بدأ أمس الأول "الاثنين" وحتى الأحد 20 أبريل تلقى طلبات الترشح لأول وأهم انتخابات لرئاسة الجمهورية طبقا لدستور 2014 والتى ستجرى جولتها الأولى يومى الاثنين والثلاثاء 26 و27 مايو القادم. ورغم توقع أن يخوض هذه الانتخابات عدد ليس قليل من المرشحين، لكن المعركة ستدور فى الغالب بين مرشحين اثنين هما حمدين صباحى وعبدالفتاح السيسي. وقد أعلن عدد من الأحزاب السياسية تأييدها للسيسي، يتقدمها أحزاب التجمع والمؤتمر والنور، والوفد والمصريين الأحرار والحزب العربى الديمقراطى الناصري، بينما أيد حزب الكرامة والتيار الشعبى وحزب مصر القوية صباحي، ويتجه حزب التحالف الشعبى الاشتراكى لتأييد حمدين صباحي.. وأثار تأييد أحزاب يسارية – خاصة حزب التجمع – وأغلب أحزاب جبهة الإنقاذ والحزب الناصرى للسيسى وعدم تأييدها لصباحى رغم أنه ينتمى لليسار "القومي" وعضو مؤسس فى جبهة الإنقاذ، تساؤلات لدى بعض المراقبين. ويمكن فهم هذا الموقف فى ضوء أربعة عوامل أساسية.. * فحمدين صباحى مرشح يسارى وليس مرشح اليسار أو جبهة الإنقاذ، فقد اتخذ قراره بالترشح منفردا وأعلنه دون تشاور أو اتفاق مسبق مع أحزاب اليسار ". * تواجه مصر فى الوقت الحاضر تحديات صعبة ومعقدة، تفرض خيارات لا تلتزم بأيديولوجية معينة، فالمرحلة ذات طبيعة خاصة، وهى مرحلة يمكن وصفها بأنها مرحلة انتقالية طويلة لها برنامجها الخاص، فالدولة الوطنية المدنية الديمقراطية التى ناضل الشعب المصرى لتأسيسها طوال ما يزيد على مائتى عام، تهددت فى الفترة الأخيرة، حيث عملت جماعة الإخوان وحلفاؤها فى الداخل والخارج على تفكيك هذه الدولة وتدميرها تمهيدا لإقامة دولة المرشد ودولة الخلافة. كما تواجه مصر صعود موجة جديدة من الإرهاب المتستر بالدين والمدعوم خارجيا من التنظيم الدولى للإخوان ودولتى قطر وتركيا إقليميا والإدارة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي، ورغم الضربات الأمنية والسياسية الموجعة التى تلقاها هذا الإرهاب لكن تصفيته واجتثاث جذوره الاقتصادية والاجتماعية معركة مازالت مستمرة. وهناك ضرورة لتغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمطبقة فى مصر منذ عام 1974 وحتى اليوم سواء فى ظل حكم السادات أو مبارك أو مرسى أو بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو (!)، وتحتاج مصر إلى سياسة قومية وإقليمية ودولية جديدة، تستعيد بها مصر دورها فى الوطن العربى وأفريقيا والعالم الثالث. * وتحقيق ذلك كله يتطلب رئيسا من نوع خاص، يتولى بالاشتراك مع مجلس النواب الذى سيتم انتخابه خلال 90 يوما بعد انتخاب الرئيس والحكومة الحزبية التى ستنبثق عنه، إدارة البلاد خلال السنوات الأربع القادمة. والتاريخ السياسى والوظيفى والعملى والمواقف العامة لعبد الفتاح السيسى تؤهله للقيام بهذا الدور. فهو ضابط فى القوات المسلحة منذ 44 عاما.. وتدرج السيسى فى المواقع المختلفة بالقوات المسلحة، من رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، وهو تاريخ مهنى مميز، وكذلك تاريخ سياسى باعتبار أن القوات المسلحة كانت شريكا أساسيا فى حكم البلاد من ثورة 23 يوليو 1952 سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ولكن الموقف الأساسى والتاريخى للسيسى يتمثل فيما قام به المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى يونيو ويوليو 2013 وانحيازه للشعب، وبالتالى دوره فى إسقاط حكم الإخوان وإعلان خارطة المستقبل، والتى أصبح بعدها السيسى بطلا شعبيا. * ورغم أن برنامج السيسى لحكم مصر لم يعلن بعد، فالكلمة المسجلة التى أعلن فيها عزمه الاستقالة من القوات المسلحة والترشح لرئاسة الجمهورية، قدمت رؤية واضحة للأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ووضعت برنامجا عاما يشمل: أن يكون للمصريين "الحق فى الحصول على عمل وغذاء وتعليم ومسكن فى متناول اليد"، وإعادة بناء جهاز الدولة، وإعادة ملامح الدولة وهيبتها، وإعادة عجلة الإنتاج إلى الدوران فى كل القطاعات، وأن "مهمتنا استعادة مصر وبناءها". ويزيد الاطمئنان أن خمسة من المجموعة الاستشارية التى تسانده فى المعركة الانتخابية أعضاء فى لجنة الخمسين الذين وضعوا دستورا للبلاد بكل ما يتضمن من تكليفات والتزامات للدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية وضمان الحقوق والحريات العامة وحقوق الإنسان، وهم "عمرو موسي، ود. عبدالجليل مصطفي، وعمرو الشوبكي، وخالد يوسف، ومحمود بدر".