انقطاع المياه عن منطقة شركة فريال بأسيوط    عاجل.. القوة الضاربة تحكم تشكيل إنجلترا الرسمي أمام صربيا في يورو 2024    ضبط أحد الأشخاص بالإسكندرية لقيامه بإدارة كيان تعليمي دون ترخيص للنصب والإحتيال على المواطنين    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    الرياضة: حملة بشبابها تشارك في احتفالات عيد الأضحى وزيارات للمحافظين للتهنئة    مشجعة كأس العالم تعلق على خسارة كرواتيا باليورو 2024    هدنة تكتيكية ! «1»    نغم صالح تطرح أغنية "شلق" بالتعاون مع مغني الراب شاهين (فيديو)    "Inside Out 2" يزيح "Bad Boys 4" من صدارة شباك التذاكر الأمريكي    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    وكيل «صحة كفر الشيخ» يتابع انتظام العمل بالمستشفيات في أول أيام عيد الأضحى    الغندور ينتقد صناع "أولاد رزق" بسبب "القاضية ممكن"    لاعب برشلونة ينفجر من تجاهل لابورتا ويبحث عروض رحيله    سويسرا تعتزم إجراء محادثات مع روسيا بعد قمة السلام بشأن أوكرانيا    «افعل ولا حرج».. مبادرة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن    القبض على 50 مشجعا إيطاليا يحملون عبوات ناسفة قبل مباراة ألبانيا في يورو 2024    «أتوبيس الفرحة».. أمانة شبرا بمستقبل وطن توزع 3000 هدية بمناسبة عيد الأضحى| صور    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    مراسل القاهرة الإخبارية: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان    ريهام سعيد تبكي على الهواء (تعرف على السبب)    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    في أقل من 24 ساعة.. "مفيش كدة" لمحمد رمضان تتصدر التريند (فيديو)    وزير الداخلية الباكستاني يؤكد ضمان أمن المواطنين الصينيين في بلاده    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    موراي يمثل بريطانيا في أولمبياد باريس.. ورادوكانو ترفض    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    قرار عاجل في الأهلي يحسم صفقة زين الدين بلعيد.. «التوقيع بعد العيد»    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    تقارير: اهتمام أهلاوي بمدافع الرجاء    هالة السعيد: 3,6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعًا تنمويًا بالغربية    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    القوات الروسية تحرر بلدة «زاجورنويه» في مقاطعة زابوروجيه    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم أصلان ينهي وردية الليل
نشر في الأهالي يوم 11 - 01 - 2012

لم يكن «إبراهيم أصلان» مجرد روائي أو مثقف كبير بل كان عنوانا للشخصية المصرية المحبة للحياة وللآخرين، الباحثة عن الجوهر الإنساني، كان - بحق - أنشودة متفردة للصدق، في واقع يملؤه الادعاء، وأيقونة للصفاء، في مواجهة الزيف والأكاذيب.
إذا جلست إليه تأخذك ابتسامته البسيطة إلي عالم من السحر والنقاء، وإذا استمعت إلي حديثه امتلكك بسحر الحكاية وصوفيتها، طائفا بك في أرجاء المعرفة التي تلمس عصب الأشياء وتكشف عن مكنون اللحظة، في حديث يمتزج بالفلسفة والواقعية في آن.
لم يكتب «إبراهيم أصلان» كثيرا، لأنه كان يعيش الكتابة متوحدا مع المعرفة النابعة من الجذور المصرية، فجاءت قصصه أشبه بالأيقونات، وأقرب إلي القراءة الروحية لبشر عاديين يعيشون بيننا، كان يؤمن بنظرية «الكّيف» لا «الكم»، لذا جاء خطابه السردي مكثفا ودالا فمنذ مجموعته الأولي «يوسف والرداء» والتي صدرت في نهاية الستينيات من القرن الماضي حقق «أصلان» المعادلة الصعبة أن يلمس العصب العاري للأشياء بشفافية الرؤية ليعبر عصا يدور في المجتمع بلغة مقتصدة أقرب ما تكون إلي الشعر، وأبعد ما تكون عن الثرثرة وفضفضة الحكي، فكان أقرب أبناء جيله إلي كل الأجيال التالية له.
هل لي أن أشبهه بقطعة المسك التي رغم صغرها تملأ المكان برائحة زكية، كان باستطاعته - رغم أنه من أشد المخلصين للكتابة - أن يكتب عشرات المجموعات القصصية والروائية - إلا أنه آثر أن يكتب ما يمكن أن يسمي ب «خلاصة الكتابة» فقطّرها تقطيرا فجاءت أعماله «بحيرة المساء» و«وردية ليل» و«عصافير النيل» و«مالك الحزين» و«حجرتان وصالة» لتضعه في قمة كتاب السرد في العالم العربي، بما امتلكه من صياغة متفردة تنحاز إلي الحداثة والتجريب عن وعي بدور الكاتب في المجتمع الذي يعيش فيه.
وعلي ما أعتقد فإن كتابة «أصلان» تميزت بعدة ركائز أساسية..
أولها: انحيازه لجماليات المشهد القصصي.
وثانيها: تركيزه علي الشخصية أكثر من تركيزه علي الحدث بما يستلزمه ذلك من قراءة نفسية للشخصية التي يكتب عنها وهذا ما نراه بشكل جلي في مجموعته الرائعة «حكايات من فضل الله عثمان».
وثالثها: أنه يكتب عن التفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت إليها أحد - ولعل ذلك الجانب هو أهم ما يميز كتابة «أصلان» وجعله مختلفا عن أبناء جيله، ولا أبالغ في القول إذا قلت بأن شعراء قصيدة النثر في مصر قد استفادوا من أعماله، في تعميق تجربتهم في هذا الجانب الذي يعد «أصلان» رائدا له في الكتابة المصرية الحديثة.
ورابعها: معايشته لما يكتب فمعظم الشخصيات التي كتب عنها رآها رؤي العين وعايشها والتحم بها وهذا ما نراه في روايته الفذة «وردية ليل»، والتي تظهر لنا فيها الشخصية الحقيقة له حين كان يعمل موظفا للتليغراف، يقوم بتوزيع الرسائل التي تصل إليه.
وخامسها: اعتماده علي فكرة «المتتالية القصصية» حتي في أعماله الروائية وهذا ما يظهر لنا في روايتيه «مالك الحزين» و«عصافير النيل».
وسادسها: المشهدية، حين يركز ويكثف الحدث الروائي في مشاهد رمزية، كما نري في «وردية ليل» علي سبيل المثال، من خلال مشاهد بسيطة ومنها مشهد: حين يسلم لسيدة تليغراف تنتظره منذ سنوات فتقع عملة فضية صغيرة تريد أن تعطيها له، فتظل تتأرجح علي السلم ويسمع صوتها - الذي تحس وأنت تقرأ المشهد - بالزمن وكثافته وطوله والفجوة التي يصنعها الانتظار.
وسابعها: لغة المفارقة، فلا يترك «أصلان» قارئه إلا إذا وضعه في إطار من الدهشة، وكسر التوقع.
وثامنها: أنه يكتب عن أشياء عادية جدا، خارجة عن سلطة الكتابة التقليدية، فهو يتجنب دائما الكتابة عن «المتخيل» أو «ما وراء واقعي»، أو الكتابة عن التاريخ، لم يكن مغرما بذلك أبدا.
وتاسعها: أنه يكتب عما يعرف، مكانا كان أو إنسانا، لم يغادر المكان الذي كتب عنه وهو «منطقة إمبابة» سوي في السنوات الأخيرة، لكنه ظل مشغولا به حتي في قصصه الأخيرة.
وعاشرها: أنه من الكتاب القلائل الذين أخلصوا للكتابة السردية، حتي بعد أن اختير لكتابة مقال أسبوعي في الأهرام لم يكتب فيه إلا قصصا قصيرة في معظم الأحوال، حتي كتابه الوحيد خارج السرد القصصي والروائي وهو «خلوة الغلبان» والذي كتبه عن بعض الشخصيات الأدبية والثقافية التي قابلها في حياته اتسم بلغة استفادت من لغة السرد كثيرا، فهو أشبه بالقصص القصيرة.. ولعل آخر ما يميز كتابة أصلان طابعها السلس البسيط السهل فتبدو للقارئ - للوهلة الأولي - بأنها كتابة عادية وهذا سر جمالها.
إبراهيم أصلان - أيها الجميل الرائع - وداعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.