حوكمة الشركات مصطلح رغم حداثته إلا أنه لم يعد مقصودا علي تطبيق قواعد الإدارة الرشيدة للشركات وفصل الادارة عن الملكية ووجود مراجعة خارجية مستقلة لها تقوم علي وجود افصاح وشفافية بعيداً عن المجاملات.. إلا أن هذا المصطلح امتد ليشمل قطاعات اقتصادية أخري من الضروري ان تكون بها "الإدارة الرشيدة" والشفافية والمراقبة والمراجعة منعا للفساد ومن أجل حسن الأداء الاداري. ومن بين القطاعات التي تحتاج للحوكمة النظام الضريبي والموازنة العامة وقطاع الأعمال. أي أنه من الضروري أن تكون هناك حوكمة للنظام الاقتصادي المصري.. "أي حوكمة البلد ككل" ومن هنا جاء اهتمام د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار بتطبيق الحوكمة علي قطاعات اقتصادية عديدة وليس علي الشركات فقط من أجل جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية حيث المستثمر يأتي في ظل الثقة في المناخ ككل ووجود شفافية وإفصاح ونظام معلوماتي جيد واطمئنان إلي سلامة التقارير المالية والرشادة الادارية. وفي مؤتمر علمي عقد مؤخراً بكلية التجارة جامعة الاسكندرية تم عرض العديد من الدراسات التي تناولت الحوكمة من جوانب عديدة خاصة حوكمة الشركات بالاضافة إلي النظام الضريبي والموازنة العامة وغيرها من القطاعات الاقتصادية من أجل حسن الادارة والأداء والرقابة والشفافية. تطالب الدراسات في مجملها بعمل نموذج مصري للحوكمة وتطبيقه علي مجالات اقتصادية عديدة كي تشمل الحوكمة كل القطاعات الاقتصادية في الدولة. الشفافية والإفصاح في البداية توضح الدراسة التي أعدها الدكتور السيد محمد السريتي الاستاذ بكلية التجارة جامعة الاسكندرية بعنوان "حوكمة الشركات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر" ان الحوكمة الجيدة للشركات تسهم في عملية التنمية الاقتصادية من خلال خمس آليات.. أولاها أن حوكمة الشركات لها دور في ايجاد نوع من الاستقرار المالي، مؤكدا أن الشفافية والافصاح عن الأوضاع المالية للشركات المساهمة يوفران قدرا من الطمأنينة للمستثمرين والمساهمين بما يساعدهم علي حقيق عائد مناسب لاستثماراتهم مع المحافظة علي حقوقهم وخاصة صغار المستثمرين والمساهمين مما ينعكس علي اعادة الثقة في سوق المال واستقرار أسعار الأوراق المالية وعدم تقلبها بدرجة كبيرة وهو ما ينعكس في النهاية علي تحقيق الاستقرار المالي وزيادة معدل التراكم الرأسمالي مما يحفز التنمية الاقتصادية ويدفعها للاستمرار بمعدلات مرتفعة. أما الآلية الثانية كما جاء في الدراسة فهي دور حوكمة الشركات في تحسين أوضاع موازين المدفوعات فكلما زادت درجة الشفافية في أسواق الاوراق المالية حفزت المستثمرين علي العمل في بلادهم مما يمنع رؤوس الأموال الوطنية من الهروب للخارج، كما يعمل علي جذب رؤوس الأموال الاجنبية مما ينعكس علي تحسين أوضاع موازين المدفوعات. ومن ناحية أخري - كما تقول الدراسة - فإن زيادة درجة الشفافية والافصاح تقلل الاموال القذرة وتحارب عمليات غسل الأموال. القضاء علي الفساد وتعتبر الآلية الثالثة التي تمكن حوكمة الشركات من تحقيق التقدم الاقتصادي هي دور الحوكمة في القضاء علي الفساد المالي والاداري، فكما توضح دراسة السيرتي فإن الحوكمة الجيدة تلزم مجالس ادارات الشركات بإطار قانوني موحد تعمل من خلاله بما يسمح بوضوح المعاملات لكل المساهمين والالتزام بمعايير ثابتة لتحديد أقساط الاهلاك واعادة تقدير رؤوس الأموال وتوحيد أساليب احتساب الضرائب، وهو ما يؤدي إلي تقليل حالات تلاعب الادارة والقضاء علي مظاهر سوء استخدام الأموال بما يؤدي كما تقول الدراسة الي توجيه الموارد المالية نحو أفضل استخداماتها وبما يساعد علي تحقيق التنمية الاقتصادية. أما الآلية الرابعة التي جاءت في الدراسة والتي تؤدي إلي تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال الحوكمة فهي دور الحوكمة في تحقيق التخصيص الأمثل للموارد. وكما يقول السيد السريتي فإن زيادة درجة الشفافية والافصاح عن الأوضاع المالية للشركات المساهمة تساعد علي زيادة درجة المنافسة بين هذه الشركات، وتزيد من رفع الحواجز التي تمنع الشركات الجديدة من الدخول وهو الأمر الذي يجعل سوق المال أقرب إلي حالة المنافسة الكاملة ويساعد ذلك علي استمرار الشركات الأكثر كفاءة وطرد الشركات الاقل كفاءة من السوق وهذا يحقق التخصيص الامثل للموارد. اما الآلية الخامسة كما توضح الدراسة فهي انعكاس الحوكمة علي تعظيم القيمة السهمية للشركة خاصة في ظل استحداث أدوات وآليات مالية جديدة.