الخبراء يتوقعون تعافي السياحة المصرية خلال الفترة المقبلة عندما اعلنت الجهات الرسمية الحكومية تراجع معدلات السياحة الوافدة إلي مصر خلال الأشهر الثلاثة الأولي من العام الحالي بنسبة كبيرة نتيجة أحداث ثورة 25 يناير ربما كان ذلك أمرا طبيعيا في ظل الاحداث الاخيرة التي شهدتها مصر، بل وربما كان التراجع في الإيرادات ايضا أمرا طبيعيا، لكن السؤال الآن هل تستطيع السياحة المصرية أن تسترد عافيتها علي أقل التقديرات خلال العام الحالي ؟ وهل من الممكن أن تظل السياحة المصرية علي خريطة الأسواق الدولية المصدرة للسياحة؟ ولو افترضنا جدلا أن ذلك من الممكن أن يحدث هل يمكن للأسعار المعمول بها قبل الثورة أن تعود مرة ثانية إلي معدلاتها الطبيعية؟ قبل الخوض في تلك التفاصيل لابد من القول - طبقا للاحصائيات التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء - أن خسائر القطاع السياحي حتي الآن لم يتم إحصاؤها بالكامل، وإن تلك الخسائر لم تتضمن التداعيات السلبية علي العاملين في هذا القطاع الحيوي وعمليات تسريح العمالة في المنشآت السياحية ولكن اقتصرت علي تداعيات الأزمة في الأيام الأولي للثورة ، فقد تأثرت الحركة السياحية الوافدة بشكل حاد بالأحداث التي مرت بها البلاد في الفترة الأخيرة استجابة لنداءات معظم الدول لرعاياها بمغادرة مصر أثناء هذه الأحداث في الأسبوع الأخير من شهر يناير، وإلغاء حجوزات السائحين خلال شهر فبراير. وأكد التقرير ان عدد السائحين الذين غادروا مصر في الأسبوع الأخير من شهر يناير بلغ 210 آلاف سائح مما أدي إلي إنخفاض الإنفاق السياحي بحوالي 178 مليون دولار خلال هذا الأسبوع .كما قام العديد من الوكلاء السياحيين بالغاء الحجوزات خلال الشهر التالي وهو فبراير مما كبد مصر خسائر قدرها 825 مليون دولار خلال هذا الشهر. كما أثرت هذه الأحداث علي العمالة في قطاع السياحة نتيجة استغناء المنشآت السياحية عن العمال المؤقتين بها وخفض أجور العاملين الدائمين نظراً لانعدام الإشغال بها، وقدر الانخفاض في أجور هذه العمالة بما قيمته 70 مليون جنيه خلال هذه الفترة . رغم تلك الخسائر فإنها لا تمثل كارثة بالمقارنة بالاحداث المصرية لكن المشكلة الاساسية في استمرار الاضطرابات في العديد من الدول العربية مثل سوريا والاردن والبحرين وحتي الدول الخليجية الاخري وليبيا علي اعتبار ان بعض هذه الدول اما مشاركه كنقطة تجمع لسائحي بعض الدول الاوروبية مثل الاردن وسوريا في انطلاقها الي مصر او مصدرة للسياحة العربية مثل ليبيا والبحرين وبقية الدول الخليجية . وفي الحقيقة هذا الكلام ليس من وحي الخيال ولكن كما قال بعض المسئولين في القطاع السياحي ووزارة السياحة فان هناك عددا من وكلاء السياحة الأوروبيين عادة ما يقومون بتنظيم برامج سياحية لبعض السائحين الاوروبيين كحزمة واحدة يقوم فيها السائح بالوصول الي سوريا او لبنان ثم ينتقل الي الاردن واسرائيل مرورا بالاراضي الفلسطينية ثم الوصول الي مصر كآخر محطة له في المنطقة ، وبالتالي فان الاضطرابات في هذه الدول سوف تؤثر علي السياحة الوافدة اليها والي بقية الدول ومنها مصر .بما تكشف التقارير التي اصدرها مؤخرا الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء التي تم اعلانها مؤخرا حول احصائيات الاداء الاقتصادي لقطاع السياحة المصرية عن العام الماضي مؤشرات لابد من الانتباه اليها من قبل وزير السياحة ومعاونيه وربما ابرزها الان ان مصر سوف تفقد مبدئيا التدفقات السياحية من الليبيين والذين يمثلون حوالي 21 % من اجمالي السياحة العربية الوافدة الي مصر بالاضافة الي السوق الاردني الذي يمثل أكثر من 8% من السياحة العربية. يقول التقرير ان عدد السائحين الوافدين الي مصر خلال العام الماضي بلغ 14.7 مليون سائح بنسبة زيادة بلغت 17.5% منهم 7.1 مليون سائح من دول الاتحاد الاوروبي 44.5 % من اوروبا الغربية يليها اوروبا الشرقية بنسبة 31.3% في حين بلغت نسبة مساهمة دول الشرق الاوسط 12% وجاءت افريقيا وامريكا اللاتينية في المرتبة الاخيرة بنسبة 3% بلغ إجمالي عدد السائحين العرب القادمين من الدول العربية 2.1 مليون سائح عام 2010 بنسبة زيادة قدرها 11.3%، حيث كانت ليبيا أكثر الدول إيفاداً بنسبة 21.6%، يليها السعودية بنسبة 17.9 % ، السودان بنسبة 9.1 % ، فلسطين بنسبه 8.5% ثم الأردن بنسبة 8.2 % اذا كانت هذه الاحصائيات المتعلقة باعداد السائحين فان التقرير رصد ان هؤلاء السائحين قد امضوا 147,4 مليون ليلة سياحية وبلغ إجمالي عدد الليالي السياحية التي قضاها السائحون العرب المغادرون 29.1 مليون ليلة سياحية عام 2010 مقابل 25 مليون ليلة بنسبة زيادة قدرها 16.3 %، وكان لليبيا النصيب الأكبر في عدد الليالي السياحية بنسبة 21.1 %، يليها السعودية بنسبة 18 % ، السودان بنسبة 12.6% ثم فلسطين بنسبة 8.8 % 0. لكن رغم النظرة التشاؤمية التي تسيطر علي القطاع السياحي فإن هناك العديد من الخبراء الذين يتوقعون ان تتعافي السياحة المصرية خلال فترة ليست قصيرة ولهم في ذلك مبرراتهم وان اكان اهمها ان الثورة المصرية علي عكس ما يحدث في الدول الاخري استطاعت ان تحقق اهدافها خلال فترة بسيطة كما ان الضحايا الذين لقوا مصرعهم كانوا علي ايد امن النظام السابق وليس نتيجة اعمال عنف او عمليات سطو او ما شابه ذلك وصل الامر الي حد انه من الممكن ان تستغل احداث تلك الثورة في جذب السياحة الوافدة الي مصر وربما كان جيرزي بوزيك رئيس البرلمان الاوروبي محقا فيما قاله عقب لقائه ورئيس الوزراء د.عصام شرف عندما قال كيف تقلقون علي الحركة السياحية الوافدة وعندكم اشهر ميدان في العالم الآن . وفي الحقيقة اذا كانت الحكومة المصرية تريد دعما لها من الخارج فان افضل دعم هو ما اعلنته مسئولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاترين اشتون التي تبنت حملة لكي تلغي العديد من الدول الاوروبية ما اصدرته من تحذيرات بالنسبة لسفر رعاياها الي مصر. وتبقي القضية الآن بعد ان قامت العديد من الدول بالغاء تلك التحذيرات في ضرورة عدم قيام اصحاب المنشآت السياحية بالمضاربة فيما بينهم علي اسعار البرامج السياحية علي اعتبار ان هناك سياسة وضعها وزير السياحة الاسبق د.ممدوح البلتاجي في التعامل مع الازمات وهي عدم التهويل او التهوين من الاحداث او المضاربة علي اعتبار ان هناك دولا منافسة لنا في المنطقة مثل تركيا ولبنان لان الخفض الشديد للاسعار يعني صعوبة عودتها الي معدلاتها الطبيعية في حال انتهاء الازمة . ربما كانت ادارات الغرف السياحية وبالتحديد غرفة الشركات اسرع من الوزارة نفسها في الاتصال بالوكلاء لطمأنتهم علي الاوضاع الحالية في مصر في الوقت الذي اختفت فيه قيادات وزارة السياحة اللهم جهود منفردة للوزير الجديد منير فخري عبدالنور خلال مشاركته في بورصة برلين ورئيس هيئة التنشيط عمرو العزبي وأميمة الحسيني التي تولت الرد علي الوكلاء وتبنت حملة لانعاش المكاتب السياحية في الخارج في حين اختفي العديد من وكلاء وزارته الذين يترقبون فرصة مثل التي واتتهم في العهد السابق لكي ينقضوا مرة ثانية علي الوزارة.