عندما كتب الأديب الكبير توفيق الحكيم كتابه"عودة الروح"؛ كانت مصر في حال يرثي لها,كما كانت تنتظر ميلاد زعيم يسترد روحها المغيبة التي عادت إليها في شخص "البكباشي" الوطني"جمال عبد الناصر".ذلك الجنوبي الشهم الذي استعاد للكنانة عزتها وكرامتها ومجدها التاريخي والحضاري في آن. في ظروف أكثر صعوبة وأشد ضراوة؛ أنجبت مصر"الولادة" ابناً باراً_علي شاكلة عبد الناصر_من أبطال قواتها المسلحة ليسترد ثورتها"المخطوفة"من براثن"خفافيش الظلام"و"صنائع الإمبريالية"و"أنجاس الصهاينة".إذ ضرب عرض الحائط بمؤامرة هذا"الثالوث الشرير"لتركيع مصر ووأد ثورتها الوليدة في مهدها.و تصدي في جسارة وحنكة_لا تتأتي إلا لمصري وطني_لتهديدات الإمبريالية وختال الصهيونية ووحشية الأصولية الإسلاموية"التترية"في آن, ليقود سفينة الثورة المصرية_السابحة في بحر الأعاصير والأنواء_إلي بر الأمان. لذلك وجد ثوار 25 يناير و30 يونيو في شخصه القائد الحقيقي للثورة التي ظلت تبحث عنه قرابة أعوام ثلاثة.و إذ وجدته؛ احتضنته ملايين الشعب المصري_بصورة لم يحظ بها سوي سلفه عبد الناصر_ و ارتضته زعيماً ألقت علي كاهله أمانة تحقيق أهداف ثورتها في"الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية"..لذلك؛ تباري المصريون _علي اختلاف ألوانهم _ و أجمعوا علي "بيعته"رئيساً لجمهورية مصر الثورة؛ رغم إعلانه الصادق بأنه لا ولن يتطلع إلي السلطة ألبتة؛ لا لشيء إلا"لأن شرف الحفاظ والدفاع عن أمن الوطن لا يدانيه أي تشريف سواه". لذلك أيضاً؛ أعلن كمواطن مصري يعتز بوطنيته عدم الخروج علي هذا الإجماع الشعبي الكاسح؛ لأضم صوتي إلي أصوات الجماهير؛ وذلك للأسباب الآتية: (أولاً) إفلاس النخب السياسية الحالية الذين تعلموا أصول السياسة وفنونها خلال العقود الأربعة المنصرمة في ظلال عصر"الانفتاح" عصر خراب مصر الثاني علي حد تعبير المناضل المرحوم د.فؤاد مرسي حيث سادت سياسة الخنوع والاستكانة والتحالف الاستراتيجي مع "راعي البقر الأمريكي" لحماية نسل"يهوذا الإسخريوطي"؛ خصوصاً بعد عقد معاهدة"كامب ديفيد"المشئومة.ناهيك عن الاستسلام للإملاءات الأمريكية التي استهدفت تحجيم دور مصر العروبي والتاريخي والحضاري,والحيلولة دون نهضتها وتحويلها من"متبوع" إلي "تابع" يتسول "المعونات" الأجنبية ويعول علي الاقتصاد"الخدمي" بعد تخريب قوي الإنتاج,و إهدار مشروعات التنمية المستدامة.هذا فضلاً عن طمس الهوية الثقافية,و الاستسلام لمعطيات"العولمة"؛ باسم الحداثة. ونحن في غني عن سرد مفاسد النخب السياسية إلي حد العمالة وخيانة الوطن؛ وهو ما كشفت عنه وقائع الموجة الثورية الثانية يستوي في ذلك الإسلامويون والليبراليون,و بعض فصائل اليسار.لذلك و غيره كثير لفظ الشعب المصري تلك القيادات واتهم بعضها_بحق_بخيانة الثورة.أما والحال هكذا؛ فلا مندوحة عن رهان الجماهير الواعية علي بطلها الجديد الذي أثبتت أحداث الثورة ووقائعها جدوي هذا الرهان. (ثانياً) مصداقية ذلك؛ تكمن في مواقفه الوطنية و ليس في التشدق بالثورية والسفسطة الشوفينية الفجة,فالإنسان ابن مواقفه؛ خصوصاً في الظروف العصيبة وقد أيقن الشعب وآمن عن قناعة بأن قائده"الموعود" ابن بار لمصر,أفرزته الثورة.لقد كشفت وقائعها عن سمات ومناقب تميز بها فهو شديد المراس ,تقي ورع,دمث الخلق أريحي الطبع,ذكي فطن قادر علي استيعاب معطيات الواقع والتعامل معها بالمنطق الملائم والضمير اليقظ الحريص علي مصلحة الوطن.و حسبه_في هذا الصدد إقدامه "المحسوب" بحسابات القائد العسكري_علي مواجهة التحديات الداخلية والخارجية في آن,و نجاحه"المذهل"لخصومه ومواطنيه علي السواء.لقد أنقذ مصر والعرب من مؤامرات داخلية وخارجية استهدفت تمزيق"الممزق"إلي كيانات قزمية إثنية وطائفية متصارعة.كما فل شوكة الإسلامويين الذين حاولوا عودة عجلة التاريخ إلي الوراء.و الأهم حماية الشعب المصري من لظي"حرب أهلية",و الإقدام علي تطهير سيناء من شراذم الإرهابيين والتكفيريين.ناهيك عن استرداد الثورة"المخطوفة"و تصحيح مسارها,و وضع الوطن برمته علي الطريق إلي مستقبل واعد ومبشر.لذلك_و غيره _لم ولن يرتضي الشعب الواعي بغيره بديلاً. (ثالثاً) أن أوضاع مصر حالياً غاية في التردي علي الأصعدة كافة؛ نتيجة مفاسد نظام"المخلوع",و عام الظلام في عهد"المعزول".فالأزمة الاقتصادية تفاقمت بدرجة مذهلة؛ وانعكست نتائجها علي المستويين الاجتماعي والأخلاقي؛ إذ عمت الفوضي ربوع الوطن, و تفشت الرذائل وانحدرت القيم إلي حد أزعج أحد المفكرين فألف كتاباً بعنوان:"ماذا جري للمصريين؟".و الأنكي؛ تدهور التعليم بجميع مستوياته حتي عم الجهل حتي خريجي الجامعات.ينسحب الحال علي صحة المواطنين بعد انتشار الأمراض الوبائية كالسرطان وفيروسC والفشل الكلوي بدرجة أفضت إلي تحول شباب"الفراعين"إلي أقزام.ولا غرو؛ فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً عن خطورة تلك الظاهرة. تدهورت الثقافة بالمثل؛ حيث جري تغييب العقل لحساب النقل نتيجة التطرف الديني إلي حد سيادة"التكفير"علي حساب"التفكير". ما يعنينا أن تلك الظواهر"المرضية"تحتاج إلي قيادة واعية وحازمة تتبني مشروعاً وطنياً للتغير الشامل,يجند طاقات القوي الوطنية كافة لإنقاذ مصر والمصريين. فمصر محاطة بأخطار خارجية غير مسبوقة وشعبها تعرض_و لا يزال_لمؤامرة تستهدف "إخصاءه"لتضمن إسرائيل أمنها, و الغرب الإمبريالي مصالحه اللا مشروعة في "النهب المنظم"لمقدرات وثروات العالم العربي. لذلك؛ فلا مندوحة للنجاة من وجود قيادة حازمة وصارمة تتمثل_كما ذكر الإمام محمد عبده_في"المستبد العادل",و أضيف"الوطني المستنير". (رابعاً) أن مشروع"الشرق الأوسط الجديد"كان ولا يزال قائماً,و أن تحقيقه مرهون بإجهاض الثورة المصرية؛ وذلك بالإجهاز علي جيشها الوطني الذي تصدي لحمايتها.و مع ذلك؛ لا تزال الأخطار تتربص بالوطن.فقوي الظلام ما انفكت تعيث الفساد في مختلف أرجاء البلاد؛ بهدف تحقيق"الفوضي الخلاقة"توطئة للغزو الأجنبي.و شراذم الجماعات الإرهابية التكفيرية ما فتئت تلعب نفس الدور في سيناء لتحقيق تلك المقاصد والغايات.و يخطئ من يتصور أن هذا الخطر يمكن تجاوزه بسهولة ويسر؛ بل يحتاج إلي مواجهة قد تستمر لعدة أعوام؛ لاستئصال شأفته.و لن يتسني تحقيق ذلك إلا بتولي الجيش الوطني مقاليد الحكم لمواجهة تلك التحديات الصعبة.و ليعلم الجميع أن مصر الآن في"حالة حرب"أخطر بكثير من حرب الجيوش النظامية,إنها حرب"قذرة"يشنها خصومُ من عدة أطراف في الداخل والخارج علي السواء.أما والأمر كذلك؛ فيقتضي الحال حتمية إسناد القيادة في مصر إلي قائد قواتها المسلحة. وحين يتمكن الجيش من إنجاز تلك المهمة الصعبة؛ عليه البدء الفوري في إعادة البناء.و نعلم جميعاً أنه يمتلك القدرة والكفاءة في آن.لذلك؛ كان رهان الشعب علي قيادة جيشه في سياسة الوطن إبان تلك المرحلة أمراً لا مندوحة عنه. (خامساً) ثمة عامل آخر_و أخير_يكتسي أهمية بالغة في هذا الصدد.إذ تلوح في الأفق بواكير"مؤامرة"جديدة دبرتها الولاياتالمتحدةالأمريكية مع قادة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان؛ حيث جري الاتفاق علي عودة حكم الجماعة عن طريق الانتخابات القادمة.و قيل في هذا الصدد أن الدكتور محمد سليم العوا هو المرشح الإسلاموي المنتظر,و أن التيارات الإسلاموية كافة لن تدخر وسعاً في مؤازرته,و أن أموال قطر وأمريكا ستبذل في سخاء من أجل فوزه.و لعل هذا يفسر لماذا تصر الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي علي عدم إقصاء التيارات الإسلاموية من الساحة السياسية. ومن أسف أن تتبني الحكومة الحالية هذه الدعوة بصورة"ببغائية"؛ فيما عرف بالمصالحة الوطنية المزعومة. لكننا علي قناعة ويقين من وعي قيادات الجيش الوطني لتلك"الحيلة"البائسة واليائسة؛ والأهم قدرتها علي تجاوزها.و لن يتحقق ذلك دون الإقدام_فوراً_علي حل جماعة الإخوان.كذا النص في الدستور"المعدل"علي عدم السماح بتشكيل أحزاب دينية أو ذات"مرجعية دينية"مماحكةً.و الأهم من ذلك كله؛ إصدار مرسوم رئاسي بإقصاء التيارات الإسلاموية كافة عن العمل السياسي لعشر سنوات قادمة. لذلك و غيره الكثير أدعو"لإرغام"السيسي_مع الصديق المناضل حمدين صباحي وجماهير الشعب المصري_لترشيحه لرئاسة جمهورية مصر الثورة ليقود سفينتها المظفرة إلي بر الأمان.