لتحديد البطل.. سيناريوهان يحسمان نهائي الأهلي والاتحاد في دوري السلة    محافظ كفر الشيخ يعلن رفع درجة الاستعداد لمواجهة التغيرات المناخية    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال يشن أعنف غارات على أحياء خان يونس لإخلائها    محافظ مطروح يتفقد امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط طالب بالشهادة الإعدادية بعد تصويره امتحان الجبر بالمنوفية    غياب ضحية "نمر طنطا" عن أولى جلسات محاكمة مدربة الأسود أنوسة كوتة    الرعاية الصحية: تعاون مع الاتحاد العربي لتقديم الدعم للأشقاء في المناطق المنكوبة    قانون الأيجار القديم| صراع المستأجرين والملاك.. على السوشيال ميديا    أزمة على الطريق.. كفاءة بطاريات السيارات الكهربائية تثير الجدل بين المستهلكين    الشيوخ يناقش ملفات البيئة والضريبة العقارية والتأمين الصحي غدا    شهيدان وعشرات الجرحى برصاص الاحتلال غرب رفح الفلسطينية    الأمم المتحدة: الكارثة الإنسانية بغزة في أسوأ حالاتها منذ بداية حرب الإبادة    استشهاد لبناني في اعتداء إسرائيلي على بلدة "دير الزهراني" جنوب البلاد    اليوم.. "الصحفيين" تستضيف نواب لمناقشة تعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    موقف منسي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام فاركو في الدوري المصري    ثروت سويلم: بحب الأهلي ومنظومته.. وبتمنى الأندية تمشي على نفس النهج    ماذا اكتشف محافظ الدقهلية في جولته المفاجئة على المخابز؟ (صور)    تعويض الطلاب عن تأخر توزيع أوراق امتحان اللغة العربية بعدد من لجان كفر الشيخ    طلاب الثانوية الأزهرية بالدقهلية يتوافدون على لجان القرآن والحديث.. فيديو    سعر الريال السعودى أمام الجنيه آخر أيام شهر مايو 2025    إلهام شاهين تظهر بشخصيتها الحقيقية ضمن أحداث فيلم "ريستارت"    الاحتلال يدمر منازل 14 عائلة فى جباليا شمال قطاع غزة    أسعار الدواجن في البورصة اليوم السبت 31 مايو    محافظ الدقهلية يجري زيارة مفاجئة لعيادة التأمين الصحي في جديلة    رغم تعديل الطرق الصوفية لموعده...انطلاق الاحتفالات الشعبية بمولد «الشاذلي» والليلة الختامية يوم «عرفة»    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 بالشرقية وخطوات الاستعلام برقم الجلوس (الموعد و الرابط)    أخصائية نفسية: طلاب الثانوية العامة قد يلجأون للانتحار بسبب الضغط النفسي    400 مليون جنيه..الأهلي يتلقى إغراءات ل بيع إمام عاشور .. إعلامي يكشف    غرامة 100 ألف ريال «قوات السعودية» تلقي القبض على مخالفين لأنظمة الحج    تشكيل باريس سان جيرمان ضد إنتر في نهائي دوري أبطال أوروبا    بسبب الطقس السيء.. سقوط لوحات إعلانية وتضرر المطاعم وغرق شوارع الإسكندرية    نيبينزيا: روسيا لن تمنح أوكرانيا فرصة إعادة التسلح تحت غطاء وقف إطلاق نار مؤقت    اليوم.. أولى جلسات محاكمة مدربة أسود سيرك طنطا في واقعة النمر    ثروت سويلم يعلن نظام الدوري المصري في الموسم الجديد وموعد نهايته    ماس كهربائي يتسبب في نشوب حريق بمنزلين في سوهاج    النيابة تستعجل تحريات واقعة مقتل شاب في الإسكندرية    «سأصنع التاريخ في باريس».. تصريحات مثيرة من إنريكي قبل نهائي دوري الأبطال    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    جدل بين أولياء الأمور حول «البوكليت التعليمى»    ترامب يعلن عزمه مضاعفة تعرفة واردات الصلب إلى 50%    أحمد حلمي ومنى زكي وعمرو يوسف وكندة علوش في زفاف أمينة خليل.. صور جديدة    «متقوليش هاردلك».. عمرو أديب يوجه رسائل خاصة ل أحمد شوبير    حلم أشرف يودّع جمهوره بالحلقة 11.. قصة حب وأسرار تُفجر التريند التركي    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نمنح الحصانة لأحد وسنرد على أي تهديد    «تنسيق الجامعات 2025»: 12 جامعة أهلية جديدة تنتظر قبول الدفعة الأولى    رئيس «النحّالين العرب»: قطاع تربية النحل يتعرض لهجمات «شرسة» سنويًا لتشويه المنتج المحلى    محافظة قنا: الالتزام بالإجراءات الوقائية في التعامل مع حالة ولادة لمصابة بالإيدز    لا تتركها برا الثلاجة.. استشاري تغذية يحذر من مخاطر إعادة تجميد اللحوم    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    لا تضيع فضلها.. أهم 7 أعمال خلال العشرة الأوائل من ذي الحجة    الجماع بين الزوجين في العشر الأوائل من ذي الحجة .. هل يجوز؟ الإفتاء تحسم الجدل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدا.. إحباط هجوم إرهابى فى روسيا.. وصول مليون و330 ألف حاج للسعودية.. سقوط قتلى فى فيضانات تضرب نيجيريا    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم السبت 31 مايو 2025    مشرف بعثة الحج السياحي: إلغاء ترخيص الشركات السياحية المخالفة للضوابط المنظمة    وزير التعليم يبحث مع «جوجل» تعزيز دمج التكنولوجيا في تطوير المنظومة التعليمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تاريخنا الثقافي الحديث محمد مفيد الشوباشي .. الواقعية في النقد والإبداع
نشر في الأهالي يوم 12 - 03 - 2013

في تاريخنا الثقافي الحديث أسماء عديدة من الكتاب والشعراء والنقاد، كان لهم تأثيرهم في ازدهار الأدب والفن، مثل محمد مفيد الشوباشي، الذي لا يستطيع المؤرخ الموضوعي أن يتخطاه، أو ألا يقف بتقدير بالغ أمام أعماله الأدبية والنقدية، التي نعرض لها في هذا المقال.
يرتبط اسم محمد مفيد الشوباشي (1899 – 1984) في تاريخ الثقافة المصرية، بالمدرسة الواقعية في النقد والإبداع، التي نشأت في الأربعينيات، تحت تأثير الحركة الوطنية المشتعلة، والدعوة إلي الاشتراكية، والديمقراطية، والحرية.
ومحمد مفيد الشوباشي لا يعتبر وحسب من أوائل دعاة هذه المدرسة، وإنما يعتبر أيضا، بما كتبه وترجمه، أحد المنظرين الأساسيين لها، وأكثرهم تمسكا بمنهجه، في مواجهة التيارات الكلاسيكية والمثالية والمحدثة، التي سادت الحركة الثقافية في هذه المرحلة، ولو أن تاريخ الواقعية في الأدب يرجع إلي القرن التاسع عشر.
وقبل أن نتعرف علي هذا المنهج، أود أن أنقل لكم بضعة سطور من مقال للكاتب والشاعر عبدالرحمن الخميسي، وكان من أقرب المقربين إلي الشوباشي، كتبه تعليقا علي رواية الشوباشي «الخيط الأبيض»، ونشره في جريدة الجمهورية في 28 نوفمبر 1963، تحت عنوان «الكفاح من أجل التحرر الفكري» يقول فيها: «يعلم كل متشيع أمين لنهضتنا الأدبية الحديثة، مدي مؤازرة الأستاذ محمد مفيد الشوباشي لذلك التطور.. فهو من الناحية التاريخية، أول من نادي في مقالاته النقدية الأدبية المعروفة المنشورة في مختلف الصحف والمجلات، بأدب مستقل ينبع من واقعنا، ويستهدف تطوير ذلك الواقع، ويعاونه علي شق طريق التقدم، بل إنه يعتبر أول من أرسي المذهب الواقعي عندنا علي أسس علمية، وشيد منه صرحا متكاملا واضح المعالم..»
أبرز معالم هذا الصرح تحرير الثقافة العربية من خطرين داهمين: خطر محاكاة التراث القديم، وخطر احتذاء الثقافة الغربية.
وبذلك كسر الشوباشي عبادة الماضي الذي يجثم علي صدر الوطني، أو تقديس القدماء، مثلما كسر التبعية للغرب، دون قطيعة مع الاثنين، لما يحويه كل منهما من قيم نافعة للحاضر والمستقبل، تساعد علي فهم الذات، وشحذ الخصوصية، والسمو بالإنسان.
ومن هنا نادي الشوباشي بنشر ذخائر التراث العربي، والتوسع في نقل المؤلفات الأجنبية إلي اللغة العربية.
وتحرير الثقافة عند الشوباشي لا ينفصل عن التحرير السياسي والتحرير الاقتصادي، لأن من كانت تقاليده ومقاديره في قبضة غيره، سواء من الأسلاف أو الأجانب، فقد القدرة علي امتلاك خصوصيته القومية، وفشل في التعبير عنها، إضافة إلي أن التطور الفكري لا يمضي قط بمعزل عن التطور المادي، أو عن حضارة العصر.
لابد إذن للإبداع أن يصدر عن الشخصية القومية، وعن الظروف الموضوعية المتطورة للمجتمع، لا يتغلب فيه الشكل علي الموضوع، حتي لا يفقد العمل الفني نبضه الحي، ولا يستأثر الموضوع بالاهتمام، كي لا يتحول إلي دعاية رخيصة، لا صلة لها بالفن والإبداع.
أما رسالة هذا الأدب، فهي التعبير الفني الصادق عن حقائق الوجود المادي والمعنوي، وتحري الدقة في تصويره وتفسيره للصراع القائم بين القوي المختلفة، في ضوء الوعي الكوني والمكتسب بالأوضاع الاجتماعية، وتعدد اتجاهات الفكر والإلهام.
وعلي الرغم من وضوح هذه الرؤية، فمن المعروف أنه أسيء فهم الواقعية بقصد وبغير قصد، وتعرضت منذ بدايتها للازدراء من كل الأجيال، حتي أصبحت مرادفة للضعف والسطحية والتشاؤم، في الشكل والأسلوب والمضمون.
وعملت تيارات ونظريات الحداثة المفتوحة، غير المفهومة للغالبية المثقفة، علي تفويضها من جهة، كما عملت التيارات والنظريات المحافظة، من جهة مقابلة، علي هذا التفويض.
وساعد علي ذلك أن ثورة يوليو 1952 كانت ذات اتجاه قومي، تتخوف من الانفتاح علي الثقافة الغربية، أو من السير في الاتجاه العالمي، الذي يعتبر العالم دولة واحدة.
كما كانت الثورة تتخوف من مبدأ الالتزام، الذي يهيئ للكتاب الصدام مع السلطة، كقوة معارضة، ويدفع السلطة إلي الصدام مع المثقفين، بسبب عدم الثقة بهم وقد دفع الشوباشي الثمن فادحا في السبعينيات.
ولكن مهما قيل عن هذه الواقعية، وعن الأبعاد التي طرحها الشوباشي بوضوح شديد، فقد كانت مرحلة مهمة بحقها الذاتي لا تقتفي أثر الغير، بمثل ما كانت مرحلة مهمة من مراحل العبور والتحول، لا يمكن شطبها كما تشطب الأبنية المقامة علي الرمال، وقد شملت هذه الواقعية كل الأصعدة، وليس صعيد الأدب والفن وحده.
وتكفي الإشارة هنا إلي أن الواقعية هي التي حمت الثقافة العربية من الانحراف نحو الجمال المطلق، الخالي من كل معني، وحفظت للواقع مكانه في الإبداع الخصب غير المصطنع، وفي الخبرات الجمالية، فلم يعد من السهل علي أحد الإعراض عن المادة، أو نفي الصلة بين الحياة والفن، أو دحض مبدأ الاختيار والموقف، والتماس الكتابة من الكتب، أو من شرفات الأبراج العاجية، بعيدا عن مواجهة العالم.
وأحسب أيضا أنه لم يعد من المقبول من أحد الاستخفاف بالوجدان العام، لصالح الوجدان الذاتي وحده، أو التسليم بامتياز طبقة علي طبقة، أو فئة علي فئة، أو عدم الاحتفال بالقوانين الموضوعية لظواهر الحياة.
وبالإضافة إلي ذلك، قدمت الواقعية الدراسات المنهجية عن الأدب العربي والآداب الأجنبية، برؤية مخالفة لكل الرؤي السابقة في النقد الأدبي، وصححت الكثير من المقاييس السائدة، وعقدت المقارنات بين الثقافات، وعرَّفت بأعلام الفكر والأدب والفن علي مدي العصور، ودافعت عن حرية الكتاب، وعن وحدة العقل البشري، والثقافة الإنسانية.
ورغم أن الشوباشي لم يتحمس للشعر الجديد، فقد كان للواقعية فضل عظيم في تحطيم العمود التقليدي القديم، الذي لم يعد يتلاءم مع إيقاع أو حساسية العصر، ومهدت الأرض ليكون لنا من هذا الشعر تراثا نضرا، يضاهي نضارة الشعر العالمي في جميع اللغات.
وقد فعلت الواقعية بالقصة والمسرح ما فعلته بالشعر.
وقبل هذا وبعده، ما كان يمكن للأدب المصري أن يشتد ساعده ويتخلص من كلاسيكياته ورومانسيته، ومن ترفعه عن الأدب الشعبي، ويمتلك الحقائق العلمية، النفسية والاجتماعية والروحية، إلا من خلال هذه الواقعية التي يمثل الشوباشي أحد أعلامها في الوقت الذي تجاوزت فيه الثقافة المصرية الكثير من مفاهيمها، دون أن يقلل هذا التجاوز من قيمتها التاريخية، أو من آثارها الباقية، التي تتساوي في القيمة مع كل إبداع جميل، في العالم القديم والحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.