لم تقدم أمريكا تعازيها لوفاة تشافيز، ولم تتماس مع حالة الألم التي تنتاب الكثير من الشعب الفنزويلي .. فعلى النقيض من ذلك سارع أوباما بفضح رغبته بتغيير قواعد اللعبة مع فنزويلا معرباً عن أمله في إقامة ما أسماه ب"علاقات بناءة" مع الحكومة الفنزويلية الجديدة، و بدء "فصل جديد" من تاريخها. بدأت العلاقة بين أمريكا وتشافيز في التوتر منذ عهد بعيد إبان فوزه بالرئاسة عام 1998 بعد ثلاث سنوات ونصف قضاها في السجن عقوبة على الانقلاب الذي قاده في فبراير 1992 والذي رفع فيه شعار السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية. وواجهت فنزويلا في عهده الكثير من الأوقات العصيبة كان أصعبها انقلاب 2002 الذي استمر 48 ساعة أسقطته الجماهير الشعبية الفنزويلية وأسقطته الجماهير .. بدعم أمريكي غربي . في العام 2004 هو العام الذي فاز فيه شافيز في الانتخابات بنسبة 56% والتي شهد لها العالم بنزاهتها ، ولم يُسلم اليمين بصحتها وجاء إضراب النفط الشهير ونتج عنها خسارة فاقت 10 مليار دولار أمريكي ، حينه قرر تشافيز مزيداً من الانفتاح على الشرق مستقدماً خبراء من الجزائر والهند ، أعادوا تشغيل القطاع النفطي ، وأصدر قراراً بفصل كل العمال والتقنيين الذين رفضوا العودة إلى العمل. هنا وضع تشافيز يده على قطاع النفط ، بعد أن كانت الحكومة الفنزويلية لا تعرف بدقة الكميات المصدرة من النفط ولا العائدات أو الأرباح ، ويقول مراقبون إنها كانت تصب في حسابات الشركات الأمريكية، وسماسرتها، ولعب القدر مع تشافيز حيث حدثت طفرة حينها في أسعار النفط ، مما عاد على خزينة فنزويلا، واستطاع تشافيز حينها أن يوظفها في برنامج اقتصادي واجتماعي، وإعادة بناء القوات المسلحة وأجهزة الأمن ودعم قطاعي التعليم والصحة. وكانت تلك هي الشعرة التى قصمت ظهر البعير ، حيث اعتبرت واشنطن نظام تشافيز عاملاً لعدم الاستقرار في أمريكا اللاتينية التي كانت تعتبرها الولاياتالمتحدة الحديقة الخلفية لها ، وفي المقابل اتهم تشافيز أمريكا بالتدخل في شؤون بلاده، وفرض هيمنتها على دول أمريكا اللاتينية. مرت العلاقات بين أمريكا ونظام تشافيز بمحطات كلها توتر و خلافات ، ففي يناير 2001 أفشل تشافيز اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة لدول أمريكا اللاتينية ، الصادرة عن مؤتمر قمة كيبك ، في كندا الأول من يناير 2001 ، حيث كانت قد وافقت 33 دولة من أصل 35 ، وامتنعت فنزويلا في حين غابت كوبا لأنه لم تتم دعوتها. ولم تنته محطات التوتر بين البلدين حتى أثناء مرض تشافيز، حيث اتهم :"مادورو " نائب الرئيس الراحل أمريكا بأنها تستخدم أساليب لزعزعة الاستقرار في فنزويلا. وقال إن مصرفيين منشقين عن النظام يحاولون أن ينظموا خطة ضد اقتصاد فنزويلا، وبعد وفاة الرئيس الذي عانى طويلاً من السرطان ، اتهم "مادورو"أمريكا بقتل تشافيز وأعلن طرد الملحق العسكري "دافيل ديل موناكو"، إضافة إلى اتهامه مسؤولين أمريكيين أجروا اتصالات مع شبكات الكهرباء، ومسؤولين في الجيش الأمريكي. يقول ويلبرت عالم الاجتماع الألماني في كتاب خصصه لتجربة تشافيز مترجماً هذا العداء بين أمريكا وتشافيز إن "قضية الصراع كلها تتلخص بزيادة مشاركة المواطنين العاديين في صناعة السياسات والقرارات الحكومية ، ومشاركة المهمشين والنساء والأقليات، وحماية البيئة" . واعتبر الباحث فضيلة اليسار الأمريكي اللاتيني، الذي كان تشافيز أحد أبرز قياداته، على اليسار الغربي في وقوفه بثبات على أرضية الاستقلال القومي وإدراكه الجيد للحاجة إلى قيادة قوية على رأس الحراك النازع لتحقيق ذلك الاستقلال. Comment *