحتياطي في كل عام. "الأسبوعي" طرحت العديد من التساؤلات المطروحة حول ذلك الاحتياطي المجهول للكثيرين ومن بينها تكلفة الاحتفاظ به.. ومدي العائد التي يجنيه الاقتصاد القومي من ذلك وما دور ذلك الاحتياطي في ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية.. ولماذا نحتفظ به.. وهل يمكن التفكير في اعادة توظيفه واستغلاله اقتصاديا كما تقترح دراسة أعدها أحد البنوك الكبري والأهم ما عواقب ذلك في ظل النتائج السلبية لتجربة بيع روسيا لجزء من احتياطي الذهب لديها؟ نقطة البداية في ذلك التحقيق هي الدراسة الشهرية الصادرة عن البنك الأهلي في ابريل الماضي تحت عنوان "تطور الاحتياطيات الدولية في مصر في ظل برنامج الاصلاح الاقتصادي"، رفض بعض الخبراء الاقتصاديين للاحتفاظ بمخزون من الذهب كاحتياطي دون استغلال او استثمار وجاء في نص التقرير ان عدم الاعتراف بالذهب من قبل العديد من المتخصصين كعنصر رئيسي من العناصر المكونة للاحتياطيات الدولية يأتي لعدم امكانية استخدامه بشكل مباشر نظراً لصعوبة تسييله سريعا، وتعرض سعره العالمي لتقلبات شديدة ومستمرة، نظرا لكونه سلعة لها سوق حرة، ولا تتعرض للتدخل والرقابة من الحكومات او المنظمات الاقتصادية. كما يؤكد الدراسة ان الاحتفاظ بالذهب لا يدر عائدا بل يمثل تكلفة مرتفعة، الا انه لا يزال يستخدم علي نطاق كبير في الاحتياطيات الدولية ويستخدم عند الضرورة لتسوية علاقات المديونية والدائنية في السوق العالمي. البيع مرفوض ومن جانبه ينفي طارق عامر نائب محافظ البنك المركزي نفيا قاطعا في مجرد التفكير في اعادة توظيف واستغلال احتياطي الذهب لدي البنك المركزي المصري ليس فقط للمخاطر المرتبطة بتوظيف الذهب اقراضا أو ببيع جزء منه ولكن لما يمكن ان يحدثه ذلك من بلبلة نفسية مشيرا الي ان الاحتفاظ به لا يشكل تكلفة مرتفعة كما يحتفظ البنك بالمعلومات الخاصة بحجم هذا الاحتياطي بالاونصة ونوعية الذهب وقال انه لا يوجد اي دافع للافصاح عن هذه المعلومات. غطاء الاصدار ويوضح اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الاسبق ورئيس بنك مصر ايران ان فكرة احتياطي الذهب لدي البنك المركزي تقوم علي أساس ان كل البنوك المركزية في العالم تحتفظ بمخزون من الذهب يسمي بغطاء الاصدار ويشير الي ان ما يمتلكه البنك المركزي من احتياطي الذهب لا يتم التصرف فيه بالبيع او الشراء وعندما يرتفع السعر العالمي للذهب تزداد بالتالي قيمة احتياطي الذهب كغطاء جزئي للعملة مؤكدا ان ذلك اجراء متبع في معظم البنوك المركزية التي تحتفظ بغطاء ثابت من احتياطي الذهب ولكن بعض البنوك المركزية تخلف عن جانب من ارصدتها الذهبية لاحتياجها للسيولة مثل البنك المركزي الروسي في حين ان مصر لا تواجه ما يدفعها للمخاطرة بما لديها من احتياطي في الذهب. من ناحية اخري يشير محافظ البنك المركزي الاسبق الي انه يتم في بعض الحالات اقراض الذهب لدي البنوك الاخري علي ان يتم استعادته بعد فترة مقابل عائد ورغم ان هذا الاجراء يعد اكثر الاساليب المتبعة لتحقيق عائد من احتياطي الذهب الا ان بعض البنوك ومنها البنك المركزي المصري لا تفضل عملية الاقراض نظرا للمخاطر التي قد تنجم عن عمليات نقل الذهب للخارج ومصاريف شحنه وتأمينه وحراسته، وهي مصاريف باهظة تجعل عائد الاقراض في النهاية غير مجد. كما توجد حالات يقوم البنك المركزي في الدول باقراض جزء من احتياطي الذهب لديه لتجار المشغولات الذهبية العالميين علي أن يتم سداده بشرائه من السوق العالمي، ويتضمن ذلك أيضا مخاطر في عمليات النقل والتأمين والحراسة ويؤكد اسماعيل حسن أنه لا توجد دولة تحبذ عملية اعادة توظيف أو استثمار ماليها من احتياطي في الذهب إلا إذا كانت توجد أزمة في حجم السيولة لديها كما أن ارتفاع أسعار الذهب عالميا يرفع بالتالي قيمة الاحتياطي من الذهب فهو استثمار في حد ذاته. البيع المشروط ويسلط د.رشاد عبده الخبير المالي ببنك مصر أمريكا الدولي الضوء علي التطور التاريخي لاستخدام الذهب كغطاء للعملات مشيرا إلي أن اختيار معدن الذهب لأنه معدن نادر يحتفظ بقيمته وكيانه ولذلك اختاره الخبراء الاقتصاديون ليكون غطاء مقابلاً لما تصدره أي دولة من عملات بحيث يمكن استبدال العملات الورقية بما تساويه من ذهب وكذلك النسبة التي تتعامل البنوك في البداية هي 100% ثم تم تخفيض هذه النسبة إلي 50% بحيث تحتفظ كل دولة بنسبة 50% من إصدارها للعملة بما يقابلها من الذهب ليكون احتياطيا للأمان والضمان في حين تذهب نسبة ال50% الباقية إلي اذون الخزانة سواء في دولة أكثر ثراء أو من الدولة المصدرة للعملات.