تباهت الحكومة بأدائها المالي خلال الفترة الماضية، وظهر ذلك بوضوح خلال البيان الذي القاه د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء قبل أيام أمام مجلس الشعب. ونحاول في هذه السطور رصد أبرز التطورات في القطاع المالي التي قامت بها الحكومة، بالإضافة إلي رؤي الخبراء لأداء الحكومة، حيث ظهر بوضوح استمرار الجدل حول المشكلات المزمنة للموازنة العامة للدولة وعلي رأسها الدعم والدين العام. ونبدأ بالأرقام والمؤشرات التي أعلنها الدكتور أحمد نظيف حيث انخفض عجز الموازنة إلي 8.6% من الناتج المحلي وذلك مقابل 9.6% للعام المالي السابق فضلا عن زيادة الإيرادات السيادية حيث بلغت 146 مليار جنيه بنسبة زيادة وصلت 31% عن العام 2004/2005 والتي كانت 111 مليار جنيه، وقد زادت حصيلة الضرائب بصفة عامة بنسبة 28% في حين زادت نسبة الحصيلة من الضرائب العامة إلي 53% عام 2005/2006 بعد ان كانت 16% في عام 2004/2005 ويعكس ذلك زيادة الحصيلة التي بلغت 55 مليار جنيه كما زادت الاقرارات إلي 2.7 مليون اقرار مقابل 1.1 مليون مما يؤكد نجاح السياسة الضريبية. ويضاف إلي الإنجازات الحكومية في القطاع المالي نجاح خطوات عملية دمج مصلحتي الضرائب العامة والضرائب علي المبيعات حيث تؤكد الحكومة ان عملية الدمج تسير بخطوات أسرع مما يحدث في دول متقدمة طبقت التجربة من قبل فضلا عن عملية إعادة هيكلة الجهاز الضريبي التي تصاحب عملية الدمج. وكما تؤكد الحكومة فقد ساعد نجاح السياسة المالية والضريبية خلال العام المالي 2006/2005 إلي زيادة معدل النمو الاقتصادي ليصل إلي 6.9% مقابل 5.1% خلال 2004/2005. الوجه الآخر وعلي الجانب الآخر يرصد الخبراء تلك الإنجازات ويثمنون بعضها إلا انهم يرصدون العديد من الانتكاسات وخاصة ما يتعلق بقضية الدين العام حيث يري الدكتور زكريا بيومي عميد حقوق المنوفية الأسبق وأستاذ المالية العامة ان خطورة تزايد الدين العام مازالت قائمة وخاصة الدين المحلي والذي كان سببه التخبط الإداري والفساد والإسراف في بدلات الانتقال والمكافآت التي يحصل عليها القيادات وهو ما أكد عليه الجهاز المركزي للمحاسبات من خلال رئيسه مؤخرا في لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب. ويلفت الدكتور بيومي إلي تزايد الدين المحلي إلي 511 مليار جنيه في نهاية يونيو 2005 مقابل 435 مليار جنيه في نفس الوقت من عام ،2004 مشيرا إلي ان وزارة المالية تريد ان تحسب الدين المحلي باعتباره من الديون ولكن الجهاز المركزي والبنك المركزي يحسبان الدين بإجمالي الدين الحكومي مضافا إليه مديونية الهيئات الاقتصادية العامة لبنك الاستثمار القومي وكذا صافي دين بنك الاستثمار وبهذه الطريقة يصل إجمالي الدين 511 مليار جنيه منها ديون حكومية قيمتها 349 مليار جنيه في حين تصل ديون الهيئات الاقتصادية لبنك الاستثمار القومي إلي 47 مليار جنيه ويبلغ صافي دين بنك الاستثمار 114 مليار جنيه فضلا عن ان جملة الأموال المستثمرة في الهيئات الاقتصادية بلغت 430 مليار جنيه والعائد منها 9 مليارات جنيه بعد خصم الضرائب أي حوالي 2.1% فقط. وأوضح الدكتور بيومي ان الدين لا يمثل مشكلة في حد ذاته لكن المشكلة ان 64% من هذا الدين استخدمته الحكومة لسد العجز النقدي في الموازنة العامة للدولة و34% تم استخدامه في الاستثمارات الجديدة، مشيرا إلي ان الكارثة ان هذا الدين ليس في الحدود الآمنة بل ويتزايد بمعدلات كبيرة، ويزيد من خطورته اننا نستدين من أجل الانفاق علي الطعام وليس من أجل الاستثمار. أزمة "الدين" ومن جانبه يوضح الدكتور رمضان صديق أستاذ التشريعات المالية العامة والضريبية بحقوق حلوان ان هناك أسبابا كثيرة لزيادة الدين العام المحلي بسبب زيادة عجز الموازنة والذي بلغ في نهاية يونيو 2005 نحو 61.4 مليار جنيه عجزاً كليا مما يؤدي إلي الاستدانة ورغم ان هذا الرقم مصدره الحساب الختامي للموازنة العامة إلا اننا نجد جهات أخري تصدره أقل من ذلك منتقدا الاختلاف والتناقض في البيانات الاقتصادية وخاصة المتعلقة بالموازنة العامة. ويحذر د. صديق من المخالفات الكثيرة التي شابت تنفيذ مشروعات الخطة الاستثمارية للدولة فضلا عن ان هناك ضعفا في الرقابة علي تنفيذ تلك المشروعات وعدم كفاية دراسات الجدوي والدراسات الاقتصادية لهذه المشروعات مما يمثل إهدارا للمال العام يستوجب المساءلة. ويشير الدكتور صديق إلي ان الدين الخارجي بلغ 28.9 مليار دولار في نهاية 30/6/2005 مقابل 29.9% مليار دولار خلال نفس الفترة من العام 2004 موضحا ان أغلب هذا الدين حكومي ولهيئات اقتصادية حيث ينقسم إلي 10.5 مليار دولار ديناً علي الحكومة بالإضافة إلي ديون خارجية أخري مضمونة من الحكومة بقيمة 19.4 مليار دولار في حين ان ديون القطاع الخاص الخارجية لم تتجاوز 115 مليون دولار مما يستوجب اتباع سياسة تقلل حجم هذه المديونية الخارجية.