* الصحيفة البريطانية: أي هجوم علي إيران سيكون غباءً وحشياً مدمراً.. والقدرة النووية التي يتحدثون عنها لطهران ليست بتلك الخطورة * مؤسسة بريطانية: أي هجوم على إيران سيكون غير قانوني .. لا يوجد شيء في القانون الدولي اسمه “وقائية” فما بالكم بحرب وقائية * الصحيفة: إيران ستسعي للانتقام من إسرائيل والولاياتالمتحدة وحلفائهم ومنع خامس أكبر ممول للنفط في العالم، وغلق مضيق هرمز ترجمة – عبدالله صقر: بعد مرور عقد من الحروب الغربية الفاجعة في الشرق الأوسط، يتحدث سيماس ميلن الكاتب بالجارديان، عن العلامات المشئومة التي يتجه إليها الوضع. نحن الآن نشعر بحالة من “الديجافو”، فنسمع عن حجج ومبررات لإنشاء رأي عام مع الهجوم علي إيران، ونتذكر استخدام نفس الحجج لتبرير كوارث ماضية في العراق وأفغانستان، كمحاربة الإرهاب والأصولية المتعصبة، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. الحديث عن حرب ضد إيران وبرنامجها النووي مستمر منذ فترة طويلة. رسائل كثيرة متضاربة حول الوضع الإيراني قادمة من الولاياتالمتحدة والحكومة الإسرائيلية الأسابيع الأخيرة. ربما تكون كلها لعبة من الخدع والحروب النفسية. وربما يكون عرض إيران لإجراء محادثات جديدة هذا الأسبوع لحل الأزمة جزءا من نفس اللعبة. لكن تتحول الموسيقي إلي مزاج أكثر تهديدا. حيث صرح ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي بطريقة تسريب الأسرار، بوجود “احتمالية كبيرة” أن إسرائيل ستهاجم إيران مابين أبريل ويونيو. ومع تأكيد أوباما أن إسرائيل لم تأخذ قرارا بعد، صرح مسئولون أمريكيون للجارديان الأسبوع الماضي، أنهم يعتقدون بعدم وجود “أي بديل” سوي مهاجمة إيران، أو مشاهدة إسرائيل تفعل ذلك نيابة عنهم. في هذه الأثناء، تدور رحى حرب خفية بالفعل من إسرائيل والولاياتالمتحدة، بما في ذلك من اغتيالات سرية للعلماء، والحرب الإلكترونية، والهجمات على المنشآت العسكرية. هذا غير نجاح بريطانيا وفرنسا في التأثير على الإتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على شريان حياة الاقتصاد الإيراني، النفط. من السهل اعتبار تلك الأعمال كبداية لحرب فعلية ضد إيران، واستخدام الانتقام الإيراني كذريعة للاعتداء العسكري المباشر. لكن بدلا من تحدي المسار الخطير المؤدي إلي صراع شامل في المنطقة، تنشغل وسائل الإعلام الغربية والوسط السياسي بتمهيد الجمهور لقبول حرب أخرى ناتجة “لسوء الحظ” من التعنت الإيراني. مرت تقارير المسئولين البريطانيين عن توقعاتهم لحكومة كاميرون عن المشاركة في الهجوم الأمريكي على إيران، مرور الكرام. جاء هذا بعد إدعاء صحيفة نيويورك تايمز أن إيران “دون شك” تسعي إلي تطوير سلاح نووي، رغم أنه لا الولاياتالمتحدة ولا الوكالة الذرية تمكنوا من إثبات أي شيء من هذا القبيل. في حالة شن هجوم من قبل إسرائيل أو الولاياتالمتحدة، لن يكون هذا مجرد “عدوان إجرامي”، لكنه سيكون “غباءً وحشيا مدمراً”، كما وصفه الكاتب في عنوان مقالته. أشار أيضا مايكل كلارك مدير مؤسسة الدفاع البريطانية غير الحكومية، إلي أن مثل هذا الهجوم سيكون غير قانوني بالمرة، وأضاف: “لا يوجد شيء في القانون الدولي عن الوقائية، ما بالكم بحرب وقائية؟!..”. سيؤدي هذا أيضا إلي إشعال حريق هائل في المنطقة بأسرها، غير الآثار العالمية التي لا يمكن السيطرة عليها. من المؤكد أن إيران ستسعي للانتقام من إسرائيل والولاياتالمتحدة وحلفائهم، ومنع خامس أكبر ممول للنفط في العالم، وغلق مضيق هرمز المحوري في نقل لوازم النفط العالمية. هذا بالطبع غير الدرب الطويل من الموت والدمار والخراب الاقتصادي. لكن في حين أن الحرب على العراق كانت على أسلحة دمار شامل لم يجدها أحد في الواقع، فإن الولاياتالمتحدة لا تدعي حتى أن إيران تحاول صنع قنبلة نووية. بل أكد بانيتا صراحة حين أجاب على سؤال مباشر في مؤتمر صحفي الشهر الماضي: “هل هي محاولة لتطوير سلاح نووي؟.. لا، ليست كذلك”، ويقال أن هذا هو نفس رأي الاستخبارات الإسرائيلية. في المقابل، إسرائيل نفسها لديها أكبر ترسانة نووية في الشرق الأوسط منذ عقود، ولم تتخذ إيران أية قرارات نحو التسلح النووي الإسرائيلي. مثل هذه القدرة النووية التي يتحدثون عنها لا يمكن أن تمثل “تهديد وجودي” لإسرائيل، كما يدعي الساسة الإسرائيليون. أو كما أخذ يردد ماثيو كرونيج مستشار وزير الدفاع الأمريكي، عن أن وجود إيران نووية “من شأنه أن يحد على الفور من حرية التصرف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط”. يقودنا هذا إلي لب المسألة: حرية الصرف في قضايا الشرق الأوسط هو الأهم بالنسبة للولايات المتحدة، وليس استقلالية دول الشرق الأوسط. وإذا كانت القوى الغربية وإسرائيل يشعرون حقا بالقلق إزاء سباق تسلح نووي بالمنطقة، فمن المنطقي أن يلقي الغرب بثقله لنجاح المفاوضات الساعية لخلق شرق أوسط خال من الأسلحة النووية. الأمر الذي يعد في صالح الإسرائيليون أنفسهم. من الواضح، كما يقر المسئولون بالولاياتالمتحدة وإسرائيل، هو أنه لا عقوبات ولا حرب قد تحول دون رغبة إيران في تطوير برنامجها النووي. يمكن أن تبطئ الهجمة العسكرية المشروع النووي الإيراني، لكنها بالطبع ستقدم حافزا أقوى للقادة الإيرانيين لاتخاذ القرار المؤجل حتى الآن، تطوير فعلي لأسلحة نووية. عامل آخر لا يدركه الكثير يقود نحو الحرب، كلما تحدثت الولاياتالمتحدة وإسرائيل وهددوا بالخيار العسكري ضد برنامج إيران النووي، كلما أدي هذا إلي انهيار مصداقية الحليفين إذا لم يفعلوا شيئا في نهاية المطاف. في النهاية، ليس حتميا حدوث هجوم كارثي، لكن الأمر أصبح واردا بصورة خطيرة أكثر من أي وقت مضي.