كالجندى الذى لم يلقِ بسلاحه وسط ساحة معركة حامية الوطيس، تمسك الفنان وائل جسار بلونه الموسيقى، لم ينجرف خلف صخب لون غنائى آخر، ولم يغيّر من جلده تماشيًا مع الموجة، إنما بقى ثابتًا يقدم موسيقاه العربية الأصيلة.. لذا بات حفل وائل جسار لا غنى عنه فى مهرجان الموسيقى العربية ليس فقط من أجل صوته العذب ولا لجماهيريته الطاغية فى مصر والوطن العربى إنما لكونه محاربًا للحفاظ على الهوية العربية للموسيقى فى ليلة تشبه تلك التى كان يقدمها التليفزيون المصرى تحت عنوان «ليالى التليفزيون»، وقف الفنان وائل جسار على خشبة مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية ليقدم حفلًا من أكبر حفلات الدورة ال33 من مهرجان الموسيقى العربية، حيث قدم عددًا كبيرًا من أغنياته الرومانسية، إضافة إلى أغنية «ألف ليلة وليلة» تكريمًا لسيدة الغناء العربى أم كلثوم. اقرأ أيضًا | ليلة رومانسية ل «وائل جسار» بالأوبرا لماذا اخترت أغنية ألف ليلة وليلة لتقديمها أثناء الحفل؟ هذه الأغنية تشبه كثيرًا طريقة غنائى، كلماتها تلمسنى وأشعر بها كما أن بها مساحة صوتية كبيرة وأيضًا مساحة للشجن، ولكن لا أحد يستطيع مجابهة أم كلثوم فأغنيات أم كلثوم عاشت حتى اليوم لأنها بصوت أم كلثوم. ومَن غير أم كلثوم ترى أنه ما زال فى ذاكرة الجمهور؟ أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب هم أهرامات الغناء العربى ومدارس فنية لن تتكرر مرة أخرى، هذا بالإضافة إلى ملحنين عظماء سيد درويش ومحمد فوزى وبليغ حمدى فهم من وضعوا أساس الفن العربى الأصيل ونحن نسير على خطاهم. ولماذا لم تجرب تغيّر لونك الغنائى كما فعل الكثير من الفنانين؟ هناك خلط فى الأمر، فأنا لم أقف عند نقطة بعينها إنما حاولت على مدار السنوت تقديم الطرب الأصيل ممزوجًا بالتطور وهو أمر بالغ التعقيد، وهو أن تتماشى مع روح العصر فى الوقت الذى تحافظ فيه على هويتك الطربة، وساعدنى كثيرًا فى ذلك الموسيقار وليد سعد والملحن عادل عايش لأنهما يؤمنان بضرورة الحفاظ على هويتنا مع مواكبة التقدم الموسيقى. وماذا عن مشاركتك بصفة شبه دائمة فى السنوات الأخيرة بمهرجان الموسيقى العربية؟ أن أكون جزءًا من مهرجان هو حائط الصد الأخير للحفاظ على هويتنا الموسيقية، فهذا شرف عظيم ومسئولية كبيرة على عاتقى، ولهذا الهدف السامى وتقديرًا لجمهور مصر العظيم لم أتأخر يومًا عن تلبية نداء مهرجان الموسيقى العربية، حتى الدورات التى لم يحالفنى الحظ ولم أكن متواجدًا بها كنت أتابع حفلاتها وتوصياتها. كما أننى أشعر بتكريم لمسيرتى الفنية عندما أقدم أى حفل بمصر، وهذا لأن الجمهور المصرى من فتح لى أبواب الشهرة والمجد وكانت انطلاقتى من هنا فى مصر. وكيف تختار أغنياتك؟ الأغنية الحقيقية هى التى تعيش وتبقى فى ذاكرة الجمهور وحتى تصبح أغنية حقيقية فيجب أن تكون هناك كلمات جيدة ولحن قوى وإحساس، ولهذا عندما أجد نفسى أختار أغنية جديدة أضع هذه المعايير كما أضع جمهورى أمامى. وماذا عن تلقيبك بأنك آخر من يحمل لواء الأغنية الطربية؟ أعتقد أن الأمر شرف قبل أن يكون لقبًا وهذا لا يعنى أننى أحب أن أعيش فى الماضى دون تطوير، وإنما أنا أسعى للحفاظ على هويتى العربية الغنائية لكن بروح العصر الذى نعيشه، حتى لا تتيه هويتنا وسط كل هذا الصخب والألوان الغنائية الجديدة.