سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل كانت الدعوة لعقد القمة العربية الطارئة دعاية انتخابية لمبارك؟ .. ولماذا لا يختار الرئيس نائبا..وأمراض النظام السياسي المصري لا تحلها تعديلات دستوريه ما دام قانون الطواريء قائماً ..وسمير رجب يزعم أن امتلاك مبارك لبرنامج سياسي مبهرا
نبدأ تقريرنا اليومي من جريدة الوفد مع الكاتب أسامه هيكل الذي كتب يقول "أن انعقاد القمة العربية دورياً في مارس من كل عام، أمر ايجابي في حد ذاته، رغم أن الإحساس العام للعرب هو أن قادتهم يذهبون للقمة وهم يحملون أفكاراً لخلافات عربية جديدة، ورغم أنهم لم يخرجوا بشيء ايجابي في أي قمة. ولكن دعوة الرئيس مبارك لعقد قمة عربية طارئة في شرم الشيخ يوم 3 أغسطس الحالي، كانت تعني أن هناك أموراً مهمة طرأت تحتاج لبحث وقرارات حاسمة ولكن قيل إن جدول الأعمال يحمل قضيتين أساسيتين مطروحتين في كل قمة وهما تطورات الأوضاع في فلسطين والعراق. أما البند الثالث فكان الأهم من وجهة نظري، وهو بحث مسألة مكافحة الإرهاب، وأهميتها من وجهة نظري أيضاً إن القمة العربية الطارئة حينما تنعقد في شرم الشيخ بعد أيام من التفجيرات التي هزتها وقتلت 64 بريئاً، ستعني تحدياً واضحاً للإرهاب، وسيكشف للعالم كله الذي يتهم العرب والمسلمين بالإرهاب، أن العرب المسلمين يرفضون هذا الإرهاب. المهم لم تنعقد القمة بسبب ظروف جنازة الملك فهد بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، وكنت أتوقع أن تعقد القمة بعد ذلك بساعات أو بأيام قليلة، لأنها حسبما وصفت كانت طارئة. ومرت أيام وأسابيع، ولم تنعقد.. وأعلن الرئيس مبارك في سرت منذ يومين أن موعد انعقاد القمة الطارئة سوف يتحدد بعد انتخابات الرئاسة في 7 سبتمبر القادم. وذلك في الاجتماع الذي عقد بوساطة ليبيا لحل الخلاف المصري الجزائري الذي نشأ من مجرد الإعلان عن عقد القمة الطارئة. وهذا الكلام له وجاهته، فلا يمكن أن تكون هناك انتخابات بهذا القدر من الأهمية، ويجري التفكير في عقد قمة لمناقشة قضايا عالقة منذ سنوات، ففلسطين تعاني من نفس المشاكل منذ عام ،1967 والعراق حالته لا تسر عدواً ولا حبيباً منذ 199 . والإرهاب لن يتم التخلص منه بقمة ولا حتى بعشر قمم. ولكن يبقي السؤال الأهم: إذا كانت القمة الطارئة يمكن تأجيلها أكثر من شهر ونصف علي الأقل، فلماذا نستعجل، ونعقدها قبل موعدها المقرر في مارس القادم؟! فكلمة طارئة تعني الاستعجال، وتعني أن هناك حدثاً جللاً يحتاج إلي قرار سريع.. وعاجل.. وحاسم.. ولكن كما يبدو فان الأمور ليست محل استعجال.. والحسم ليس في صفات القمم العربية، ولم تحسم أي قمة أي أزمة.. والقضايا المطروحة مزمنة وسوف تستمر علي جداول أعمال كل القمم العربية حتى عام 3. بصراحة.. لماذا جاءت الدعوة لعقد القمة العربية الطارئة؟! هل كانت دعاية انتخابية للرئيس مبارك؟! ومن هذا السؤال ينقلنا د . عادل وديع فلسطين في مقاله بجريدة الأهالي إلي سؤال أكثر عمقا حيث كتب يقول " لقد كان متوقعا أن يعلن الرئيس حسني مبارك عن تسمية نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية لطرحه علي الشعب في انتخابات الرئاسة المقرر عقدها الشهر القادم، ولقد كان هذا الموضوع يلح في أذهان الشعب طوال الفترات السابقة وتمني حدوثه مع كل مرحلة رئاسية جديدة أو مع كل تغيير وزاري، ولشدة اهتمام الشعب بهذا الموضوع، كانت تثار دائما تكهنات بقرب اختيار شخصية ما.. أو أخري للتعيين في هذا المنصب الخطير.. مجرد تكهنات .. خاصة عند حدوث انتقالات سلمية للسلطة إقليميا أو دوليا، والمثال الأخير حدوث هذا الانتقال السلمي للسلطة في حكومة جنوب السودان .. وطبعا في السعودية! أما في مصر .. فهذا الموضوع ملح خاصة أن قوي الرفض غير الشرعية تتربص بالبلاد وتنتظر الفرصة للوثوب إلي الحكم وخوض المواجهات مع الدولة كسلطة والشعب كرافض . ويتقلد نائب الرئيس السلطات حتى انتهاء فترة الولاية وبعيدا عن هذا الموضوع أقول للدكتور رفعت السعيد، صدقت يا دكتور رفعت .. فقد انتابني في لحظة ما .. قدر ما من غيرة الانتماء- حيث وجدت الساحة التي تضم المرشحين للرئاسة - خالية من أهم الرموز الوطنية الشريفة والممثلة في حزب التجمع .. خاصة بعد تقدم حزب الوفد للترشيح، وقد كافحت هذه القوي ونزلت إلي الشارع المصري والتحمت بالجماهير وبالمواطن البسيط الكادح الذي يجري وراء رغيف الخبز، كما أن النشاطات التي قام بها حزب التجمع شجعت وأيضا علمت الجماهير الخوض في السياسة بمفهومها البسيط، وألقت الضوء علي قضايا الفساد والانحرافات والمحسوبية وغلاء الأسعار والبطالة. لم يستمر هذا الشعور بالحيرة، فقد انتشلني صوت الدكتور رفعت السعيد عبر الهاتف ليقول أنه لن يكون (أراجوزا)، وأن ما يهدف إليه ليس خوض انتخابات هذا العام .. ولكن الهدف، تنظيم العمل السياسي في الفترة القادمة وتجريده من التعقيدات حتى يسود جو ديمقراطي سليم .. جو غير موجه لنصرة حزب بعينه ويتيح الفرص كاملة غير مشروطة ومدعمة بقوانين وضعها مستفيدون يتطلعون إلي الأبدية في مواقعهم السياسية. استرحت لرأي الدكتور رفعت واقتنعت خاصة وأن ما يبذل الآن من كفاح هو من أجل المستقبل، والذي سيخلو بالطبع يوما من مناضلى اليوم وتترك الساحة لكل من هب ودب وتعود مراكز قوي جديدة لسدة الحكم معتمدة علي رأس المال والشللية وأيضاً التطرف. أما إذا نظرنا إلي الشخصيات التي تقدمت للترشح لانتخابات الرئاسة فنجد العجب العجاب. فالغالبية لم تهتم بمتابعة التطورات السياسية والتشريعية الأخيرة ومناقشات مجلسي الشعب والشورى، ولم يهتموا أيضا بالشروط الواجب توافرها لمرشح الرئاسة، وتناسوا أن الذي يتقدم لأي وظيفة لابد أن يطلع ويستوفي الأوراق المطلوبة للتعيين في هذه الوظيفة، فما بالك بمنصب رئيس الجمهورية. نحن لسنا ضد ترشح بعض من الناس البسطاء ولكن لابد وأن يكون هناك حد أدني لإمكانات هؤلاء المتقدمين، ولكنها ظاهرة تستحق الدراسة .. فكل واحد من هؤلاء يمثل معاناة الجماهير ويعبر عنها بشخصيته وبرنامجه . . فمثلا عدم الاهتمام بتقديم موافقة 25. عضوا برلمانيا .. يعكس الواقع المرير كأنه الجدار الفاصل بين الحرية والديكتاتورية .. حتى إن واحدا منهم يعبر عن ذلك بقوله - ده عدد كبير لا يستطيع حتى ولا عثمان أحمد عثمان الحصول عليه - كأن المهندس عثمان في نظره هو آخر المطاف وكأنه (شجيع السيما)، ومرشحة عمرها ثلاثون عاما تشكو من البطالة .. وتنادي بإغلاق المدارس والجامعات لأنها تخرج عاطلين .. إنها قضية اجتماعية تثيرها فتاة بسيطة لا تبغي الوصول إلي الحكم بقدر ما تطلق صرخة وآهة مكتومة داخلها. أما المضحك فالذي يقدم نفسه علي أنه طيب القلب وشخصية (حبوبة)، وأنا أري أيضا أن هذا الرجل يمثل استياء الشعب من بعض الوجوه غير المحبوبة من الشعب وأيضا هؤلاء قساة القلوب الذين اغتنوا بإفقار الشعب. ونموذج آخر يقر أن خوضه لهذا التجربة هدفه(حكم مصر)، كما يحلم الطفل بأنه كبر وشب وأصبح عسكريا أو ضابطا حتي يؤدب الناس الوحشين. وبجانب هؤلاء برز من يمثل المغيبين أصحاب الأنفاس العميقة والدخان والذي رشح نفسه لرئاسة الجمهورية بناء علي حلم .. وكأنها رؤيا من جبريل عليه السلام تبشره بقيادة الوطن . وأنا لا أريد أن أهاجم هؤلاء .. ولكنني أتعامل معهم كطبيب نفسي فهم يعبرون بالتأكيد عما نحن فيه. وتحدث حسين عبد الرازق عن ما قالته الدكتورة منار الشوربجي عن التغيير في نفس الجريدة حيث قالت أن التغيير السياسي والإصلاحات الدستورية لا تضمن تطبيق الديمقراطية في مصر .. فالجمهورية البرلمانية لا تعالج في الواقع أيا من المشكلات التي يعاني منها النظام السياسي المصري، هذا فضلا عن أن إقامتها قبل توافر شروط بعينها سوف تؤدي إلي استمرار هيمنة الحزب الواحد، ولكن بعد إضفاء الشرعية هذه المرة علي تلك الهيمنة . فالنظام السياسي في مصر يعاني من اختلال فادح في التوازن بين صلاحيات المؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية لصالح الأولي . وتقترح د . منار أولا اتباع نظام القائمة النسبية، ثم تحرير الأحزاب من القيود المفروضة عليها، ثم قيام أحزاب المعارضة نفسها بعملية مراجعة للذات تعيد فيها النظر في مجمل أدائها . وتبحث جديا في الأسباب التي جعلت حركات اجتماعية تسحب البساط من تحت أقدامها . عندئذ فقط يمكن الحديث عن الجمهورية البرلمانية وما إذا كانت أفضل لمصر . أما القفز إلي اقامتها الآن فهو آخر ما تحتاجه لأنه يكرس هيمنة الحزب الواحد، ولكن هذه المرة بعد إضفاء شرعية سياسية كاملة عليه . ولو أعادت د . منار الشوربجي قراءة برامج الأحزاب الديمقراطية المصرية والبرامج المشتركة للأحزاب والقوي السياسية، لوجدت أن نسبة الجمهورية البرلمانية لا تطرح أبدا منفصلة عن بقية قضايا الإصلاح السياسي والدستوري أو قفزا عليها . فهناك دائما ترابط عضوي بين هذه القضايا جميعا، وبصفة خاصة : - العودة إلي الشرعية الدستورية بإنهاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين وإعادة محاكمة المحكوم عليهم من محاكم عسكرية أمام القضاء الطبيعي، وتطبيق برنامج متكامل لمنع التعذيب في السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة وأماكن الحجز عامة . - انتخاب رئيس الجمهورية بالتصويت الحر المباشر بين أكثر من مرشح ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وتخلي رئيس الجمهورية عن انتمائه الحزبي طوال فترة رئاسته، وتحديد وتقليص سلطاته الواردة في الدستور. - قيام نظام جمهوري برلماني يكفل إعادة توزيع الاختصاص داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بحيث يكون لرئيس الوزراء سلطات حقيقية الأمر الذي يستتبع كامل مسئوليته أمام السلطة التشريعية التي يكون لها حق سحب الثقة منه أو من أي من وزرائه. - إلغاء المادة 74 من الدستور التي تعطي لرئيس الجمهورية سلطات استثنائية مبالغ فيها. - إطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية تحت إشراف القضاء الطبيعي، ورفع الحصار المفروض عليها والذي حدد إقامتها في المقر والصحيفة. -رفع القيود علي عقد المؤتمرات في الشارع وتنظيم المسيرات وتوزيع البيانات. - إطلاق حرية إصدار الصحف وتحرير أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والصحافة القومية من سيطرة الحزب الوطني والسلطة التنفيذية، وإلغاء الحبس في قضايا النشر. - إجراء انتخابات حرة ونزيهة علي أساس القائمة النسبية . - رفع القيود الأمنية خاصة علي منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية، وإصدار قانون جديد يؤكد استقلال القضاء. - إن كل مطلب من هذه المطالب لا يحقق هدفه إلا بالارتباط بالمطالب الأخري، فبرنامج الإصلاح يمثل روشتة متكاملة لابد من التعامل مع مكوناتها جميعا بدون استثناء، وعن الحراك السياسي كتب حسين محمد وجيه يقول في جريدة الأخبار تشهد مصر حراكا سياسيا غير مسبوق، وهذا الحراك علي مستوي جميع التيارات الفاعلة بالمجتمع وهو نتيجة لجهود جميع التيارات علي اختلاف توجهاتها في مصر وينبع من الإحساس العام لدي الجميع بأهمية الانتقال من نظام حكم جري في إطار دستوري عام 71 وفي إطار أعراف أخري عديدة، إلي نظام حكم جديد يتعامل مع تغيرات هيكلية يمر بها المجتمع وطبيعة العصر وظروفه التي نحتاج الي التواؤم والتفاعل معها بايجابية وبأداء أفضل. لقد تغيرت خريطة الواقع السياسي في مصر بشكل ملحوظ فلقد عكس الخطاب الرئاسي في مصر ولأول مرة أهمية اصلاح الدستور وتحديد الصلاحيات المطلقة لرئيس الجمهورية وتحدث عن الغاء قانون الطواريء.. وعن مرشحين للرئاسة.. وكلها أمور لم تكن واردة في نفس الخطاب السياسي الرئاسي منذ عدة اشهر فقط. ولاشك أن هذا الخطاب قد استجاب لأجندة المصريين كلهم حكومة ومعارضة وشعبا. من هنا يمكننا أن نصف الوضع الراهن بأنه قد يكون بمثابة الفرصة الذهبية لمصر لكي تحدث نقلة نوعية في أسلوب الحكم وفي تحقيق مستوي الديمقراطية التي تليق بعراقة شعب مصر وحضارته.. ولكن لابد ان نسعى إلي ترشيد التفاعلات بعيدا عن الاحتقانات والانفعالات والتلاسن وفتح صفحة جديدة لواقع تفاعلات جديدة بعيدا عن أساليب بالية تكرست في تفاعلات العقل العربي عموما من حيث لغة الاقصاء المتبادل والتسلط في الحوار أو شيوع خطابات الطمأنة الوهمية وليس في الامكان احسن مما كان وخطابات الجرعات الديمقراطية المراوغة والتزلف والالتفاف .. فنحن بحاجة إلى خطاب يعني بتكريس ثقافة التفاوض النضالي الجماعي.