نائب مدير البنك الوطني المصري تعاني وحدات الجهاز المصرفي جميعها أشد المعاناة من بعض العملاء الذين يرفعون دعاوي ضدها وذلك بهدف التشكيك في صحة مديونياتهم، وكسب مزيد من الوقت (فترة سماح طويلة) لسداد جزء من المديونيات وأن هذا يعد تسويفاً لتعطيل البنوك واعاقتها عن تحصيل ديونها لدي هؤلاء العملاء وجرجرتها أمام المحاكم. وهذه القضايا تعرف بقضايا (الحساب) وهناك عشرات الآلاف من هذا النوع تزدحم بها ساحات المحاكمة وساحات الخبراء المحاسبين لدي وزارة العدل يومياً. وعلي الرغم من أن جميع البنوك عند قيامها بمنح تسهيلات ائتمانية لأي عميل تحدد من البداية جميع الشروط والضوابط والقواعد المنظمة لسير التسهيلات من حيث المدة "سعر الفائدة" أسلوب السداد... إلخ ليس هذا فحسب بل تمسك حسابات ودفاتر وسجلات منتظمة جداً تخضع للرقابة والمراجعة الدورية من داخل البنوك ومن خارجها وهي حسابات مدققة والمفروضة أنها أيضاً لدي العملاء تراجع بصفة دورية إذ كيف لهؤلاء العملاء ومحاسبيهم القانوني إعداد ميزانيات سنوية وتقديمها للضرائب والهيئات المختصة، إلا أنه تلاحظ خلال السنوات السابقة أن العملاء عندما يتعسرون في سداد التزاماتهم قبل البنوك ويستشعرون قيام البنوك بالبدء في اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم لتحصيل تلك الالتزامات والتي هي أصلاً أموال المودعين (المجتمع) يسارع هؤلاء العملاء الفاشلون إلي ايجاد نزاعات في المديونيات عن طريق رفع دعوي حساب أمام المحكمة رغم أن معاملاتهم مع البنك قد تكون ممتدة لعدة السنوات مضت وهو يهدف بهذا الإجراء عرقلة جهود البنوك بزعم أن الدين متنازع عليه ولا يحق للبنك طلب إشهار إفلاس العملاء مثلاً ويتضح أن السبب الحقيقي بتلك الحجة. وحيث إن القضاء يشترط لإشهار الإفلاس أن يكون الدين خالياً من النزاع ويتضح أن السبب الحقية لإقامة تلك الدعاوي هو إخفاء التعثر الحقيقي الذي يمر به هؤلاء العملاء حيث إن مثل هذه الدعاوي تستمر في المحاكم سنوات طويلة حتي يصبح الحكم فيها نهائياً، مما يعطي هؤلاء العملاء فرصة أكيدة للماطلة أو التهرب من سداد مديونياتهم خلال سنوات النزاع وفي الغالب تصدر الأحكام في صالح البنوك لأن إقامة الدعوي من قبل العملاء يثبت علي أسس خاطئة وما بني علي خطأ فهو خطأ. ولتفادي ذلك يتعين علي البنوك مراعاة الدقة في اختيار عملائها ومراعاة الدقة في الاستعلام عنهم قبل التعامل معهم، كما أنه أصبح في يقين خبراء وزارة العدل والقضاء العادل من أن تلك الدعاوي ما هي إلا مضيغة للوقت وإطالة مدة السداد. وقد يكون السبيل إلي تقليل معاناة البنوك في هذا النوع من الدعاوي أن يصدر تشريع مفاده (أن يكون الفصل في هذه القضايا من أول أسبوع وأن يكون تقديم البنوك اقرار من العملاء بمصادقتهم علي صحة أرصدتهم سنوياً للمحكمة، هو الحكم الفوري بعدم قبول الدعوي أو الاستمرار فيها كما أن الميزانيات المعتمدة من المحاسبين القانونيين هي سند آخر للبنوك للمطالبة بعدم قبول مثل هذه الدعاوي حتي توقف هذه المهزلة من جانب العملاء معدومي الضمير وأن نغلق الأبواب أمامهم ونقطع الطريق عليهم من أول أسبوع وأن يكون للتشريعات دور في إيقاف هؤلاء العملاء أو من تسول له نفسه مستقبلاً إقامة دعوي حساب من ناحية وسرعة حصول البنوك علي تلك الديون المتعثرة لإعادة استثمارها في تنمية المجتمع من ناحية أخري ولإبعاد التهمة عن القضاء بأن بطء التقاضي أحد أسباب ضعف المناخ الاستثماري في مصر. إن الحديث في هذا الموضوع من الممكن أن تفرد له وسائل الإعلام قنواتها لتصحيح الأوضاع المقلوبة (بين البنوك وعملائها المتعثرين) لما لها من آثار سلبية وضارة علي المجتمع ككل ولو تم حسم هذه القضية بشكل جذري بوضع شرط جزائي كبير كايداع مبلغ يعادل المديونية المتنازل عنها كأمانة لدي وزارة العدل لامتنع العملاء عن إقامة مثل هذه الدعاوي والعائد الاقتصادي سيكون كبيراً علي كل الأطراف.