رغم أن إسرائيل وعدت بتنفيذ الانسحاب من غزة منتصف الشهر القادم ورغم أن كل تصريحات ساستها تؤكد علي أنها قررت الخروج من غزة مهما كان الثمن فإن المخاوف تظل مثارة حول مدي التزامها بالتنفيذ وعدم ظهور أية عراقيل في اللحظة قبل الأخيرة تحول دون الانسحاب وعلي الجانب الآخر من المعادلة نجد أن السلطة الفلسطينية تتطلع إلي انسحاب حقيقي يفي بالمطلوب ولا تتحول معه غزة إلي سجن كبير لمليون ومائتي ألف فلسطيني فيما إذا استمرت اسرائيل تتحكم في المعابر والمطار والميناء وفيما إذا استمر الإغلاق والحصار. * الداخل الفلسطيني القضية الأخري التي يحاول الفلسطينيون تذليلها هي قضية الداخل الفلسطيني والتفاعلات بين الفصائل الفلسطينية ومدي اندماجها في حكومة تهييء للمرحلة القادمة وجاءت جولة محمود عباس في المنطقة مؤخرا لبحث الترتيبات الخاصة بالانسحاب الاسرائيلي والحوار الفلسطيني الفلسطيني ولقد رأينا كيف أن حماس أعلنت أنها غير جاهزة للمشاركة في حكومة وحدة وطنية فلسطينية خاصة وأنها ترفض اتفاقات أوسلو حتي الآن وتطالب بلجنة وطنية للاشراف علي الانسحاب من غزة ولا شك أن أي انفجار داخلي من شأنه أن يودي بالمشروع الفلسطيني. * جولة حوار أخري.. وتحرص مصر علي تجاوز الفترة القادمة بسلام ومن ثم تجري مشاورات مع السلطة والفصائل الفلسطينية بهدف تنسيق المواقف والاستعداد للمرحلة القادمة التي ستشهد الانسحاب الاسرائيلي من غزة ولذلك ربما تشهد الأيام القادمة جولة أخري من الحوار بين مصر والفصائل الفلسطينية قبل تنفيذ الانسحاب الاسرائيلي من غزة. * مصر والفصائل الفلسطينية حاول البعض وضع اسفين بين مصر وبعض الفصائل الفلسطينية مؤخرا متهما مصر بأنها وجهت تحذيرات شديدة اللهجة إلي حركة الجهاد الاسلامي ودعتها إلي عدم القيام بعمليات ضد إسرائيل وهددت بتأديبها إذا لم تنصع ولقد ثبت كذب هذه الادعاءات فمصر في تلك المرحلة الدقيقة أحرص ما تكون علي ايجاد مناخ ايجابي تضمن معه الوصول إلي توافق كلي بين جميع الفصائل الفلسطينية والسلطة حيث إن أي خلاف من شأنه أن ينسف الجهود التي بذلت وبلغت ذروتها في اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة في فبراير الماضي والتي أظهرت أن مصر أحرص ما تكون علي المصلحة الفلسطينية وتسعي جاهدة كي يتحقق الهدف الفلسطيني في بناء دولة مستقلة. * تفاهمات شرم الشيخ لا شك أن تفاهمات شرم الشيخ التي عقدت في فبراير الماضي كانت المدخل لاعطاء الفرصة لكل الجهود المبذولة حاليا اقليميا ودوليا لتخليص غزة وشمال الضفة من الاحتلال وللتقيد بخريطة الطريق، فمصر تؤمن بأن الوضع الفلسطيني الحالي وضع مأساوي وتكفي الظروف التي يعيش فيها الفلسطينيون ومن ثم فهي تبذل جهدا فائقا وتسعي عبر كل الاتجاهات لحل أية مشاكل عارضة سواء من قبل إسرائيل أو من قبل الداخل الفلسطيني وكل ذلك من أجل الوصول إلي الاطار العام لتسوية يبدأ تنفيذها علي أرض الواقع. * ممر صلاح الدين.. احدي القضايا المثارة اليوم تتعلق بعدد الجنود المصريين الذين سيتم نشرهم عند ممر صلاح الدين - ممر فيلادلفيا - ولقد تأكد أن العدد سيكون في حدود 750 جنديا وتقترب مصر حاليا من التصور النهائي للاتفاق علي الصيغة التي سيتم بموجبها التواجد الذي تهدف مصر من ورائه إلي تعزيز تسوية فلسطينية إسرائيلية ناجحة. * شكوك إسرائيلية.. غير أن إسرائيل في المقابل تثير الشكوك بين الحين والحين في أية خطوة ولهذا بادرات لجنة الاستخبارات التابعة للكنيست بالتحذير من نشر مصر لقوات أمنية علي طول ممر صلاح الدين بين مصر وغزة بعد انسحاب إسرائيل، فلقد ذهبت إلي أن نشر 750 جنديا مع آليات مصفحة يعتبر فرصة لبدء عودة عسكرية إلي شرق سيناء ومن ثم أوصت بأن يكون هذا التواجد مؤقتا علي أساس أن إسرائيل مازالت ترفض حتي الآن أي تغيير في اتفاقية السلام الموقعة بين الدولتين سنة 79. مخطط إسرائيلي تظل مصر حريصة علي أن يتم انسحاب إسرائيلي مأمون من غزة في الموعد المحدد وتسعي في الوقت نفسه لاستعادة كامل الحق الفلسطيني من خلال التنفيذ الكامل لخريطة الطريق والاستعادة الكاملة لكل التراب الفلسطيني واتاحة الفرصة للسلطة الفلسطينية للتفاوض علي كل ما يتعلق بخط الحدود وفي الوقت نفسه فإن مصر لا تألو جهدا لمقاومة أي مخطط إسرائيلي يهدف إلي ترسيخ الاستيطان في الضفة الغربية مقابل الانسحاب من غزة ومن ثم تجري مصر اتصالات مع جميع الاطراف الدولية بل وتسعي جاهدة للانضمام إلي اللجنة الرباعية الدولية التي تضم أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كي يساعدها هذا علي تأمين تسوية عادلة عبر مفاوضات نشطة تحقق للفلسطينيين أهدافهم في استرداد الأرض وحل قضايا الحدود والقدس وحق العودة ووقف الاستيطان مقابل تأمين الأمن لإسرائيل. فهل تنجح مساعي مصر في رتق الثغرات وتذويب أية فجوات في الرؤي؟ تساؤل تجيب عنه تطورات الأحداث خلال الأيام القادمة.