العالم كله سيتأثر بالنتائج.. وفي المقدمة القضية الفلسطينية في خلال الساعات القليلة اليوم ستعلن نتائج التجديد لنصف نواب مجلس الكونجرس الأمريكي «النواب والشيوخ» بعد انتهاء عمليات التصويت أمس باستخدام وسائل انتخابية مختلف بداية من التصويت الإلكتروني وعبر الإنترنت حيث يحصل الناخبون علي كلمة سر للدخول إلي موقع التصويت، وصولا إلي الطرق التقليدية في التصويت، وكلها تستحق المتابعة والاهتمام وربما التقليد والمحاكاة، خاصة أن التدخلات من جانب الحكومة الفيدرالية ومجالس وعمد الولايات والشرطة والقضاء تكاد أن تكون معدومة تماما، بالإضافة إلي عدم تواجد «البلطجية» وعصابات «المافيا» للتأثير علي الناخبين، كما لا توجد الرشاوي البسيطة لشراء الأصوات مثل شنط الغذاء، والوعود بالعلاج المجاني والشقق الحكومية وبناء الجسور والكباري والمستشفيات والوحدات الصحية وإلي غير ذلك مما نعرفه جيدا عندنا. ولأنه لا يوجد تليفزيون حكومي ولا وزارة إعلام تسيطر علي التوجهات القومية، وتضع الخطوط الحمراء لما يقال وما لا يقال فإن الدعاية عبر القنوات التليفزيونية العملاقة والمحلية متاحة للجميع سواء من خلال حملات دعاية مدفوعة أو من خلال برامج «توك شو» جادة لاستطلاع برامج الأحزاب والمرشحين في القضايا كافة التي تهم المواطنين. القضايا الانتخابية المطروحة علي الشارع الأمريكي تشمل كل شيء تقريبا، ولا يوجد مانع من طرح قضية صغيرة تهم أعدادا قليلة من المواطنين، مثل إقامة إشارات لتنظيم المرور وعبور المشاه في أماكن نائية، يكون للمواطنين إمكانية تشغيلها بأنفسهم. القضايا الكبري في تلك الانتخابات تبدأ بالوضع الاقتصادي خاصة أن سوء حظ أوباما جعله يتسلم الحكم في أعقاب أسوأ أزمة مالية تضرب الرأسمالية عامة والاقتصاد الأمريكي خاصة، وهي أزمة ماتزال آثارها قائمة رغم ضخ مليارات الدولارات لإنقاذ المؤسسات المالية والصناعية علي وجه الخصوص، والإجراءات الحازمة لإعادة تصويب النظام الحالي بصفة خاصة، بعد أن كادت المؤسسات المصرفية الكبري في تدمير أركان النظام الرأسمالي. وهذه الإجراءات التي اتخذها أوباما والتي وصلت إلي حد تأميم بعض المؤسسات وإدارتها بمعرفة البنك المركزي للدولة، ومراقبة أنشطة تلك المؤسسات، جعلت معارضيه يطلقون علي سياساته بالجنوح نحو الاشتراكية. وهناك قوي صناعية كبيرة لم يعجبها الإجراءات التي نفذتها إدارة أوباما، ومارست ضغوطا هائلة خلال تلك الحملة الانتخابية عبر دعم مرشحين محافظين ومن الاتجاهات اليمينية المتطرفة في الاقتصاد للعودة في السياسة المالية الحالية، باعتبارها المسئولة في إعاقة تصحيح الرأسمالية لأخطائها بنفسها ومن خلال آليات السوق وليس من خلال إجراءات أقرب إلي التخطيط والمراقبة والتدخل التي تقوم بها الدول الاشتراكية أو ذات الاقتصاد الموجه. ضرائب علي عصابات المخدرات وطبقا للنظام الانتخابي الأمريكي فإن كل ولاية لها الحق في دعوة الناخبين للتصويت علي مشروعات قوانين في أي قضايا يتم طرحها للتصويت، وفي ولاية كاليفورنيا تم تقديم مشروع قانون يحمل رقم 19 علي بطاقة الاقتراع حول قضية وفرض ضرائب علي عصابات المخدرات لخفض عجز الموازنة! مستقبل القضية الفلسطينية وإلي جانب عشرات الموضوعات الداخلية الأخري محور الانتخابات مثل إصلاح نظام التأمين الصحي الذي قطع أوباما به خطوة عملاقة تحتاج لاستكمال، والنظام الضريبي وبرامج الضمان الاجتماعي، فإن العديد من القضايا الخارجية مطروحة بشدة علي أجندة الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، وستؤثر النتائج بشدة علي التوجهات الأمريكية تجاه تلك القضايا فإذا فاز الجمهوريون فإن ذلك سيعني مزيدا من الضغوط علي الرئيس أوباما لتعديل سياسته تجاه الشرق الأوسط، وإنهاء إمكانية حدوث أي ضغوط علي إسرائيل لحفزها علي الالتزام بعملية سلام تقود إلي قيام دولة فلسطين، وكذلك بالنسبة للوضع في العراق وأفغانستان وإيران وهي ملفات لاتزال علامة وسجل خلافات كبيرة، ومن المتوقع أن تشتد الضغوط أيضا علي أوباما لاتخاذ مواقف متشددة تجاه إيران بالانتقال من فترة العقوبات إلي مرحلة حصار وربما التصعيد استعدادا لشن حرب وقائية لتدمير منشآت إيران النووية. وستتغير خريطة المساعدات الخارجية الأمريكية وكذلك المواقف تجاه كثير من القضايا الخارجية، وهو ما سوف يشكل تحديا لأوباما الذي تراجعت شعبيته إلي حد كبير وحاز علي اللقب التقليدي «البطة العرجاء»، وخاب أمل غالبية الأمريكيين وخاصة السود والفقراء من بطء الخطوات السياسية والإصلاحات التي وعد بها وهو ما حدث عندنا من خيبة أمل كبيرة.