لم يكن هناك مفر تأجيلها بسبب وفاة الملك فهد ولعل الانطباع الذي تولد عند الكثيرين عندما دعا الرئيس مبارك إلي عقد قمة عربية طارئة في شرم الشيخ هو أن القمة تأتي كمحاولة لرد الاعتبار لشرم الشيخ وكمحاولة لبلورة موقف عربي قوي وتضافر الجهود ضد التطرف والارهاب الذي يمكن أن يطيح بأي إصلاح سياسي أو أي حراك نحو الديمقراطية والحرية وهذا الانطباع لم ينبع من فراغ لاسيما وأن الرئيس مبارك لم يدع إلي هذه القمة الطارئة إلا في أعقاب تفجيرات شرم الشيخ التي وقعت فجر الثالث والعشرين من الشهر الماضي. * علام التوجس من القمة؟ ولكن الدعوة إلي القمة شيء وامتلاك القادة العرب المسئولية لمجابهة التحديات شيء آخر، فكثير من الزعماء العرب باتوا يتوجسون من عقدها ولا يؤمنون بجدواها خاصة أن القضايا الرئيسية مثل الوضع في العراق اليوم والحادث في فلسطين ومكافحة الارهاب لا تعالج ببيانات الشجب والادانة ولا تتم من خلال قمة لا تسفر في النهاية إلا عن بيانات التنديد بحيث إن توصيات أية قمة تظل بعيدة عن التنفيذ ويستعصي تفعيلها علي أرض الواقع أما السبب فيعود إلي واقع الدول العربية المثقل بالهموم وبالقضايا التي تحتاج إلي جراحات عاجلة ولهذا وفي أعقاب الدعوة إلي أية قمة تتصاعد الآمال في أي تكون مختلفة عن سابقاتها سواء ما يتعلق بالمطروح أمامها أو ما يتعلق بالنتائج التي تتمخض عنها. آفة الارهاب إذا جئنا إلي قضية الارهاب بوصفها الطارئة التي رأت مصر الدولة الداعية أنها تستحق أن تجتمع القمة من أجلها لمناقشتها فإن المطروح في هذا السبيل سيكون الاتفاق الذي وافق عليه وزراء الداخلية العرب منذ أربع سنوات وبحث امكانية تفعيله وكيف يمكن أن يكون هناك جهد عربي لتوسيع رقعة هذا الاتفاق حتي يصلوا به إلي الأممالمتحدة بهدف ايجاد موقف دولي لمحاربة هذه الآفة.. آفة الارهاب. * الوضع الفلسطيني احدي القضايا الت ستطرح علي القمة هي الوضع الفلسطيني علي ضوء الانسحاب الاسرائيلي المزمع من غزة في منتصف الشهر الحالي وما سيؤول إليه خاصة مع احساس الجميع بأن خطة شارون حول الانسحاب من غزة ليست إلا حملة علاقات عامة كي تظهر إسرائيل أمام العالم بوصفها الدولة التي تسعي للسلام.. ولكن تظل الصورة المتوقعة لهذا الانسحاب معروفة سلفا لاسيما أن إسرائيل لم تعط أي ملمح يفيد بأن الانسحاب من غزة هو بداية لتنفيذ خريطة الطريق وأن هذا الانسحاب سيتبعه انسحاب من الضفة الغربية. * التطبيع هو الثمن لابد أن العرب إذا اجتمعوا في القمة الطارئة اليوم سيناقشون ما طرحته أمريكا عليهم مؤخرا من ضرورة تطبيع العلاقات مع إسرائيل كثمن لانسحابها من غزة وهي رغبة تحدث عنها "سلفان شالوم" وزير خارجية إسرائيل خلال زيارة كونداليز رايس الأخيرة للمنطقة وبالقطع سيتعذر علي العرب تلبية ما تدفع به أمريكا قدما كي يتحقق. إذ كيف يكافيء العرب إسرائيل علي انسحاب لا يعرفون سلفا ما قد ينتهي إليه؟ انسحاب قد تصبح معه غزة سجنا للفلسطينيين. * ماذا عن العراق؟ أما قضية العراق فرغم أن هناك مستجدات كثيرة تستدعي انعقاد قمة عربية بشأنها لاسيما مع استمرار ظاهرة العنف التي تصاعدت واتخذت شكلا من أعمال الارهاب من جهة والمقاومة من جهة أخري، ومع الوقائع الخطيرة التي جرت للدبلوماسيين العرب في مصر والجزائر والبحرين والتي أثارت قلق الرأي العام ومع استمرار الاحتلال والعمليات الارهابية ورفض الاحتلال تحديد جدول زمني للانسحاب من العراق رغم المأزق الذي تعيشه أمريكا هناك فإن اجتماع القمة لن يسفر عن شيء ايجابي يحرك الأمور نحو الحل.. فقط سيجد العرب أنفسهم يجتمعون لتداول القضية فيما بينهم دون الاتفاق علي دور عربي ينقذ العراق من الوضع الذي آل إليه اليوم من خراب ودمار علي يد الاحتلال. * التلاقي المطلوب من الطبيعي أن يكون أي تلاق عربي مطلوبا لتداول القضايا التي تستعصي علي الحل مثل الوضع الخطير في العراق واستمرار الاحتلال والارهاصات الحادثة في فلسطين ثم العمليات الارهابية التي هددت مصر مؤخرا في شرم الشيخ وقبل ذلك السعودية والمغرب وإذا كان التلاقي العربي مطلوبا ومهما فإن الأهم يكمن في مدي ما يمكن للمجتمعين التوصل إليه وكيف يمكن ضمان تنفيذ القرارات التي تتخذ؟ الخوف أن تتحول قمة شرم الشيخ لتكون نسخة مكررة من قمم عربية سابقة عقدت وانتهت وكأنها لم تعقد.