دعا الرئيس مبارك إلي حوار دولي عاجل يلتقي حول مائدته مصدرو ومستوردو الطاقة والغذاء من الدول المتقدمة والنامية، حوار وصفه بأنه يضع حلولا تضمن الوفاء باحتياجات سكان العالم من الطعام ويوفر في الوقت ذاته إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي. استنكر الرئيس مبارك إنتاج الوقود الحيوي من الغذاء وبدعم من الحكومات للممنتجين متسائلا عما إذا كان من المقبول أن تستخدم المحاصيل الزراعية في إنتاج الإيثانول لتزداد أزمة ارتفاع أسعار الغذاء تفاقما. أكد علي حاجة المجتمع الدولي لإعادة تقدير التكلفة الحقيقة لإنتاج الوقود الحقيقي بانعكاساته الاجتماعية والبيئية وتداعياته علي الأمن الغذائي للبشر. وأشار إلي أن هذا يمثل تحديا صعبا لابد من التعامل معه باعتباره مسئولية جماعية ومشتركة، مؤكدا علي ما يواجهه العالم من حلقة مفرغة اليوم تفرضها العلاقة بين إمدادات الغاز والطاقة ليصبح كل منهما سببا ونتيجة في آن واحد للأزمة الاقتصادية الراهنة للاقتصاد وليس هما معا في احتدامها وتفاقمها، بل ويهددان بتحولها لأزمة راهنة ما لم يسارع الجميع باحتوائها. وأكد الرئيس مبارك خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدي الاقتصادي العالمي بشرم الشيخ أن توفير الأمن الغذائي للفقراء يمثل تحديا أساسيا، كما أنه يعد مسئولية كبيرة تجاه الفقراء والفئات الأقل دخلا بما في ذلك فقراء الدول الغنية المتقدمة، مشيرا إلي أنه لا ينبغي أن يصبح هذا الهدف محلا لمضاربات ترفع أسعار الغداء، أو توجهات تستخدم طعام الإنسان وقودا للمحركات. قال إنه سوف يحمل دعوة للحوار حول هذا الشأن الدولي المهم إلي اجتماع منظمة الأغذية والزراعة المقرر عقده في روما الشهر القادم. معربا عن أمله أن يضع هذا الاجتماع دول العالم المتقدمة والنامية علي الطريق الصحيح لاحتواء الأزمة الراهنة. قال مبارك في كلمته الافتتاحية إن منتدي دافوس عاد إلي شرم الشيخ ومنطقة الشرق الأوسط، والعالم في مفترق طرق وسط ظروف إقليمية ودولية صعبة وتحديات عديدة مشيرا إلي أن ما يواجهه العالم من أزمة اقتصادية حادة بدأت بانهيار سوق التمويل العقاري الأمريكي الذي تراجعت معه معدلات النمو المتوقع للاقتصاد الدولي. ولفت النظر إلي ما يواجهه العالم الآن من موجات تضخمية عاتية تشهد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الطاقة والسلع الغذائية الأساسية والخامات، وهو ما يلقي الجانب الأكبر من تبعاته وتداعياته علي الدول الفقيرة وعلي الفقراء داخل البلد الواحد. أشار إلي ما تطرحه الأزمة العالمية الراهنة من إشكاليات عديدة تتشابك في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية وفي صلتها بقضايا تغير المناخ وإمدادات الطاقة والمياه وعلاقتها بالأمن الغذائي ومعدلات النمو الاقتصادية ومستويات المعيشة بالعالمين المتقدم والنامي. وقال إن هذا المنتدي قد عقد منذ عامين في شرم الشيخ وكان شعاره "وعد لجيل جديد" وعد يلخص تطلع شعوب الشرق الأوسط لغد أفضل يحمل السلام والازدهار للجميع، ولمناخ دولي موات في عالم أكثر عدالة يدعم مسيرتها وطموحاتها متسائلا أين نحن الآن من هذا الوعد؟ وهل صار الشرق الأوسط والعالم في وضع أفضل يقترب بنا من الوفاء به؟ أضاف: لقد دعوت في هذه القاعة منذ عامين للتصدي للزيادة المطردة في أسعار الطاقة ودعوت لتصحيح تشوعات الاقتصاد العالمي الراهن، والاختلالات الهيكلية في الموازنات العامة لبعض القوي الاقتصادية الكبري، والاختلالات المماثلة في أسعار الصرف، ودعوت لمراجعة سياسات دعم السلع الزراعية، وحذرت من التوجهات الحمائية لبعض الدول المتقدمة والنامية، ومن تداعياتها علي التجارة العالمية ومفاوضات جولة الدوحة.. فأين نحن الآن من كل ذلك؟ وقال إن الشرق الأوسط يتوق للسلام والاستقرار والتنمية، ويجتاز مرحلة مهمة علي طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ويمتلك من الثروات الطبيعية والاستراتيجية والبشرية ما يؤهله للتقدم والازدهار، فهل تحقق وعد السلام؟ وأين استقرار هذه المنطقة الحساسة مما يحدث في العراق ولبنان ودارفور والصومال؟ وماذا عن نذر زعزعة الاستقرار بمنطقة الخليج؟ أضاف أن الشرق الأوسط والعالم شهد تطورات عديدة منذ دافوس الماضي، فهل أصبح أكثر قدرة علي مواجهة تحدياته المشتركة؟ وهل تراجعت مخاطر الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل؟ ماذا عن التعاون الدولي لتحقيق الأهداف الألفية للتنمية؟ ماذا عن قضايا محاصرة الفقر، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان؟ ماذا عن قضايا البيئة والصحة والتعليم والمرأة والأطفال؟ وماذا عن تحركنا لمكافحة غسل الأموال والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر؟