علي الرغم من أن بيان الحكومة الذي ألقاه الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء قبل ايام لم يترك صغيرة في أجندة العمل المصري الا تناولها، الا ان الكثير من هذه القضايا تم التطرق لها عبر سياسات عامة، كما غابت الرؤية التفصيلية للبعض الآخر، وهو ما قد يرجع الي اهتمام البيان بالمباشرة، وعدم الاطالة فضلا عن ان بعضها مازال يتم وضع البرامج الخاصة بها. استطلعت "العالم اليوم الاسبوعي" في ذلك الاطار اراء خبراء الاقتصاد والسياسة حول ذلك البيان في محاولة لقراءة ما بين سطوره، وفي الوقت الذي اختلف فيه خبراء الاقتصاد حول قراءتهم للملف الاقتصادي في البيان، الا ان رجال السياسة اتفقوا علي ان الملف السياسي اتسم بالعموميات دون تفاصيل كافية، وخاصة ما يتعلق بالقضايا الشائكة. وبعيدا عن استباق الاحداث بشأن برامج وخطط الحكومة تطرح "الاسبوعي" قراءة الخبراء لسطور.. وما بين سطور البيان. والبيان كما يراه الدكتور فرج عبد الفتاح استاذ الاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الافريقية كان كالعادة يبعث الامل في الشعب المصري، ولكن التدقيق فيه يكشف ان رقم البطالة الذي أعلنه الدكتور نظيف اقل من الرقم الحقيقي، كما أن اتجاه الدولة للاسراع في برنامج الخصخصة علي النحو الحالي سوف تترتب عليه آثار أخري من الصعب تداركها. كما يرصد غياب أي جديد لتخفيف المعاناة عن محدودي الدخل والحفاظ علي ما تبقي للطبقة المتوسطة من قوام، برغم مما هو معروف من ان هذا الطبقة هي التي تحقق التوازن في المجتمع، وكانت تستحق اهتماما اكبر بعد ما لحقها من تآكل، ويشير الي ان الزيادة المعلنة في المرتبات في بيان الحكومة لا تتعدي الزيادات العادية التي تم الحصول عليها في السنوات السابقة، ويتساءل اين اذا الجديد الذي يكفل التخفيف من معاناة هذه الطبقة؟ ويلفت عبد الفتاح الي الأرقام الخاصة بالاستثمار، ويوضح أنه من المعلوم ان هناك عديدا من التناقضات مشيرا الي ان الارقام الرسمية المصرية من الاستثمارات الاجنبية المباشرة لاحدي الدول تختلف عن الارقام التي تعلن عنها هذه الدولة، وقد يرجع ذلك لاختلاف تعريف الاموال المستثمرة، وهو ما يستدعي وجود تعريفات محددة لقيمة هذه الاستثمارات والعناصر المكونة لها، ويتم اعلانها مشيرا الي وجود تقديرات تتضمن اصولا معنوية ضمن القيم المستثمرة. الواقع .. والسياسات أما الدكتور صلاح الدسوقي استاذ الادارة بالمركز العربي للادارة والتنمية فيري ان أبرز ما تضمنه البيان انه حسم بعض المسائل التي كانت مثار جدل في الفترة الماضية، ومنها ما يتعلق بزيادة المرتبات بنسب تتراوح بين 75% و100% خلال السنوات الست القادمة أي بمعدل 10% سنويا ويري ان ذلك لا يمثل جديدا مقارنة بما كان يحدث في السنوات الماضية، ويصف ذلك بانه خدعة لا تحقق هدف تحسين مستويات المعيشة لانها بدون ضبط للاسعار لا معني لها، خاصة مع تلك السياسات المعلنة لاطلاق الاسعار وتحرير السوق وإعمال آليات العرض والطلب. ويشير الي ما يصفه بالتناقض بين ما أعلن عن وجود زيادة في فرص العمل وطرح 86 شركة جديدة للبيع والتي ستشمل حصص المال العام في الشركات المشتركة، ويوضح ان عمليات البيع بالنسبة للشركات بأكملها يرافقها اعادة هيكلة واحالة العديد من العمال للتقاعد مقابل صرف معاش مبكر، وهو ما يعني تقليص فرص العمل وليس زيادتها!! ويصف الدسوقي الاتجاه الي الاعتماد علي القطاع الخاص في زيادة فرص العمل بأنه لا يخرج عن حيز الأماني لأنه لا يوجد ما يلزم القطاع الخاص بهذا الأمر مؤكدا انه لن تزداد فرص العمل الا اذا انتعش الاستثمار وتم ضخ استثمارات جديدة وهو أمر من الصعب تحقيقه في ظل المنافسة القوية من السلع الأجنبية، ووجود ما يسميه بالفساد في الاقتصاد المصري. وينتهي د. صلاح الدسوقي الي ان البيان جاء تكرارا لبيانات سابقة لم تسفر عن نتائج حقيقية سوي زيادة في الدين العام، وهو ما يوضح مدي الخطورة التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني، مشيرا الي أن توجه البيان كان ايجابيا بشأن عزم الحكومة علي توجيه الدعم لمستحقيه ويعرب عن أمله في ألا يكون ذلك التوجه ذريعة لتخفيض الدعم وتحويله لشكل من اشكال المنح التي تقدم الي الفقراء بعد اصدار شهادة فقر في ظل ارتفاع نسبة الفقر في مصر، ويؤكد انه لا يوجد مبرر لتحويل الدعم الي نقدي، ويري أن الحل في تنفيذ كشوف المستفيدين من الدعم واعداد قاعدة بيانات سليمة عن المستحقين للدعم، بالاضافة الي الرقابة الجيدة علي جودة السلع.