محمود التهامى منذ اللحظة الاولي التي تناقل فيها الناس انباء غرق العبارة المنكوبة السلام 98 وهم - اي الناس - لديهم احساس قوي بأن مالك العبارة مسئول بصورة ما عن الحادث وانه يجب التحفظ عليه لمساءلته فاذا تبين انه بريء كان بها واذا تبين انه مسئول بصورة ما عن الحادث ظل تحت يد العدالة حتي يرفع حقوق الناس وحق المجتمع. وكان هذا الرأي تعبيرا حقيقيا عن الفطرة السليمة وقال الناس لبعضهم البعض علي المقاهي وفي البيوت وسرادقات العزاء وغيرها ان اول ما تفعله النيابة العامة حين ينهار منزل من عدة طوابق او تصدم حافلة شخصا هو التحفظ علي اصحاب المنزل او السيارة او العمارة حتي تأخذ التحقيقات مجراها وتبين من المسئول ومن يجب ان يتحمل العقاب اذا كان هناك عقاب. واما في حالة العبارة السلام 98 فقد اتخذت الامور مسارا مختلفا وظل صاحب العبارة المتمتع بالحصانة البرلمانية يتحرك بحرية ويسافر الي الخارج ولم يصدر اي امر قضائي بخصوصه للاحتياط اذ ان الفطرة السليمة تقول انه مسئول حتي يثبت العكس. ومرت الآن اسابيع طويلة منذ شهر فبراير الماضي والجدل يدور حول مسئولية صاحب العبارة وعن سوء احوال الخط الملاحي.. ولاحظنا ان القيادة السياسية سارعت بالتحادث مع بعض الاشقاء من القادة العرب الذين تضامنوا مع الشعب المصري وتبرعوا بعدد من العبارات الحديثة لتشغيلها بدلا من السفن غير الملائمة لنقل الركاب والتي تفتقر الي الحد الادني من قواعد السلامة المرعية في النقل البحري. كلام كثير وكثير وكثير ولكن احدا لم يستجب لما قاله الناس البسطاء والخبراء من ان احتمالات مسئولية صاحب العبارة عن الكارثة التي اودت بحياة الف شخص في مياه البحر الاحمر هي احتمالات كبيرة تسوغ التحفظ عليه شخصيا وعلي امواله لحين الفصل في المسئولية بصورة قاطعة ولكن شيئا من هذا لم يحدث. وصدر التقرير الذي تضمن تسجيلات الصندوق الاسود للباخرة وتأخر الاعلان عنه لوقت طويل نسبيا وتضاربت الانباء حول محتواها وفي نهاية الامر طلبت النيابة العامة رفع الحصانة عن صاحب العبارة والتحفظ علي امواله بعد مرور نحو شهرين علي حدوث الواقعة وبعد ان تمكن من الخروج من البلاد والاقامة في الخارج. قرأت بالامس بيان المدعي الاشتراكي حول مسئولة صاحب العبارة وضرورة التحفظ علي امواله وقلت لنفسي بعد شهرين ياتري كم بقي له من اموال يمكن التحفظ عليها.