حذر الدكتور اشرف جمال الدين مدير مركز المديرين والمسئول عن متابعة حوكمة الشركات في مصر من خطورة عدم قيام حملة الاسهم بممارسة صلاحياتهم في تحديد اتعاب مراجع احسابات الخارجي ترك هذه المهمة للادارة وهو الأمر الذي قد يجعل بعض المراجعين يأخذون جانب الادارة برغم ان قواعد الحوكمة تقتضي ان يكون المراجع مستقلا وان حملة الاسهم من اعضاء الجمعية العمومية هم الذين يحددون اتعابه. وقال اشرف جمال الدين في حوار ل"الأسبوعي": إن العام الاخير قد شهد تطورا في وعي الشركات المصرية بالحوكمة، فبعد ان كانت الشركات تتساءل عن مفهوم الحوكمة اصبحت تطالب بمساعدتها علي تطبيق قواعد الحوكمة، ولفت إلي قيام مركز المديرين باعداد دليل للجان المراجعة للشركات لاحكام الرقابة الداخلية عليها. * إلي أين وصلت جهود المركز في مجال حوكمة الشركات؟. ** نقوم حاليا بإعداد دليل لجان المراجعة الداخلية وهومشروع مشترك للمركز مع البورصة المصرية حيث اننا بحاجة لوضع عدة معايير للجان المراجعة الداخلية في الشركات وهي وظيفة مهمة في حوكمة الشركات لاحكام الرقابة الداخلية عليها رغم ان غالبية الناس مازالت تجهل أهمية هذه الرقابة وسوف يحتوي دليل لجان المراجعة الداخلية علي قواعد تنفيذية للجان المراجعة توضح مفهومها واهميتها ودورها وكيف تتشكل وما الجهة المشرفة عليها ووظائفها وغير ذلك. كما انجزنا أخيرا برنامج تدريبي لحوكمة الشركات العائلية وهذا أمر في غاية الاهمية نظرا لأن حوالي 90% من الشركات في مصر شركات عائلية، وهذا الدليل سوف يطرح قريبا. حوكمة "عائلية" * ولكن كيف يمكن حوكمة الشركات العائلية التي تعتمد في دراستها علي ملاكها في حين ان فكرة الحوكمة تقوم علي فصل الادارة عن الملكية؟! ** الحوكمة تمتد إلي ما هو اشمل من فصل الادارة عن الملكية فهي تمتد إلي وضع نظام داخلي في الشركة مما يضمن حقوق جميع الاطراف المتعاملة مع الشركة، مثل موردي الشركة وعملائها والهيئات الحكومية والبنوك التي تتعامل مع الشركة لأن الحوكمة تضمن حقوق الاطراف المختلفة في الشركة. واوضح هنا ان الشركات العائلية في مصر مهتمة جدا بتطبيق الحوكمة لانها تعلم انها الطريق الصحيح لامكانية انفعالها لان تصبح شركة أموال ناجحة، واذكر هنا مثالا علي ذلك، شركة اوراسكوم والتي بدأت كشركة عائلية برأسمال مدفوع 50 مليون جنيه وعندما طبقت قواعد الحوكمة والفصل بين الادارة والملكية ووضع نظام للرقابة الداخلية اصبحت قيمتها السوقية 40 مليار جنيه وهذا النمو الهائل يوضح اهمية الحكومة، خاصة وانها تضمن حقوق كل طرف من افراد الاسرة من ملاك الشركة العائلية. الوعي * هل تتصور أن السوق المصري اصبح به وعي كاف بالحكومة؟ ** نعم .. فالحكومة قد بدأت في مصر منذ عام 2001 حتي الآن واصبحت هناك جهات مسئولة عن نشر وتطبيق الحوكمة، بالاضافة سن القوانين التي تزيد من التزام الشركات بمعايير الحوكمة ويظهر ذلك تحديدا في العام الاخير حيث بدأت الشركات تتساءل عن كيفية تطبيق الحوكمة بعد انه كانت تتساءل عن مفهوم الحوكمة لرؤساء مجالس ادارات الشركات عن الحكومة. وقد ساعد اهتمام السوق المصري بقواعد الحوكمة علي اجتذاب اهتمام الهيئات الدولية بوضع مصر في مجال حوكمة الشركات، وتم الاتفاق مع منظمة الاممالمتحدة للتجارة والتنمية (الانكتاد) علي اقامة المؤتمر الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط والمزمع اقامته في فبراير أو مارس من العام القادم 2007 في مصر باعتبارها دولة رائدة في تطبيق الحكومة في المنطقة. كذلك بدأنا نتفاوض مع الانكتاد حول تمويل استطلاع للشركات المصرية المقيدة في البورصة لتقييم مدي تطبيق كل شركة علي حدة قواعد الحوكمة ومن المنتظر أن يبدأ هذا الاستطلاع العام القادم. * الشركات عادة تسعي للربح، فهل يمكن ان تزيد الحوكمة من فرص الشركة للربح والنمو؟ ** بالتأكيد، فقد ذكر بعض خبراء من البنك الدولي عدة أمثلة علي ذلك، من بينها أن أحد المستثمرين اشتري شركة في رومانيا ودفع ثمنا لها 1500 مليون دولار وكانت هذه الشركة ناجحة إلا انها لم تكن تطبق نظام الحوكمة، وبعد ان قام هذا المستثمر بإقامة نظام دقيق للحكومة داخل الشركة لمدة عامين فقط استطاع ان يبيع هذه الشركة ب 9 اضعاف الثمن الذي اشتراها به. المهمة الناقصة * لماذا لا يمنع تطبيق الحوكمة في السوق المصري من حدوث التلاعبات التي يتم الحديث عنها في البورصة المصرية؟ ** البورصة تتولي تنفيذ بعض القواعد الخاصة بحوكمة الشركات ومن ضمنها الافصاح والشفافية، فلابد ان تعلن كل شركة بالشكل المناسب عن المعلومات الداخلية الخاصة بها، وعند ثبوت حالات من التلاعب او عدم الافصاح يتم توجيه انذار للشركة او منعها من التداول ويمكن ان يتم شطبها تماما من البورصة. ولكن احيانا يحدث تلاعب في دقة الأرقام التي تقدمها الشركة والبورصة لا تملك ان تتدخل في القوائم المالية للشركات لتبحث الخطأ من الصواب وانما يقوم بهذا الدور مراجع الحسابات الخارجي والذي يلتزم قانونا بدقة البيانات ويكون مسئولا عنها. ولكن الواقع العملي يوضح ان حملة الاسهم احيانا لا يهتمون بمراجع الحسابات الخارجي ويتركه لادارة الشركة تحدد اتعابه (رغم ان قواعد الحكومة تفرض ان مراجع الحسابات الخارجي يجب ان يكون مستقلاً وأن حملة الاسهم من الجمعية العمومية هم الذين يحددون اتعابه) ممايجعل بعض المراجعين الخارجين ينحازون لرأي الادارة وليس المساهمين. والمؤكد أن مركز المديرين مسئول عن لعب دور في توعية حملة الأسهم بضرورة ممارسة صلاحياتهم في تعيين أوفصل مراقب الحسابات وتحديد اتعابه. * إذن هل تضمن قواعد الحوكمة ان تكون الارقام المتاحة عن الشركة معبرة فعلا عن واقع الشركة؟ ** نعم.. من خلال الآليات الداخلية في الشركة فالحكومة تشترط ان يكون بالشركة لجنة مراجعة داخلية ومراجعة خارجية من مراجع حسابات مستقل تماما عن الشركة ولا يعمل بها ولا يتقاضي من الشركة أية أموال، وبالتالي يضمن ان يقدم المعلومة الصحيحة عن الشركة.