كيف يفكر مرشحو الرئاسة؟ ضمن برنامجه لدراسة مستقبل مصر السياسي بعد 25 يناير، نظم «مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية» برئاسة الزميل «مصطفي اللباد» ندوة يوم السبت الماضي حول «رؤي مرشحي الرئاسة» دعا إليها الشخصيات التي أعلنت عزمها الترشيح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية القادمة، والتي لم يتحدد تاريخها حيث اكتفي الإعلان الدستوري بالنص علي إجرائها بعد انتخابات مجلسي الشعب والشوري في سبتمبر القادم وقبل انتهاء الفترة الانتقالية. وجري تنظيم الندوة علي أساس طرح 22 سؤالا علي كل مرشح علي التوالي، ويمنح المرشح دقيقتين كحد أقصي للرد علي كل سؤال، فلم تكن هناك مناظرة أو مواجهة بين المرشحين، بل يجيب المرشح خلال ساعة عن الأسئلة، ويترك المنصة للمرشح التالي وهكذا. وتناولت الأسئلة قضايا داخلية وإقليمية ودولية مثل رؤية المرشح للدستور وهل هناك مبادئ دستورية عامة يتم التوافق عليها قبل صياغة الدستور ويمكن اعتبارها «مبادئ فوق دستورية»، وطبيعة الدولة وهل تكون مدنية أو دينية أو دولة مدنية بمرجعية دينية، وهل نظام الحكم رئاسي أو برلماني أو رئاسي برلماني، ومستقبل تحديد نسبة 50% علي الأقل للعمال والفلاحين في البرلمان، والموقف من المال السياسي في الأحزاب والانتخابات العامة، والسماح بتأسيس أحزاب بمرجعية دينية، وأسباب الفتنة الطائفية في الفترة الأخيرة والإجراءات المطلوبة للقضاء عليها، والنموذج الأمثل للتنمية في مصر، وهل هناك إمكانية للتوفيق بين حرية السوق الرأسمالي وضرورات العدالة الاجتماعية، وأولويات القضايا خلال السنة الأولي من حكم كل مرشح في حالة فوزه، وأهم التعديلات التي يمكن إدخالها علي كامب ديفيد «اتفاقية الصلح المصرية - الإسرائيلية»، وتصوراته لدور مصر في إنجاز التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، وكيفية تجاوز أخطاء السياسة المصرية في السودان، وضمان حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ومقترحات المرشح لتطوير العلاقات المصرية - السعودية والتنسيق الإقليمي بين مصر والسعودية بعد 25 يناير، وهل سيعيد المرشح في حالة فوزه العلاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران ويغير الموقف المصري الرسمي من الحضور الإيراني في المنطقة، ومقترحاته لصياغة العلاقات المصرية - التركية، وإمكانية استلهام النموذج التركي لمصر، وعلاقات مصر الدولية في ضوء انحياز النظام السابق بالكامل للولايات المتحدة وسياستها في المنطقة والعالم وبروز قوي دولية أخري مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والهند والبرازيل. وكان الهدف من الندوة إطلاع الرأي العام المصري والعربي علي رؤي مرشحي الرئاسة من خلال نقل وقائعها علي الهواء عبر «قناة الجزيرة مباشر - مصر»، ومن خلال العدد المحدود من الساسة والكتاب الذين تمت دعوتهم لحضور الندوة، والعدد الكبير من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء والصحف والقنوات الفضائية. والفكرة في حد ذاتها تستحق الترحيب، ولكن تقلل من أهميتها وفاعليتها مجموعة من العوامل. فمرشحو الرئاسة المدعوون ليسوا أكثر من «مرشحين محتملين»، فحتي الآن لم يصدر قانون انتخابات رئاسة الجمهورية الذي سيحدد شروط الترشيح وتفاصيل هذه الشروط، ولم يحدد موعد انتخابات الرئاسة وهل ستتم وفقا للإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس أم طبقا للدستور الجديد الذي ستتولي جمعية تأسيسية يختارها مجلسا الشعب والشوري صياغته، وبالتالي لم يحسم سلطات رئيس الجمهورية ونظام الحكم «برلماني أم رئاسي». والمرشحون المحتملون الذين شاركوا في هذه الندوة لم يزد عددهم علي أربعة هم «أيمن نور وحمدين صباحي و«الفريق» مجدي حتاتة و«المستشار» هشام البسطاويسي، بينما اعتذر أو غاب لأسباب مختلفة كل من د. محمد البرادعي وعمرو موسي وعبدالمنعم أبوالفتوح وبثينة كامل.. إلخ. وإذا استثنينا أيمن نور وحمدين صباحي وانتماء كل منهما لحزب سياسي «الغد والكرامة» فبقية المرشحين المحتملين يجمع بينهم «الاستقلال»، بينما غاب مرشحو الأحزاب الرئيسية القائمة مثل الوفد والتجمع والناصري والجبهة والإخوان المسلمين والأحزاب الجديدة مثل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب المصريين الأحرار، وحزب العدل وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي.. إلخ. ورغم كثرة الأسئلة وشموليتها فقد غابت بعض القضايا الجوهرية، مثل موقف المرشحين المحتملين من إلغاء حالة الطوارئ المعلنة في مصر منذ 6 أكتوبر 1981 (30 عاما)، والموقف من قضية «التمييز الإيجابي للمرأة» في المجالس التشريعية المنتخبة «الكوتة» والتي ألغاها المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مشروع القانون المقترح لتعديل قانون مجلس الشعب والمطروح للنقاش حاليا، والمطالبة بإلغاء مجلس الشوري، وكذلك في القضايا العربية طرحت تساؤلات حول السعودية والسودان، بينما تم تجاهل العلاقات المصرية - السورية رغم أهمية الدور السوري عربيا وإقليميا وكان المحور المصري - السعودي - السوري يحتل دورا مهما في السياسة العربية والإقليمية في فترة سابقة، كما أهملت العراق والتطورات الحادثة فيها وتأثيراتها في الساحة العربية والإقليمية. ولا تقلل هذه الملاحظات من قيمة هذه «الندوة» ولكنها كانت ضرورية من وجهة نظري للعمل علي تلافيها في الندوات القادمة التي وعد مركز الشرق بعقدها أو بادرت أي جهات أخري بعقد ندوات خاصة بانتخابات الرئاسة المقبلة.