تتصدر فنزويلا المركز الحادي عشر بين أكبر مصدري النفط الخام في العالم ومن أكبر 4 دول موردة له في العالم وتعد إحدي 3 دول أساسية تمد الولاياتالمتحدة بالنفط ومن مصادر الوقود المهمة للصين وصاحبة أكبر احتياطات من النفط الخام في العالم بحسب منظمة «أويبك» للنفط عام 2011. وقد قام الرئيس الراحل هوجو شافيز بعد مجيئه رئيسا بالكثير من الإصلاحات الاقتصادية المهمة في فنزويلا فبالإضافة إلي تحقيق التوزان الاقتصادي كان الهدف الرئيسي هو إقامة نموذج انتاجي لتحقيق النمو المتواصل المعتمد علي الذات لضمان التنوع في الإنتاج وزيادة المنافسة العالمية، وتؤكد احصاءات ومعلومات نجاح فنزويلا في تحقيق ذلك منها دراسة اعدتها شركة «سستايفلي هيد» لتأمين السيارات سابقا تؤكد أن العاصمة الفنزويلية «كاراكاس» تتربع علي قائمة أرخص البلدان لبيع البنزين في العالم بحيث يبلغ معدل لتر البترول ما بين 2-3 بنسات ويعود الفضل في ذلك للرئيس الفنزويلي الراحل الذي وضع خطة لمراقبة اسعار البترول في البلدان الأمريكية الجنوبية، وعادت نسبة البطالة للانخفاض في العام الماضي 2012 حسب «المعهد الفنزويلي للاحصاء» حيث وصلت النسبة إلي 4ر7% ورغم ذلك إلا أن الاقتصاد الفنزويلي عاني من أعلي نسبة تضخم في أمريكا اللاتينية (25% عام 2009، 6ر26% 2011). كما عرف انكماشا للناتج القومي العام بنسبة 9ر2 % بداية 2009 في حين عملت فنزويلا علي زيادة صادراتها النفطية إلي أسواق اسيا مثل الصين بهدف تنويع الأسواق عام 2010 حيث زادت صادراتها النفطية للصين عام 2009 بنسبة 21% لتصل إلي 460 ألف برميل يوميا، وفي 2012 توقع رئيس البنك المركزي الفنزويلي أن تحقق بلاده نموا يتجاوز 5% ليصل إلي 6% وفي عام 2012 شهد الاقتصاد الفنزويلي انتعاشا كبيرا بحسب الحكوميين هناك. يذكر أن الاقتصاد الفنزويلي يعتمد علي مصادر اساسية أهمها البترول الذي يشكل 80% من صادرات فنزويلات وهي الدولة الرابعة عالميا في مجال تصدير البترول. في حين قدم د. مصطفي كامل السيد دراسة نشرت في مواقع اقتصادية عن «فنزويلا اثناء حكم شافيز» أكد فيها أن عهد شافيز أكثر المراحل توترا وتغييرا في تاريخ فنزويلا خاصة في ظل تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية علي الأوضاع السياسية أيضا بروز دور الحركات المعارضة كالنقابات المهنية واتحادات العمال والاحزاب السياسية. يؤكد د. مصطفي كامل السيد أن بعض الخلافات بين الكنيسة الكاثوليكية وشافيز جاءت عندما حاول ادخال اصلاحات علي النظام التعليمي بما يتفق مع أفكار سيمون بوليفار لما تتضمنه من يسارية وعسكرية فيما عارضت فئة من العسكر عملية استخدام الجيش في الأعمال المدنية كتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين واعتبرته انتهاكا لكرامة هؤلاء وأيضا عارضت بشدة العديد من القوي العمالية والاقتصادية في فنزويلا سياسات شافيز الاقتصادية والاجتماعية نتيجة تأثرها بالنزعة اليسارية. وأضاف خلال الدراسة انه منذ تولي شافيز الحكم عام 1999 والبلاد تمر بمرحلة من التغييرات المهمة ذات التأثير البالغ علي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فبالإضافة إلي الإصلاحات السياسية المهمة وعلي رأسها صدور دستور جديد هناك مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية ذات تأثيرات اجتماعية خطيرة وافرزت مظاهرات قوية من بعض القطاعات الانتاجية والاجتماعية ومنذ 2002 تشهد البلاد انقساما اجتماعيا حادا وعدم استقرار سياسي كبير وتميز الاقتصاد الفنزويلي بناحية خطيرة هي الازدواجية فقطاع النفط فيها متقدم للغاية مقارنة بالقطاعات الانتاجية الأخري، والغريب وهو ما لا يعرفه الكثيرون لكن د. مصطفي يؤكده في دراسته أن أحد أهم الاصلاحات الزراعية هو اعادة توزيع الاراضي غير المزروعة للفلاحين الذين لا يملكون اراضي زراعية إذ رفض اصحابها اشراكها في عملية الانتاج حيث 60% من الاراضي الصالحة للزراعة في فنزويلا تقع تحت يد 10% فقط من السكان، وجاء برنامج الإصلاح الزراعي الحضري الذي صمم من أجل اضفاء الشرعية لملكية بعض الفقراء ولمساعدتهم علي تحسين مجتمعاتهم من خلال التشاور مع الحكومة للحصول علي بعض الخدمات كالمياه والكهرباء ، وقد أثار هذا القانون معارضة كبار ملاك الاراضي الزراعية، وفي قطاع الصيد رفعت الحكومة قيمة التأشيرات المسموح بها لشركات الصيد وقللت من المدة المسموح بها للصيد، كما سعت حكومة شافيز إلي تقليل الفقر وتحقيق المساواة الاجتماعية من خلال تحقيق التوازن في فرص الحصول علي التعليم والصحة وخلق فرص عمل جديدة في الشركات الصغيرة والتعاونيات، أما في مجال الصحة فقرر انشاء وزارة التنمية الاجتماعية والصحة اواخر عام 1999- عام رئاسته الأول- وتهدف الوزارة إلي ايجاد نموذج جديد للرعاية الصحية ولاقامة نظام قومي للصحة العامة وتكون الحكومة مسئولة عن تمويل هذه النظام كما نصت مواد الدستور علي أن الصحة هي حق اجتماعي أساسي وهي من مهام الدولة وعليها صياغة وتنفيذ السياسات التي من شأنها رفع نوعية الحياة. من ناحية أخري حاولنا معرفة رأي د. مصطفي مجدي الجمال الباحث في مركز البحوث العربية وصاحب كتاب «البوليفاري .. شافيز جدل الثورة والكاريزما» والذي راقب شافيز عن قرب أثناء خطاباته الحماسية يقول د. مصطفي «للأهالي» أن سبب تفكيره في هذا الكتاب شعوره بالمهانة وقت غزو العراق ووجود زعيم جديد يظهر في بلاد لا نسمع عنها هي فنزويلا يتحدي الولاياتالمتحدةالأمريكية يخطب داخل الأممالمتحدة ويسمي بوش «بالشيطان» ويعتبر أمريكا امبراطورية وهو ما يعني في ثقافتهم استعمارية، هذه النغمة الهجومية علي أمريكا جذبتني للبحث وراءه فوجدت الموضوع أعمق بكثير. يستطرد «الجمال» قائلا: وجدت شخصا يدعو إلي اشتراكية القرن الواحد والعشرين القائمة علي احترام الديمقراطية خاصة أن الثوار في أمريكا اللاتينية حاولوا تجريب كل الوسائل التي تصل بهم إلي السلطة لكن شافيز تكونت لديه رؤية امكانية ذلك بتمتع الثورة بشعبية كبيرة وبرنامج واضح للتغيير وبالفعل هذا ما قام به وهو عندما أعلن انقلاب عسكري في 1992 لكنه فشل وتم حبسه وخرج بشعبيته جارفة، وعندما أصبح رئيسا احترم الديمقراطية، وأكد السلطة الثورية من خلال الديمقراطية ووضع دستورا حقيقيا للبلاد أحد نصوصه أنه من حق 20% من الناخبين لأي انتخابات سواء كانت رئاسة أو برلمانا أو ناديا أو نقابة أن تسحب الثقة من الشخص بعد قضاء نصف المدة أنا جمعت توقيعات بذلك والطريف كما يقول «الجمال» أن معارضة شافيز حاولت استخدام هذا السلاح ضده لكنهم فشلوا، فانتخابات شافيز كانت نزيهة وكارتر في إحدي المرات طالب الولاياتالمتحدة بالتعلم من النموذج الفنزويلي في الانتخابات لأنه كان مشرفا عليها. أحد المحاور الأخري المهمة التي يتحدث عنها د. الجمال نظام الحملات الاجتماعية أو البرامج الاجتماعية لكل مجموعة سكانيةفي فنزويلا تحتاج لمشروع ما تموله الدولة وتشرف عليه دون تدخلات من الأجهزة البيروقراطية «الناس هي التي تقوم بمشروعاتها» ايضا إدراك شافيز أنه لا يمكن لبلد وحده أن يقاوم الاستعمار الجديد بالقوة الذاتية فقط وانه لابد من الاندماج الاقليمي والتكامل بينهما لمواجهة اساليب الاستعمار الحديثة، ومنها جاءت الوحدة الأمريكية اللاتينية، أما عن عنوان الكتاب فيؤكد الجمال أهمية كاريزما شافيز التي جعلته يخطب خطابات لا يمل منها أحد ويستخدم كل وسائل العرض فيها سواء باستدعاء الجمهور ومناقشته أو حركات جسمه المتحمسة او ابتسامته، يذكر «الجمال» عندما حضر شافيز أحد المؤتمرات العربية هناك ودخل سكرتير شافيز ليضع الكتب أمامه واكتشفوا فيما بعد أنه يضع علامات علي الكلمات والجمل التي يريد أن يستشهد بها خلال حديثه، هذا بجانب وجهه وتركيبته التي تمزج ما بين الاسبانية والهنود الحمر، ايضا مواقفه من القضايا العربية خاصة فيما يتعلق بفلسطين وأهميته داخل منظمات الأوبك وقربه من إيران والجزائر.