بحثت عن دور رئيس الوزراء في الأزمة المتفجرة بين وزارة الكهرباء ووزارة البترول..فلم أجده إن أزمة خطيرة كالتي تمر بها البلاد حاليا، نجد فيها قطاعين من أهم قطاعات الدولة هما "الكهرباء" و"البترول" في حالة اشتباك علني مفتوح وتراشق بالبيانات الصحفية حول المتسبب في الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في جميع انحاء الجمهورية ..فلا نسمع صوت رئيس الوزراء ولا نحس بقدرته علي اتخاذ قرار يفك فيه الاشتباك أو يقيل الوزير المسئول وهو وزير البترول. تشتكي وزارة الكهرباء أن المتسبب هو وزارة البترول التي قلصت وخفضت من كميات الغاز المطلوبة لتموين وتشغيل محطات الكهرباء . وهذا النقص تصل نسبته إلي 26% ، لأن وزارة البترول تفضل تصدير الغاز علي تلبية إحتياجات وزارة الكهرباء! وكأن ذهنية وأسلوب وزارة البترول..المتاجرة وليس الخدمة للمواطنين. تشتكي "الكهرباء" أن تقلص كميات الغاز يعود إلي عام 2004 مع بداية تصدير الغاز إلي إسرائيل . وتشتكي "الكهرباء" أن وزارة البترول أحيانا تعوض نقص إمدادات الغاز بإمدادات من المازوت، ولكن هذا المازوت "غير مطابق للمواصفات" (لاحظ ذلك!) وقد أدي ذلك إلي إصابة محطات الكهرباء بأعطال نتج عنها ضعف كفاءة الأداء وانقطاع التيار الكهربائي. من غير المقبول او المعقول أن يستمر قطاع البترول في تصددير الغاز بأسعار متدنية بينما قطاع الكهرباء في حاجة إلي هذا الغاز، ولذلك نطالب بإيقاف التصدير وحتي لو أدي الأمر إلي دفع غرامات بسبب فسخ العقود، فإن تكلفة الغرامات أفضل وأرحم من شراء غاز أو مازوت من الخارج لتموين محطات الكهرباء . وللعلم فإن وزارة المالية قد أبلغت رئاسة مجلس الوزراء رسميا بتزايد تكلفة استخدام المازوت في توليد الكهرباء وتقترح استبداله بالغاز حيث إن استهلاك المازوت قد زاد 230 ألف طن شهريا وتكلفته أعلي من الغاز بثلاثة أضعاف! ثم إن الأزمة المتفجرة لن تحل بين يوم وليلة إنما تحتاج إلي حلول علي المدي القصير وأخري علي المدي الأطول... ومن بينهما . * إقالة وزير البترول وإجراء تحقيق واسع معه و مع فريقه المعاون المسئول عن وصولنا إلي هذا الوضع المؤسف.بل هناك فساد خطير حينما تتهم الكهرباء وزارة البترول بإمدادها بمازوت مخالف للمواصفات * تكوين لجنة وطنية محايدة من المجالس القومية المتخصصة ووزراء بترول قدامي واساتذة جامعات متخصصين للنظر في خطط وزارة البترول الحالية وموقف الاحتياطيات من البترول والغاز وتصويب مسارات تلك الخطط. * إيقاف الهدر في مصروفات قطاع البترول، خاصة الأنشطة الرياضية والانفاق الإسرافي الفاخر علي المنشآت الرياضية وشراء لاعبي كرة القدم وتوجيه هذه المبالغ لإمداد قطاع الكهرباء باحتياجاته من الوقود. * التحقيق في استعلاء قيادة قطاع البترول علي بقية قطاعات الدولة والتصرف في المال العام باستهانة مثلما حدث مؤخرا من بيع 100 مليون قدم مكعب يوميا إضافية من الغاز إلي الشركة المصرية للأسمدة. وكان مصدر حكومي مسئول قد صرح لجريدة الشروق في 16/8/2010 بما نصه "أنا أتعجب لماذا وافقت وزارة البترول للشركة علي هذا المطلب وأعطتها استثناء بالرغم من صدور توصيات مشددة من كل من المجلس الأعلي للطاقة ومجلس الوزراء وامانة السياسات بالحزب الوطني خلال العام الماضي بعدم منح أي تراخيص غاز جديدة للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة" (هذا هو الاستعلاء الذي نتكلم عنه) وقد رد المهندس عمرو عسل رئيس هيئة التنمة الصناعية أن هذه الزيادة "غير قانونية" * إن وزارة البترول لم تحترم الحكم النهائي لمحكمة القضاء الإداري بعدم اللجوء إلي تصدير الغاز سواء لاسرائيل أو غيرها إلا بعد تلبية احتياجات خطط التنمية المحلية . ورغم صدور الحكم فإن وزارة البترول لم تنفذه حتي الان ورغم محاولات رافعي الدعوي إخطارهم المتكرر بذلك. * إذ لم نكن جادين كحكومة ومجلس أعلي للطاقة وبرلمان ومجلس شوري في أن نعدل من "مزيج الطاقة الحالي" الذي يقوم علي 67% منه علي الوقود الأحفوري أي البترول والغاز... فإن المصيبة ستستمر وستتضاعف فاتورة شراء البترول والغاز من الخارج.فالاتحاد الأوروبي قد قام بتعديل منظومة الطاقة لديه بحيث أصبح الوقود الأحفوري 25% فقط. ونحن في أشد الحاجة لتغيير المزيج الحالي ليكون الإعتماد أكثر علي انواع اخري من الوقود كطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية والوقود الحيوي. إن انفجار الخلاف بين "الكهرباء" والبترول" له جانب آخر مخيف، هو التناحر بين أجهزة الدولة وبصورة علنية، فأين الحكومة بحق وأين مسئولية رئيس الوزراء وأين الحزب الحاكم؟ هل نحن أمام الإرادة الغائبة أمام فوضي قائمة؟