اصبحت حوكمة الشركات من الموضوعات المهمة علي جدول اعمال المؤسسات والمنظمات الدولية في الوقت الحالي وقد اصبح من الواضح تماما ان الادارة الرشيدة للشركات تحدد بدرجة كبيرة مستوي اداء كبيرة هذه الشركات والاقتصادات خاصة في عصر العولمة والتنافسية الدولية. ومفهوم الحوكمة يشير الي القواعد والمعايير التي تحدد العلاقة بين ادارة الشركة وحملة الاسهم والاطراف الاخري ذات المصلحة ويشرف علي تنفيذها مجلس الادارة حماية لمصالح وحقوق المساهمين الذين ربما يكونوا بعيدين عن ادارة الشركة. وفي الواقع فان موضوع حوكمة الشركات قد حظي بالاهتمام عندما ازداد حجم استثمارات القطاع الخاص وانفصلت الملكية عن الادارة فقد اصبحت المعايير طبقا لمبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) تدور حول الطريقة التي يمكن بها ضمان حقوق المساهمين من السلوك الجزافي للادارة احيانا والطريقة التي يمكن بها ضمان رقابة الادارة. وتوضح قواعد حوكمة الشركات توزيع الحقوق والمسئوليات علي مختلف الاطراف المشاركة في المنشأة بما في ذلك مجلس الادارة والمديرون والمساهمون واصحاب المصالح كما تحدد كذلك القواعد والاجراءات اللازمة لاتخاذ القرارات ذات الصلة بشئون الشركة ويعد ذلك - اذا ما تم تطبيقه - بمثابة اعداد الاطار العام الذي تحدد من خلاله اهداف الشركة والسبل اللازمة لتحقيق هذه الاهداف ومراقبة الاداء. وتقوم حوكمة الشركات علي عدة مبادئ وضعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتتضمن هذه المبادئ علي سبيل الايجاز مايلي:- -حقوق المساهمين وكشمل امن ملكية الاسهم والحق في الافصاح التام عن المعلومات وحقوق التصويت والمشاركة في قرارات بيع او تعديل اصول الشركة بما في ذلك الدمج وكل المسا ئل المتعلقة باصدار اسهم جديدة. -المساواة في التعامل بين جميع المساهمين. - دور اصحاب المصلحة في حوكمة الشركات حيث توجد اطراف اخري ذات مصالح في الشركات اضافة الي المساهمين فيها مثل البنوك وحملة السندات والعمل ويعتبرون من اصحاب المصالح الذين يتأثرون باداء الشركة وقراراتها. - الافصاح والشفافية في نشر كل الحقائق العامة عن الشركة. -مسئولية مجلس الادارة حيث ان لمجلس الادارة دور في حماية الشركة والمساهمين واصحاب المصالح ومنها ما يتعلق باستراتيجية الشركة والمخاطر ومكافآت التنفيذيين وادائهم وانظمة المحاسبة واعداد التقارير. وعلي الجانب الاخر تلعب مبادئ حوكمة الشركات دورا مهما في مكافحة الفساد المالي حيث ترتكز في ذلك علي ثلاثة محاور اساسية الاول - الرقابة والمساءلة فيجب ان تشمل التقارير السنوية للشركات المقيدة في البورصة عدة مبادئ للرقابة مثل التأكيد علي وجود وظيفة المراجعة الداخلية علي ان يقوم مجلس الادارة سنويا بتقييم فاعلية نظام الرقابة الداخلية وان يقدموا للمساهمين ما يفيد قيامهم بذلك بحيث يشمل جميع اوجه الرقابة بما فيها المالية والتشغيل وادارة المخاطر. أما المحور الثاني وهو التوازن ويتضمن ذلك توازن القوي فالسلطة المطلقة مفسدة ويحدث هذا التوازن داخل مجلس ادارة الشركة من خلال التوازن بين اعضاء مجلس الادارة التنفيذيين وغير التنفيذيين ،كذلك مدي وجود نظام رقابة داخلية محكم وقيام الادارة بتحقيق التوازن بين مختلف الاطراف المرتبطة بالشركة دون تغليب مصلحة طرف علي مصلحة طرف اخر. والمحور الثالث فهو الافصاح والشفافية حيث يجب ان يتضمن اطار حوكمة الشركات تقديم افصاح موثوق وفي التوقيت المناسب لكل الامور المهمة بشأن الشركة شاملا الوضع المالي والاداء والملكية والرقابة واهداف الشركة والتصويت وعضوية مجلس الادارة ومكافآتهم وعوامل المخاطر الجوهرية وهياكل الحوكمة وسياستها والمراجعة السنوية وتحديد صلاحيات الدخول علي المعلومات من جانب المستخدمين. بالاضافة الي ما سبق تلعب قواعد الحوكمة دورا مهما باعتبارها من اهم الضوابط الرقابية في مجال البنوك حيث ان التطبيق السليم للحوكمة من قبل البنوك سيؤدي الي ادارة المخاطر التي تواجهها البنوك بصورة سليمة وبالتالي تضمن سلامة البنك وتضمن ايضا تقليص تعارض المصالح بين اصحاب العلاقة بالبنك (المساهمون - مجلس الادارة - الادارة العليا - العملاء) الي اقصي حد ممكن. والواقع الفعلي يشير الي ان هناك شركات كثيرة في مصر اتخذت خطوات سريعة وقوية لتطبيق قواعد الحوكمة بداخلها وخاصة الشركات العائلية واظهرت نتائج طيبة تتلخص في زيادة فرص الحصول علي رؤوس الاموال بغرض عمل التوسعات وزيادة الطاقة وزيادة شهرة هذه الشركات والاحتفاظ بنوعيات متميزة من الكفاءات والمديرين واشتراك المساهمين الرئيسيين في الكثير من القرارات الاستراتيجية للشركات. وجدير بالاشارة ان صدور قانون الشركات الموحد خلال هذا العام متضمنا العديد من الافكار غير التقليدية والمهمة ومن بينها اهمية تطبيق قواعد حوكمة الشركات سيكون دافعا لاتجاه الشركات والمؤسسات الي تطبيق قواعد الحوكمة باعتبار انها المدخل الرئيسي لتطور ونمو اعمال الشركات في العالم والحفاظ علي استمرارية النشاط للاجيال المقبلة خاصة ان مؤسسات التمويل الدولية والمحلية تضع الشركات الملتزمة بمبادئ الحوكمة علي اول قائمة اهتماماتها وتوفير التمويل المناسب لمشروعاتها. *خبير اقتصادي