لن يحدث أي مخاض من رسائل فان جوخ إلي أخيه والتي ترجمها عاصم الباشا في كتاب «عزيزي تيو» الصادر عن منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي السورية والتي نقلت بعضا منها في العددين السابقين من جريدة «الأهالي» علي أمل ترجمتها كاملة وطبعها في طبعة رخيصة تكون في متناول الشباب لما تمثله من قيمة إنسانية عظيمة. انقل هنا بعض رسائله عن أهمية دراسة تكوين الجسد البشري أو الحيواني والتشريح، فيقول مؤكدا «أشعر بضرورة دراسة رسم الجسد البشري لدي معلمين» وفي رسالة أخري يكتب : «في الآونة الأخيرة، رسمت شيئا كلفني الكثير من الجهد لكنني مسرور منه لقد رسمت بالريشة هيكلا كبيرا في خمس صفحات. صفحة : الرأس : الجمجمة والعضلات. صفحة: الجذع: الهيكل العظمي. صفحة : راحة اليد: الهيكل والعضلات. صفحة: قفا اليد: الهيكل والعضلات صفحة: الحوض والساقان: الهيكل العظمي. ويواصل في رسالته : «سأحاول الحصول علي صورة تشريحية من مدرسة البيطرة لحيوانات كالحصان، والبقر والغنم لأرسمها كما فعلت بتشريح الإنسان، فلابد من معرفة قوانين النسب، الضوء، والظل والمنظور للتمكن في الرسم. إذا لم تمتلك ناصية هذه المعرفة ستكون النتيجة نضالا عقيما. ولن يحدث أي «مخاض». هذا ما قاله فنان كبير خالد خلود البشرية والكون اسمه «فان جوخ» أي إنه إن لم يدرس ويتعلم الفنان كل ما سبق أن حدده ستصبح النتيجة نضالا عقيما ولن يحدث أي «مخاض». «ولن يحدث أي مخاض» حقيقة نعيشها للأسف، وهي أن طلبة كليات الفنون الجميلة لا يدرسون التشريح ولا يرسمون الموديلات النسائية لأنه وفي هذا الزمن الردئ الذي سرقت فيه لوحة زهرة الخشخاش ووصفت بأنها زبالة مرة ومرة أخري وصفت بأنها بلا قيمة، افتي مشايخ بئر السلم أن الفنون حرام، وفي زمن الرسم فيه حرام والنحت والغناء والتمثيل ايضا من المنطقي أن تسرق زهرة الخشخاش وتوصف بما وصفت به. وفي هذا الزمن لا نملك إلا الحلم والعمل من أجل الخلاص ممن يرون أن كوارثنا شيء عادي بداية من حرق الفنانين في مسرح بني سويف ومرورا بغرق الهاربين من جحيم وطنهم عبر بحار الموت أو العائدين في عبارات الموت، وليس نهاية برأي واحد ممن يحكمونا أن من يعيش بجنيهين في اليوم ليس فقيرا. فكل الظواهر مترابطة وتفضي إلي بعضها حتي يأتي الخلاص الذي لن يأتي إلا بأيدينا وإلا «لن يحدث أي مخاض».