كان من المقرر أن تجري انتخابات المجالس المحلية في مصر في شهر ابريل المقبل أي بعد عدة اسابيع ولكن الحكومة قررت تأجيلها لمدة عامين حتي تنتهي من اعداد القانون الجديد لانتخابات المحليات. ولكن الدوائر السياسية تقول ان التأجيل جاء خوفا من عدم امكان السيطرة علي جماعة الاخوان المحظورة التي تقدمت بنجاح خلال الانتخابات التشريعية وحصلت علي مكاسب كبيرة علي حساب مرشحي الحزب الوطني الحاكم واحزاب المعارضة الرسمية سواء بسواء. والظاهر ان موضوع صعود الاسلاميين اخذ بعدا اكثر جدية بعد صعود حركة حماس وفوزها بالاغلبية في الانتخابات الفلسطينية مما اثار كثيرا من المخاوف من استيلاء الاخوان في مصر علي المجالس المحلية او اضطرار الحكومة الي ايقافهم بصورة عنيفة تؤدي الي مزيد من الاحتجاجات الدولية. وربما تكون المهلة التي حددتها الحكومة بسنتين فرصة لاعادة ترتيب اوراق الحزب الحاكم وكذلك الانتهاء من انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري في العام المقبل وحتي تتمكن من مواجهة الحالة النفسية السائدة التي سيطرت علي الشارع المصري والتي تري ان صعود الاسلاميين قادم لا محالة. وبصرف النظر عن صحة هذه التحليلات او مدي مطابقتها للواقع فان التأجيل في حد ذاته يشير الي مأزق تواجهه الحكومة، وان السبب المعلن للتأجيل وهو الانتهاء من القانون الجديد ليس سببا مقنعا والا فان القانون يمكن اعداده خلال عدة شهور وربما سنة، والسؤال لماذا سنتان إذن؟ ورغم تأكيد ان هناك مأزقا فان المهلة ليست كافية لاعادة ترتيب الامور كما يقول بعض المراقبين اذ ان الحزب الحاكم لم يظهر أي نوع من التجاوب مع الإصلاح السياسي بالجدية المطلوبة وهو ما يشير الي ان المهلة مجرد كسب للوقت وليس لاجراء اصلاحات تؤدي الي اعادة التوازن بين التيارات السياسية المدنية وبين التيار الديني المتنامي نتيجة الفراغ الموجود في الشارع المصري. ربما تفكر الحكومة في اتخاذ اجراءات ذات طبيعة ادارية لوقف نمو التيار الاخواني بدعوي ان وجوده غير قانوني ولكن هذا الاتجاه محفوف بالمخاطر الشديدة اذ لا يمكن حساب رد الفعل تجاهه بدقة وربما ادي الي حصول هذا التيار علي مزيد من التعاطف والتأييد. ومع ذلك، فيبدو ان الحكومة تفضل ذلك علي اتاحة الفرصة للاحزاب المدنية لاعادة وجودها في الشارع بالقوة المطلوبة. محمود التهامي