تحقيق محمود مقلد مني البديوي لماذا يحجم القطاع الخاص عن الاستثمار في مجال النقل البحري؟ سؤال طرح نفسه بعد صدور تصريحات من جهات مسئولة كشفت عن أن حوالي 95% من صادرات وواردات مصر تتولي الاساطيل الأجنبية نقلها، فلماذا لا يبادر القطاع الخاص إلي إنشاء سفن تتولي هذه العملية الاستراتيجية نعني الاستيراد والتصدير؟ المستثمرون يلقون باللوم علي بنود القانون البحري المصري الذي يتضمن تعقيدات تجعل من يفكر في الاستثمار في هذا القطاع يلجأ إلي شراء سفينة ورفع علم أجنبي عليها تفاديا لتعقد الإجراءات المصرية. أعلام أجنبية في البداية يري القبطان حمدي عبدالواحد نقيب بحارة السفن التجارية أن قانون النقل البحري بالفعل في حاجة ماسة إلي إعادة نظر ومراجعة لجميع بنوده لأن به الكثير من التعقيدات التي تعد عائقا أمام دخول القطاع الخاص في مجال السفن وخير دليل علي وجود تلك العقبات هو أن 90% من السفن المملوكة لمصريين ترفع اعلاما أجنبية، وملاك السفن لجأوا إلي رفع الاعلام الأجنبية لأن جميع دول العالم تعطي تسهيلات لأي مستثمر لكي يقوم بانهاء الاجرات الخاصة بتشغيل السفينة أما رفع العلم المصري فهو أمر له إجراءات معقدة تزيد من تكلفة بناء السفن علي المستثمرين بالاضافة إلي البيرقراطية والروتين في سير الإجراءات فمثلا القانون المصري يلزم بضرورة تسجيل السفن في الشهر العقاري والذي يأخذ ربع التكلفة فلو كان المركب بمليون جنيه فإنه يأخذ ربع مليون مع الاصطدام بالاجراءات الروتينية والعقبات الادارية التي تزيد دائما في التكلفة في حين أن التسجيل في الخارج لا يأخذ مثل هذه الإجراءات ولذلك فهناك ضرورة تسجيل السفن وهيئة السلامة البحرية وليس بالشهر العقاري حتي يقبل القطاع الخاص علي الاستثمار في هذا المجال بالاضافة إلي منح تسهيلات لاصحاب السفن وتخفيض الضرائب وإنشاء اتحاد ملاك سفن. تطوير القوانين جمال الناظر رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين يقول إن تطوير قوانين النقل البحري عملية مهمة جدا وشرط استراتيجي لدخول وزيادة مساهمات القطاع الخاص في هذا المجال الحيوي مشيرا إلي أن النقل البحري يحتاج إلي استثمارات ضخمة وهذا ما يدعو إلي ضرورة وجود حوافز تشجيعية أخري بجانب تعديل القوانين حتي يمكن تحقيق الاستفادة الحقيقية والمطلوبة من هذا القطاع الذي يخدم أهدافاً كثيرة فالنقل البحري مرتبط ارتباطا وثيقا بحجم الصادرات والواردات وهو كفيل بزيادة حجم صادرات أي دولة لأنه أقل ثمنا وتكلفة مقارنة بالنقل الجوي أو البري. مضيفا أن مصر في حاجة شديدة لوجود قطاع نقل بحري متطور يمكن عن طريقه استيراد بضائع ومنتجات من أفريقيا بأنصاف أثمانها التي تشتري بها من أسيا وأوروبا وعن مطالب القطاع الخاص من الحكومة ووزارة النقل قال الناظر إن سهولة الإجراءات وتعديل القوانين وانخفاض حجم الرسوم من أهم الدوافع التي يمكن أن تدفع رجال الأعمال إلي الدخول في تطوير واصلاح النقل البحري الذي يلعب دورا حيويا ومهما جدا في اقتصاديات معظم الدول المتقدمة. ففي البحرين مثلا عملية نقل راكب بعربته إلي السعودية من خلال الكوبري الذي يربط البلدين لا يستغرق سوي نصف ساعة بينما تأخذ الإجراءات في مصر من 12 ساعة إلي ثلاث أيام. أسباب الاحجام هلال شتا رئيس شعبة المصدرين السابق يقول إن هناك صعوبة كبيرة في إنشاء أسطول بحري نظرا للتكلفة العالية لذلك وحجم المخاطرة وبالتالي فإن احجام القطاع الخاص عن المساهمات في مشروعات النقل البحري له أسبابه بالرغم من الفوائد الضخمة التي سوف تعود علي التجارة المصرية لأن ذلك سيعمل علي خفض التكلفة وبالتالي انخفاض الأسعار. مشيرا إلي أن هناك ضرورة لوجود دراسات جدوي سليمة وحديثة لايجاد خط نقل بحري ونهري مع أفريقيا مثلا التي تعتبر أحد أهم الاسواق الناشئة التي مازالت بعيدة عن اهتمامتنا برغم وجود اتفاقية الكوميسا مطالبا بضرورة استغلال الفوائض التجارية العربية في إنشاء مشروع خط نقل بحري يعمل علي تسهيل حركة نقل البضائع بين مصر والدول المجاورة. النقل الحديث ويؤكد الربان رضوان محمد سعيد بلبع "المستشار البحري بمركز البحوث والاستشارات بالاكاديمية العربية للنقل البحري" أننا في حاجة إلي إعادة النظر في مفهوم النقل البحري الحديث وامكانيات تطبيقه في مصر حيث إن النقل الحديث يعتمد أساسا علي التحوية أي تحوية البضائع ونقلها بسفن الحاويات المتخصصة وعلي اقتصاديات الحجم الكبير بمعني تشغيل سفن كبيرة الحجم وعلي النقل المتكامل للحصول علي عائد أكبر واستغلال نظام الترانزيت العالمي بالنسبة للحاويات إلي جانب شركات الملاحة العملاقة التي تسيطر علي سوق النقل البحري في العالم.