جودة غانم: بدء المرحلة الثالثة لتنسيق الجامعات الأسبوع المقبل    الكشف الطبي على 2770 طالبا بجامعة قناة السويس    «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    إزالة 97 حالة تعدٍ بمساحة 20 ألف متر في أسوان    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ 105 آلاف وحدة سكنية بمدينة أكتوبر الجديدة    السكة الحديد تطلق خدمة "Premium" على متن رحلاتها من القاهرة إلى الإسكندرية    التمثيل التجاري: خطة عمل لترويج وتنمية صادرات مصر من الحاصلات الزراعية    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من إجراء القرعتين 17 و18 للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بالعبور الجديدة    إعلام إسرائيلي عن مسؤول عسكري: الجيش يواجه حرب استنزاف في غزة    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو للتصدي للتطرف والإرهاب    من حريق الأقصى إلى مواقع غزة.. التراث الفلسطيني تحت نيران الاحتلال    بين الخيانة ورسائل الكراهية.. خلاف ألبانيز ونتنياهو يتحول ل"إهانات شخصية"    موعد مباراة مصر والكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    فوز لاعبة بني سويف ب6 ميداليات ببطولة أفريقيا لرفع الأثقال    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    مصرع عامل وإصابة 16 آخرين في انقلاب نصف نقل بطريق السويس    ارتفاع عدد ضحايا ومصابي حادث انهيار عقار شارع مولد النبي بالزقازيق    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سوزوكى بالفيوم    في أول ظهور إعلامي لها.. آن الرفاعي تتألق في "هي وبس"    86 قطعة أثرية بمعرض "أسرار المدينة الغارقة" بالإسكندرية    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    "إجراءات تجاه المقصرين".. وكيل صحة الإسماعيلية تزور وحدة طب أسرة الشهيد خيري    مستشفى بئر العبد النموذجي يستقبل وفدًا رفيع المستوى من وزارة الصحة    جلوبو: توتنام يرفع عرضه لضم سافينيو إلى 80 مليون يورو    "مدبولي" يدعو "تويوتا تسوشو" للاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    الداخلية تضبط 15 طن دقيق قبل بيعها في السوق السوداء خلال 24 ساعة    هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    3 وكلاء جدد بكلية الزراعة جامعة عين شمس    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    إعلام عبري: إطلاق نار على إسرائيليين قرب مستوطنة "ملاخي هشالوم" في الضفة    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ أسوان يتابعان مشروعات"حياة كريمة" والموجة ال27 لإزالة التعديات    الأرصاد تحذر من حالة طقس يومي السبت والأحد    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يتفقد مستشفى رأس التين العام ووحدة طب أسرة الجمرك    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    «اقتصادية القناة»: جهود متواصلة لتطوير 6 موانئ على البحرين الأحمر والمتوسط    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    نجوم الكرة يشاركون في تشييع جثمان والد «الشناوي»    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المزاجية» الأمريكية وسياسة الانحدار العالمية
نشر في الأهالي يوم 29 - 02 - 2012

خلال العقد الماضي، وللمرة الأولي منذ 500 عام، خطت جنوب افريقيا بنجاح باتجاه التحررّ من الهيمنة الغربية.. تحرّكت المنطقة نحو التكامل، وبدأت بمعالجة بعض المشاكل الداخلية الرهيبة في المجتمعات التي تحكمها بمعظمها نخب أوروبية التوجه: جزر صغيرة بثروات كبيرة في بحر من البؤس. كذلك، خلّصوا أنفسهم من كل القواعد العسكرية الأمريكية وسيطرة
صندوق النقد الدولي. أما اذا نجحت منظمة (سيلاك CELAC) التي شُكلت حديثا، وتشمل كل بلدان نصف الكرة الأرضية بعيدا عن الولايات المتحدة وكندا، فمن شأن ذلك ان يكون خطوة أخري باتجاه الانحدار الأمريكي، خصوصا في ما كان يعتبر دائما "الفناء الخلفي".
الأخطر من ذلك هو خسارة دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، التي لطالما كانت مركز اهتمام المخططين منذ أربعينيات القرن الماضي باعتبارها "مصدرا ضخما للقوة الاستراتيجية وواحدة من اكبر الجوائز المادية في تاريخ العالم". فالسيطرة علي احتياطات الطاقة فيها يسفر عن "سيطرة كبيرة علي العالم ككل"، علي حد تعبير أ.أ. بيرل، ابرز مستشاري الرئيس روزفلت.
ما لا شك فيه هو انه في حال تحقّق استقلال الطاقة أمريكياً بالاعتماد علي الموارد في شمال الولايات المتحدة، ستتقلّص أهمية السيطرة علي منطقة الشرق الأوسط إلي حد ما (وليس بشكل جذري)، اذ لطالما كان الهم الرئيسي السيطرة علي المنطقة أكثر من الدخول إليها (...).
الربيع العربي. تطوّر آخر ذات أهمية تاريخية، ينذر علي الأقل ب"خسارة" جزئية في منطقة الشرق الأوسط. حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها جاهدين منع هذه النتيجة، وحققوا نجاحا كبيرا.. اقله حتي الآن، اذ أبقي هؤلاء بسياساتهم تجاه الانتفاضات الشعبية علي المبادئ المنهجية العامة: دعم القوي الأكثر قابلية لنفوذ الولايات المتحدة وسيطرتها.
يدعم الدكتاتوريون المميزون طالما كان باستطاعتهم الحفاظ علي السيطرة (كما هي الحال في الدول النفطية الكبري). عندما لا يعود الأمر ممكناً، نتجاهلهم ونحاول استعادة النظام القديم علي أكمل وجه ممكن (كما في تونس ومصر). هذا النمط العام مألوف: سوموزا، ماركوس، دوفالييه، موبوتو، سوهارتو... في حالة واحدة هي الحالة الليبية، تدخلت ثلاث من القوي الاستعمارية التقليدية بالقوة للمشاركة في تمرد للإطاحة بدكتاتور زئبقي غير موثوق به، فاتحة الطريق، أمام سيطرة أكثر فعالية علي الموارد الغنية في ليبيا (النفط في المقام الأول، لكن أيضا المياه ذات أهمية خاصة بالنسبة للشركات الفرنسية)، فضلا عن قاعدة محتملة للقيادة الافريقية - الأمريكية في مواجهة للاختراق الصيني المتنامي (...).
الأهم من ذلك، يبقي أساسياً الحد من تهديدات التفعيل الديمقراطي، الذي سيؤثر الرأي العام من خلاله علي السياسة بشكل كبير. أمرا روتينيا ومفهوم تماما. نظرة إلي دراسات الرأي العام التي تقوم بها وكالات الاقتراع الأمريكية في دول الشرق الأوسط، تفسر بسهولة المخاوف الغربية من ديموقراطية حقيقية يتسلح بها الرأي العام للتأثير في السياسة.
الصراع الفلسطيني الاسرائيلي
اعتبارات مماثلة تظلل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، حيث يتبلور الخوف من الديمقراطية أكثر في هذه القضية. في كانون الثاني 2006، جرت انتخابات في فلسطين، واعتبرت حرة ونزيهة في رأي المراقبين الدوليين. كان رد الفعل الفوري من قبل الولايات المتحدة (وبالطبع إسرائيل)، ولاحقاً من قبل أوروبا، فرض عقوبات قاسية علي الفلسطينيين لتصويتهم بشكل خاطئ. لم يكن ذلك اختراعاً جديداً. فالولايات المتحدة تدعم الديمقراطية اذا، وفقط اذا، رأت ان النتائج تتفق مع أهدافها الاستراتيجية والاقتصادية، وهو استنتاج "للريجيني" (نسبةً لرونالد ريجان) توماس كاروثرز، أكثر المحللين الأكاديميين دقة لمبادرات "تعزيز الديمقراطية".
علي نطاق أوسع، قادت الولايات المتحدة علي مدي 35 عاما معسكر الرفض في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وذلك عبر عرقلتها إجماعا دوليا يدعو إلي تسوية سياسية، بشروط معروفة. شعار الغرب هو أن إسرائيل تسعي للمفاوضات دون شروط مسبقة، في حين أن الفلسطينيين يرفضون الأمر. في الواقع، ان العكس هو الأكثر دقة. الولايات المتحدة وإسرائيل تطالبان بشروط مسبقة وصارمة، تهدف إلي ضمان أن تؤدي المفاوضات إما إلي الاستسلام الفلسطيني في القضايا المصيرية، وإما إلي لا شيء.
أول شرط مسبق هو ان تكون المفاوضات تحت إشراف واشنطن، وهو الأمر الذي يوحي في المقابل بالطلب من إيران الإشراف علي المفاوضات بين المتصارعين السنة والشيعة في العراق. في الحقيقة، ان المفاوضات الجادة هي تلك التي تتم برعاية طرف محايد، يفضّل ان يكون علي مستوي من الاحترام الدولي: ربما البرازيل (...).
ثاني الشروط المسبقة هو أن تكون إسرائيل حرة في توسيع مستوطناتها غير القانونية في الضفة الغربية. نظريا، تعارض الولايات المتحدة هذه الإجراءات، لكنها تستمر في المقابل في تقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري. عندما يكون للولايات المتحدة بعض الاعتراضات المحدودة في هذا الشأن، من السهل جدا عليها ان تمنع الاستيطان، كما كانت الحال بالنسبة لمشروع "اي 1" (E-1) الذي يربط القدس الكبري بمستوطنة معاليه ادوميم، والذي كان من أولويات المخططين الإسرائيليين، لكن صعود بعض الاعتراضات في واشنطن أحال دون ذلك (...).
... فيما كان يستعد ممثلون إسرائيليون وفلسطينيون للاجتماع في الأردن في كانون الثاني 2011، أعلنت إسرائيل عن مستوطنة جديدة في بيسغات زئيف وهار حوماه، منطقتين في الضفة الغربية أعلنت أنهما ستكونان من ضمن مشروع توسيع القدس، وذلك في انتهاك لكل توصيات مجلس الأمن المباشرة (...).
مفهومٌ تهميش حقوق الشعب الفلسطيني في سياسة الولايات المتحدة وخطابها. فالفلسطينيون ليس لديهم ثروة أو سلطة. إنهم لا يقدمون شيئا عمليا لاهتمامات السياسة الأمريكية. في الواقع، لديهم قيمة سلبية ويشكلون مصدر إزعاج ل"الشارع العربي". اما إسرائيل، فتعتبر حليفا ثمينا. تمثل مجتمعا غنيا ومتطورا، يتميز بصناعة عسكرية تكنولوجية فائقة، وكانت لعقود ماضية، حليفا ذات قيمة عسكرية واستراتيجية عالية، تحديدا منذ العام 1967، عندما كانت تؤدي خدمة كبيرة للولايات المتحدة ولحليفتها السعودية من خلال تدميرها "الفيروس الناصري" فضلا عن إقامة "علاقة خاصة" مع واشنطن..
وبصرف النظر عن الاعتبارات الأولية لسياسة قوة عظمي كهذه، هناك عوامل ثقافية لا ينبغي تجاهلها. فالمسيحية الصهيونية في بريطانيا والولايات المتحدة سبقت الصهيونية اليهودية بزمن طويل، وكانت ظاهرة نخبوية مهمة ترتبت عنها آثار سياسة واضحة (بما في ذلك وعد بلفور).. عندما غزا الجنرال اللنبي القدس خلال الحرب العالمية الأولي، أشيد به في الصحافة الأمريكية كأنه ريتشارد، قلب الأسد، الذي انتصر في الحروب الصليبية، وطرد الوثنيين من الأراضي المقدسة.. اما الخطوة الثانية، فكانت ل"شعب الله المختار" الذي قرر العودة إلي أرض الميعاد التي وعدهم بها الرّب... كما وصف هارولد اكس، وزير الداخلية في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت، الاستعمار اليهودي لفلسطين باعتباره إنجازا.. وجدت هذه المواقف مكانها بسهولة داخل المذاهب "الإلهية" التي كانت إحدي دعائم الثقافة الشعبية والنخبوية في إسرائيل منذ ظهورها: الاعتقاد أن لدي الله خطة للعالم، وان الولايات المتحدة تحمل هذه الخطة (...).
أصبح لهذه القوي أهمية خاصة إبان عهد ريجان، في وقت كان الجمهوريون يتجهون إلي التخلي عن الادعاء بأنهم حزب سياسي بالمعني التقليدي، وذلك مع تكريس نشاطهم لخدمة نسبة ضئيلة من الأغنياء وقطاع الشركات. ومع ذلك، لم تستطع هذه الدائرة الصغيرة ان تؤمن لهم الأصوات، فكان عليهم تحويل نظرهم إلي مكان آخر. فكان الخيار الوحيد تعبئة السكان الذين يرتجفون من الخوف والكراهية، والعناصر الدينية التي تعتبر متطرفة بحسب المعايير الدولية.. لكن ليس في الولايات المتحدة. أما النتيجة فكانت واحدة: تقديس النبوءات التوراتية المزعومة، وتقديم ليس فقط الدعم لإسرائيل وتوسعها، بل أيضا الحب العميق لإسرائيل، كجزء أساسي من التعاليم التي يجب أن يرنّمها مرشحو الحزب الجمهوري كما الديمقراطي.
هي عوامل لا ينبغي أن تنسينا أن "الفلك الانجليزي" (بريطانيا وفروعها) يقوم علي مجتمعات الاستيطان والاستعمار، التي ترتفع علي أنقاض السكان الأصليين، بعد قمعهم أو إبادتهم تقريبا (...).
"التهديد" الايراني
يؤخذ عادة، في أوساط النخبة السياسية، أن "إيران والقضية النووية" هما التهديد الرئيسي للنظام العالمي، رغم ان الأمر ليس كذلك في صفوف السكان. في أوروبا، تظهر استطلاعات الرأي أن الناس يعتبرون إسرائيل التهديد الرئيسي للسلام. في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا، يعرب المواطنون عن الرأي ذاته فيما يتعلق بالولايات المتحدة، إلي حد ان مصر قالت بنسبة 80 في المئة عشية انتفاضة ميدان التحرير، ان المنطقة ستكون أكثر أمنا إذا كانت لدي إيران أسلحة نووية...
لماذا تشكّل إيران تهديدا هائلا إلي هذا الحد؟ نادرا ما تناقش المسألة، لكن ليست امرا صعبا إيجاد إجابة واضحة عليها.. الرد الأكثر جزماً هو ذلك الصادر عن البنتاجون وجهاز الاستخبارات الأمريكية في تقاريرهما الدورية المقدّمة إلي الكونجرس حول الأمن الدولي، اذ يؤكدون ان إيران لا تمثل تهديدا عسكريا لان إنفاقها العسكري محدود جدا وفقا لمعايير المنطقة، وضئيل جدا مقارنة مع الولايات المتحدة.
لإيران قدرة ضئيلة علي نشر القوة. عقيدتها الاستراتيجية دفاعية، تهدف إلي ردع الغزو. ويقولون في تقاريرهم انه اذا كانت إيران تطوّر أسلحة نووية، فذلك جزء من استراتيجية الردع الخاصة بها. ما من تحليل يعتقد أن رجال الدين الحاكمين في ايران يتوقون إلي رؤية وطنهم وممتلكاتهم تتبخّر، نتيجة حرب نووية، لذا من الضروري توضيح الأسباب وراء اهتمام القيادة الإيرانية بالردع، في ظل الظروف الحالية.
لا شك في ان النظام يشكل تهديدا خطيرا لكثير من سكانه، وهو للأسف، ليس الوحيد في هذا الشأن. لكن التهديد الرئيسي للولايات المتحدة وإسرائيل هو أن إيران قد تردع ممارستهما الحرة للعنف. ثمة خطر آخر هو ان الإيرانيين يسعون بشكل واضح لتوسيع نفوذهم في العراق وأفغانستان المجاورتين، وخارجهما أيضا. هذه الأعمال "غير الشرعية" تسمّي "زعزعة الاستقرار". في المقابل، ان فرض نفوذ الولايات المتحدة بالقوة في جميع أنحاء العالم يساهم في "الاستقرار" والانتظام...
من الجيد محاولة منع ايران من الانضمام الي الدول النووية، التي تشمل إسرائيل والهند وباكستان، التي رفضت التوقيع علي معاهدة حظر الانتشار النووي، وقد ساعدت الولايات المتحدة ولا تزال، في تطوير أسلحتها النووية. ليس مستحيلا تحقيق هذا الهدف من خلال الدبلوماسية السلمية. نهج واحد، يحظي بدعم دولي ساحق، هو اتخاذ خطوات ذات مغزي باتجاه إقامة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، بما في ذلك إيران وإسرائيل (وتطبيق ذلك علي القوات الأمريكية المنتشرة هناك). دعم هذه الجهود قوي إلي درجة اضطرت إدارة أوباما الي الموافقة عليها رسميا، لكن مع بعض التحفظات: أن لا يوضع البرنامج النووي الإسرائيلي تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وألا تُجبر اي دولة (أي الولايات المتحدة ) علي الكشف عن معلومات حول "المنشآت النووية الإسرائيلية وأنشطتها، بما في تلك المتعلقة بنقل أسلحة نووية إلي إسرائيل"(...).
يأتي هذا المسح مع تحوّل السياسة الدفاعية الأمريكية باتجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في إطار سياسة "احتواء الصين". ومع الكشف عن فرضيات التغيير علي المستوي العسكري، فإن محللي الاستراتيجية الأمريكية يصفون البرامج العسكرية الصينية بال"معضلة الأمنية الكلاسيكية" بحيث "ينظر إلي البرامج العسكرية والاستراتيجيات الوطنية التي تعتبر دفاعية من قبل المخططين لها علي انها مصدر تهديد بالنسبة للجانب الآخر"، بحسب المحلل في "معهد دراسات السياسة الخارجية" بول جودوين. المعضلة الأمنية نشأت من أجل السيطرة علي البحار قبالة سواحل الصين. وفيما تعتبر الولايات المتحدة سياساتها للسيطرة علي هذه المياه "دفاعية"، تري الصين انها مصدر تهديد. في المقابل، تعتبر الصين أعمالها في المناطق المجاورة بأنها "دفاعية" في حين تنظر اليها الولايات المتحدة باعتبارها تهديدا. هذه "المعضلة الأمنية الكلاسيكية" تفترض مرة اخري أن للولايات المتحدة الحق في السيطرة علي معظم أنحاء العالم (...).
ترجمة: دنيز يمين
عن "كاونتر بانش"
نقلا عن السفير اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.