في بادرة غير مسبوقة في تاريخ النظام المصرفي تكشف عن بداية فهم البنك المركزي ومسئولي البعض من البنوك لحجم مشكلة الديون المتعثرة والإدراك الواعي لضرورة تسويتها، وفي إطار السعي من جانب البنك المركزي لحل جزء من مشكلات تلك الديون وتخفيف العبء علي صغار العملاء المتعثرين الجادين في السداد والذين يمثلون قطاعا عريضا من عملاء البنوك، فقد أعلنت خلال شهر مارس 2007م بنوك مصر الأهلي القاهرة التنمية الصناعية عن مبادرة لتسوية شاملة لمديونيات العملاء المتعثرين التي تبلغ مديونيات كل منهم مليون جنيه فأقل في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمات المختلفة. ويتضمن برنامج المبادرة الآتي: أ العملاء المدينين المتعثرين الذين تبلغ مديونيات كل منهم 500 ألف جنيه فأقل يقوم العميل بسداد 25% نقداً من رصيد المديونية بتاريخ 31/12/2006م في موعد أقصاه 30/6/2007م، مقابل إعفائه من باقي المديونية والتصالح في القضايا المتبادلة وإبراء ذمته. ب العملاء المدينين المتعثرين الذين تبلغ مديونيات كل منهم أكثر من 500 ألف جنيه حتي "1" مليون جنيه، يقوم العميل بسداد 30% نقدا من رصيد المديونية بتاريخ 31/12/2006م في موعد اقصاه 30/6/2007م مقابل إعفائه من باقي المديونية والتصالح في القضايا المتبادلة وإبراء ذمته. وتتضمن المبادرة بصورة غير معلنة بشكل كافٍ استمرار وضع اسماء العملاء المتعثرين الذين تتم تسوية مديونياتهم طبقا للبرنامج بعاليه ضمن قائمة العملاء المحظور اقراضهم من الجهاز المصرفي لمدة خمس سنوات من تاريخ السداد، مع عدم العمل بهذا الحظر في حالة رفع نسبة السداد إلي 60% نقدا من رصيد المديونية في 31/12/2006 في موعد أقصاه 30/6/2007م. وتتولي البنوك المشاركة في هذا البرنامج ارسال اخطارات بعرض شروط التسوية إلي العملاء المتعثرين المستوفين لشروط تطبيق هذا البرنامج تتضمن المبالغ التي يتعين سدادها وفقا للشروط المذكورة بعاليه، ويصبح العرض والإعفاء كأن لم يكن إذا لم يتم سداد المبلغ المحدد بالاخطار نقدا في موعد أقصاه 30/6/2007م. ولا يدخل في إطار هذا البرنامج * عملاء بطاقات الائتمان. * قروض تمويل الحاسبات الآلية والسلع المعمرة. * قروض تمويل السيارات الملاكي. * قروض تمويل أو تشطيب الشقق السكنية. * قروض وسلفيات موظفي البنك. * قروض وسلفيات موظفي الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام. * السلفيات بضمان أوعية نقدية أو معادن نفيسة. * السلفيات بضمان خطابات ضمان. * مديونيات عملاء الصندوق الاجتماعي للتنمية. والمفهوم من هذه المبادرة أن إعفاء العميل المتعثر من باقي المديونية والتصالح معه في القضايا المتبادلة وإبراء ذمته سوف يشمل جميع تلك القضايا وحتي ولو كانت قضايا شيكات بدون رصيد باعتبارها تتعلق بالمديونية. ووصف العملاء الذين يستفيدون من هذا البرنامج بالمتعثرين هم العملاء الذين لم يسددوا مديونياتهم وتم تصنيفهم وفق قواعد محددة بأنهم عملاء متعثرون وبالتالي لا يستفيد من هذا البرنامج العملاء الذين لا ينطبق عليهم هذا الوصف. ولا شك في ان البنوك التي طرحت هذه المبادرة قد وردت بشكل كامل موقف كل عميل متعثر لديها وتحققت من أن ما طرحته لن يكلف البنك الكثير من الخسائر باعتبار أن معظم ديون هذه الفئة من العملاء تتضمن مبالغ كبيرة من الفوائد المدينة. مزايا المبادرة ومبادرة تسويات هذا القطاع من العملاء المتعثرين بهذا الشكل الفريد لا شك في انها جيدة لأنها تشمل قطاعاً عريضاً من عملاء البنوك أضاعوا استثماراتهم القليلة وأضاعوا جزءا كبيرا من التمويلات التي حصلوا عليها من البنوك بفعل قلة خبرتهم في إدارة تلك الاستثمارات، كما أن الجهد والوقت الذي تبذله البنوك في إدارة ومتابعة وتحصيل هذه الديون لا يتناسب في الغالب مع حجم تلك المديونيات، وتسوية تلك المديونيات تربح أولئك العملاء، وقد يعود الكثير منهم إلي ممارسة نشاطه الاقتصادي فيستفيدون ويستفيد بهم النشاط الاقتصادي في الدولة بعد ان يكونوا قد أدركوا اخطاءهم وعملوا علي تلافيها، ولن تخسر البنوك كثيرا لأن معظم تلك الديون تتضمن في الغالب نسبة كبيرة من الفوائد المدينة بعد توقف حركة حسابات هؤلاء العملاء واضطرار البنوك إلي تهميشها وعمل مخصصات لها.