قدم الرئيس حسني مبارك رؤيته ورؤية مصر لمستقبل المنطقة وواقعها الجديد في كلمته في افتتاح المنتدي الاقتصادي الدولي "دافوس" وأكد علي مواصلة الإصلاح النابع من داخل المنطقة ومن فوق أراضيها لتحقيق طموحات الأجيال الجديدة. وقال الرئيس إن انعقاد المنتدي الاقتصادي الدولي في شرم الشيخ يأتي في مرحلة مهمة من تاريخ الشرق الأوسط، بما شهدته من تطورات وإنجازات سياسية واقتصادية خلال العامين الماضي والحالي، وبما صاحب ذلك من تفاؤل وتطلعات وفرص، وما انطوي عليه من مصاعب وتحديات. وقال مبارك للمشاركين إن اجتماعاتكم تنعقد تحت مسمي "وعد لجيل جديد"، بما يحمله ذلك من دلالات ذات مغزي، تلخص آمال وتطلعات شعوب الشرق الأوسط، لمستقبل يحمل السلام والازدهار للجميع. يؤكد هذا المنتدي المهم العلاقة الترابطية بين السلام والازدهار، والعلاقة المماثلة بين سلام وأمن الشرق الأوسط، والأمن الأورومتوسطي والأوروأطلنطي.. وانعكاسات الوضع في هذه المنطقة من العالم، علي السلم والأمن الدوليين، وعلي استقرار ونمو الاقتصاد العالمي برمته. إن سلام وازدهار الشرق الأوسط، هو جزء لا يتجزأ من سلام وازدهار العالم، فبرغم ما تموج به هذه المنطقة من أحداث، فإنها تحمل في طياتها امكانيات هائلة، أثق أنها ستفتح الطريق للوفاء بهذا الوعد، لأجيالها الجديدة. وقال الرئيس إن مسئوليتنا في هذا المنعطف من تاريخ البشرية، تحتم أن نرسي معاً أسساً واضحة للتعامل مع هذا العالم المتغير، آفاقه وآماله وفرصه ومكاسبه، التي تتيحها ثورة المعلومات ومنجزات التكنولوجيا الحديثة، وتحدياته وصعوباته ومخاطره التي تجسدها الفجوة الآخذة في الاتساع بين أغنياء العالم وفقرائه، والاختلال القائم في النظام الدولي الراهن علي المستويين السياسي والاقتصادي، وتصاعد مخاطر الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. إن أعباء هذه المسئولية، انما تقع علي الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء، كي نخلص سوياً لعولمة ذات وجه إنساني.. تحقق النفع للجميع، وتدعم قدرتنا علي تجاوز ما نواجهه من تحديات. إننا نواجه معاً تحدي الزيادة المطردة في أسعار الطاقة، علي نحو يهدد أداء الاقتصاد العالمي بوجه عام، وأعداداً كبيرة من الدول النامية المستوردة للبترول بوجه خاص. ونواجه اختلالات هيكلية مزمنة، في الموازنات العامة لبعض الدول المتقدمة الكبري، وانعكاساتها الراهنة علي تدفقات رءوس الأموال العالمية، وما تنطوي عليه من مخاطر في المستقبل.. عندما يتعرض الاقتصاد العالمي لأزمة تصويب حادة، لدي تشبع الأسواق العالمية بالإقراض لتلك الدول. وهناك اختلالات مماثلة في أسعار الصرف، بعدد من الكيانات الاقتصادية الكبري، تؤدي إلي إعاقة حركة التجارة العالمية، وإثقال العالم النامي بمنافسة لا يقوي علي مواجهتها. وأضاف الرئيس أن مصر تمد يدها إلي الجميع، كي نعمل بعقول مفتوحة لمواجهة هذه التحديات وغيرها، من أجل عالم أكثر سلاماً واستقراراً وعدلاً. عالم تقترن فيه الدعوة لنشر الديموقراطية داخل الدول، بدعوة مماثلة لديموقراطية التعامل الدولي، وداخل المنظمات الدولية. عالم يعزز التعددية.. يلتزم الشرعية الدولية، وينأي عن الإجراءات الانفرادية أحادية الجانب.. يقيم نظاماً فاعلاً للأمن الجماعي، ويتعامل بالجدية الواجبة مع قضايا ونزاعات عالقة، طال انتظارها لحل عادل. عالم يرسي دعائم نظام اقتصادي دولي جديد، يراعي مصالح الجميع في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف، يسعي الهوة بين الشمال والجنوب، ويعزز حركة التجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا. عالم يتصدي لمخاطر الإرهاب وشروره، لا يرضخ لابتزازه، ولا يربطه بوطن أو دين، يحاصر مظاهر العنصرية والتمييز والتطرف، يواجه دعاوي التعصب وصدام الحضارات، يطلق حواراً جاداً بين جميع الشعوب، يقوم علي التكافؤ والاحترام المتبادل، ويتأسس علي القيم المشتركة للانسانية. وقال إن علينا كقيادات سياسية واقتصادية واجتماعية إن نتمعن فيما تمتلكه هذه المنطقة الواعدة من ثروات وإمكانيات.. وأن نستشرف آفاق المستقبل وآماله.. وألا نستسلم لدعاوي اليأس والتشكيك والإحباط. فبرغم ما يموج به الشرق الأوسط من بؤر للتوتر، فإن آفاق المستقبل وآماله تبدو رحبة وواعدة، نعم.. هناك العديد من التحديات، لكننا في مصر واثقون أنها لا تستعصي علي الحل، وأن المنطقة قادرة علي المضي قدماً في الطريق الصحيح. وأضاف أن مصر في قلب هذه المنطقة من العالم، تتحمل مسئوليتها الإقليمية برؤية واضحة وجرأة وشجاعة، لا تملك الانعزال عن قضايا الشرق الأوسط، أو التخلي عن دورها.. مهما كانت التحديات والمخاطر.