وعن الابعاد الاجتماعية في البيان الحكومي أكد الدكتور محمد سالمان أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن القضايا ذات الصلة بالسياسات الاجتماعية كانت حاضرة بقوة في بيان السنوات الأخيرة وخاصة قضية البطالة والتشغيل حيث تضمن بيان الحكومة لعام 2006 ستة برامج تنفيذية تفصيلية لتحقيق هذا الهدف بالاضافة للطرح المستمر لقضية غلاء الاسعار والتي تزداد حدة في ظل التوزيع غير المتساوي للدخل ويطرح الدعم في هذا السياق بوضفه حلا لمواجهة الغلاء ولتحقيق العدالة الاجتماعية كذلك فإن قضية تحسين نوعية الحياة تعتبر من القضايا المتكررة في بيان الحكومة بما تتضمنه تلك القضية من قضايا فرعية مرتبطة بالسياسات التعليمية والصحية والاسكان وتوفير المياه النقية وامدادات الصرف الصحي والكهرباء والنقل. وأضاف الدكتور محمد سالمان أن المساحة النسبية التي شغلتها الابعاد الاجتماعية إلي إجمالي حجم بيان الحكومة "2003" هي 18% تقريبا وتضمنت قضايا مثل حماية محدودي الدخل والتعليم مشيرا إلي أن البيان لم يتحدث عن قضية الأمية وضرورة التخلص منها واقتراح السبل والآليات الممكنة لمواجهتها.. وفيما يخص الدعم قد عكست مبادرات بيان حكومة عبيد 2003 حالة من الاهتمام الكبير بهذه القضية بينما غابت قضايا المرأة عن اهتمام الحكومة في بيان 2003 فيما عدا الاشارة المحدودة و"مستحقات الزوجات المطلقات". أما حكومة نظيف في أول بيان لها في ديسمبر 2004 وبالرغم من أن عمرها لم يكن يزيد علي خمسة أشهر وبضعة أيام إلا أن البيان عكس تحولا جوهريا في مستوي الاهتمام بالابعاد الاجتماعية مقارنة ببيان حكومة "عبيد" حيث احتلت الابعاد الاجتماعية 34% من إجمالي حجم البيان أي أنها تعادل تقريبا ضعف النسبة ذاتها في بيان "2003" ويرجع ذلك التحول في حقيقته للتغيير الوزاري الذي شهدته مصر خلال تلك الفترة إلا أن البيان استهلك حديثه في حدود 4.13% عن انجازات تحققت في مصر خلال عقدين من الزمان في مجالات المياه والكهرباء والمدارس وأطلق علي هذا الجزء من البيان مصطلح "انجازات عصر الرئيس مبارك". وأشار الدكتور محمد سالمان إلي أن الدعم لم يحظ في بيان 2005 بالاهتمام الذي ناله في بيان 2004 واكتفي بالحديث عن الدعم في فقرة انشائية ولم يتعرض لموضوع الرقابة علي الاسواق وخاصة الرقابة علي منظومة إنتاج وتوزيع رغيف الخبز حيث اختفت بدون مبرر من علي خريطة موضوعات البيان رغم استمرارها علي أرض الواقع موضحا أن الموضوعات التي تمثل تغيرا في ذلك البيان الحديث عن مشروع قانون موحد للبناء والهدم والصيانة والتخطيط العمراني رغم أنه كان هامشيا ويعكس درجة متدنية من الاهتمام وأكد الدكتور محمد سالمان أنه إذا كان بيان الحكومة لعام 2004 يعتبر تحولا نوعيا في تصعيد الاهتمام بالابعاد الاجتماعية وخاصة عند مقارنته ببيان 2003 فإن بيان الحكومة لعام 2006 يمثل طفرة بكل المقاييس في حجم ومستوي درجة اهتمامه بالابعاد الاجتماعية لدرجة أنه يمكن القول بدون مبالغة أن البيان يمكن أن نسميه "بيان الابعاد الاجتماعية" حيث شكل الحديث عن الابعاد الاجتماعية في بيان 2006 نحو1.61% من إجمالي حجم البيان وإذا ما تم استبعاد الأجزاء التي تتحدث عن المقدمة والانجازات فإن تلك النسبة تقفز إلي 5.81% وهي نسبة قياسية وغير معهودة في أي من البيانات الحكومية وجاءت السياسات الاجتماعية بشكل أكثر تفصيلا في البرامج مثل سياسة العمالة "التشغيل" والسياسة التعليمية التي حظيت باهتمام كبير في البيان رغم السكوت علي عدد من القضايا المهمة المتعلقة بها مثل سياسة الجودة. وفيما يخص قضية الفقر والفقراء استخدم البيان عبارة "رفع مستوي معيشة المواطن" بدلا من عبارة "مساندة محدودي الدخل" التي استخدمها كل من بياني 2003 و2005 وفيما يخص حماية المستهلك فأن اللفظ قد طرح في بيان الحكومة لعام 2004 ثم اختفي في 2005 ثم عاود الظهور في 2006 الأمر الذي يوحي بأن هناك قدرا من المراوغة في مستوي الاهتمام الحكومي بهذه القضية فيما عدا إنشاء جهاز حماية المستهلك وفي بيان 2007 أوضح الدكتور سالمان أن البعد الاجتماعي مثل 6% تقريبا من إجمالي حجم البيان وجاء صدوره متزامنا مع نهاية العام الثاني وبداية العام الثالث من البرنامج الانتخابي للرئيس وهو البرنامج الذي تضعه الحكومة كخطة عمل لها وتضمنه جميع مشروعاتها ويلاحظ علي البيان استمرار حالة غياب المرأة والقضايا المرتبطة بها.. وظهر مفهوم جديد في البيان وهو مفهوم "العدالة الاجتماعية" إذ لم يكن لهذا المفهوم وجود في البيانات السابقة وقد صاغ البيان المفهوم بطريقة جعلته "مغناطيسيا" يجذب إليه عدداً من المفاهيم الأخري مثل "الدعم" و"الدعم العيني" و"رغيف العيش" و"بطاقات التموين" ودعم أنبوبة البوتاجاز و"الضمان الاجتماعي" ولكن في حديثه عن الفئات الضعيفة تناولها بشكل خافت وعلي استحياء ودون حديث جاد عن آليات فعالة للنهوض بأحوال تلك الفئة اقتصاديا كما أنه اقتضب في قائمة الخدمات التي يتعين توفيرها حيث لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام الذي حظيت به في البيانات الثلاثة السابقة الأمر الذي يثير الانتباه إلي تراجع مستوي الاهتمام بتلك القضايا ويمكن القول إن الاهتمام بتلك القضايا انخفض تنازليا في مستواها في كل من البيانات الأربع الأخيرة من 2004 حتي 2007.