لاشك أن دولة الفيفا وصلت لذروة وسقف النجاح من خلال اشياء عديدة اهمها علي الاطلاق بطولات كأس العالم لكرة القدم التي صارت لها أهمية كبيرة لدي جميع شعوب ارجاء المعمورة ويتابعها الملايين بشغف بالغ كل اربعة اعوام لما لها من متعة واثارة.. من ناحية المستويات الفنية وأخري لتقارب شعوب العالم وتوحدها، من هنا تكمن قوة امبراطورية الفيفا التي باتت تتفوق بمسافات بعيدة عن كبري الامبراطوريات والمنظمات الدولية صاحبة الهيبة السياسية ألا وهي منظمة الأممالمتحدة، فليس غريبا في ظل الشعبية الطاغية لكرة القدم أن يصل عدد الدول الاعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» إلي 208 دول متفوقا علي منظمة الأممالمتحدة والتي يبلغ اعضاؤها 192 دولة، وفيما تحظي جميع قواعد الفيفا وقراراتها بالاحترام الشديد من ناحية والملزم من جهة أخري، والامثلة عديدة ومتنوعة ، وآخرها التحذيرات الموجهة لنيجيريا وتدخل الدولة في شئون اللعبة والغاء القرارات التي اتخذتها الحكومة بمنع المنتخب النيجيري لمدة عامين من المشاركة في المسابقات الكروية والعودة للممارسة والمشاركة الطبيعية في البطولات الدولية ، وكذلك التحذيرات الموجهة لفرنسا بعد فشلها في مونديال جنوب افريقيا، نري النقيض في الأممالمتحدة حيث تظل العديد من القرارات الصادرة حبرا علي ورق، بل كثير ما يتم تجاهلها من قبل الدول والقوي العظمي العالمية، وابلغ دليل ما حدث مؤخرا في اعتداء سافر من قبل إسرائيل علي سفن قافلة الحرية التركية في المياه الدولية لفك الحصار عن غزة وأسفر عن عشرات القتلي واضعافهم في الجرحي والمصابين، وخرجت علي المجتمع الدولي جميع المنظمات وخاصة الأممالمتحدة بالادانة والقرارات ولم تنفذ اي عقوبة تذكر علي اسرائيل.. بالاضافة لمواقف اخري واحداث مختلفة تذهب ادراج الرياح من قبل أمريكا وانجلترا، وفرنسا وألمانيا وإلخ.. في الوقت الذي تجمع فيه الفيفا بين الصين وتايوان واسرائيل وفلسطين لم تستطع الأممالمتحدة القيام بذلك وارغام الخصوم والاعداء علي التعايش.. بالاضافة للتقارب الذي اوجده الفيفا من خلال التنظيم المشترك في مونديال كوريا الجنوبيةواليابان عام 2002 فلم تعد الاناشيد الكورية محظورة في اليابان وكذلك سقوط احكام كثيرة بينهما، كما أن هناك مجموعة دول تمكنت بفضل كرة القدم من الحفاظ علي وضع دولي خاص بالرغم من فقدانها لملامح النمو الاقتصادي كالبرازيل والارجنتين، فلم تؤسس الرياضة الأولي في العالم امبراطوريتها علي الغضب والتعسف، بل علي الحماس الشديد والمنافسة الشريفة والعشق الكبير للرياضة واللعبة لتغزو القلوب قبل العقول، ولتستوطن البلدان بسلام، زادها وتنامي الأساس في ذلك الشعوب المولعة بالرياضة والمشجعون المتحمسون لفرقهم الوطنية، وفي هذا السياق يتضح لنا بأنه لم يبد علي الشعوب أي امتعاض في غزو كرة القدم ولن نسمع عن دولة سعت إلي التحرير من اسرها.. فهذه اللعبة بدأت مسيرتها حتي قبل تحولها الي امبراطورية ترجع جذورها إلي ما قبل القرن العشرين وتحديدا إلي 26 اكتوبر 1963 في بريطانيا. وقد سبق وان اعترف كوفي عنان الأمين العام السابق للامم المتحدة قبيل كأس العالم الماضية بالمانيا 2006 أن المنظمة التي يقودها تنظر بعين الغيرة في المونديال باعتباره القمة التي تشهد اللعبة الوحيدة العالمية، ويشارك فيها جميع «الأعراق والأديان».. والحقيقة أن كرة القدم اصبحت الاكثر انتشارا والاكثر تمثيلا للقرية العالمية التي تحدث عنها عالم الاجتماع الكندي «مارشال ماكلوهان» فبرغم وجود عدد من المفاهيم والافكار غير كرة القدم كالديمقراطية والاقتصاد إلا أن ايا منهما لا يحظي بالاجماع الدولي الذي تتمتع به الساحرة المستديرة بعدما اخترقت الحدود واذابت الفوارق العرقية واللغوية والدينية وحشدت المجتمعات وراء منتخباتها، ورغم تعدد المرجعيات الثقافية لسكان ارجاء العالم في جميع البلدان طوكيو، لندن، جنوب افريقيا، امريكا فإن كرة القدم وحدت الأذواق وجعلت من نجومها شخصيات عالمية مشهورة تفوقوا في شعبيتهم وحضورهم علي القادة السياسيين، وليس ابلغ برهان ما شاهدناه خلال شهر كامل من المتعة والاثارة للساحرة المستديرة في مونديال القارة السمراء رقم 19 بجنوب افريقيا وحضور ومتابعة حية من الرؤساء وكبار الشخصيات في مختلف دول العالم سواء في ألمانيا وانجلترا واسبانيا وهولندا وامريكا وغانا إن قوة الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» بدأت تتنامي شيئا فشيئا حتي اطلق عليه لقب الأممالمتحدة لكرة القدم واكبر امبراطورية في التاريخ وصارت لغة الساحرة المستديرة تتواصل وأصبحت إحدي الأدوات التي تظهر تقدم الشعوب، ومن ثم الدول فدولة الفيفا مؤسسة ترعي شئون اللعبة في جوانب عدة فهناك لجان مالية وأخري للحكام وثالثة للإعلام وأخري لتطوير اللعبة وأخيرا طبية لكن لابد أن نسلم بأن الإعلام هو إحدي الوسائل الرئيسية والأساسية في اكتساح هذه اللعبة لقلوب الملايين بدءا من الإذاعة عام 1930 حيث ساعد جهاز الراديو علي كسب اراض جديدة للعبة ثم مع قدوم التليفزيون الذي رسم الحدود النهائية لامبراطورية كرة القدم لتكون الرياضة الأولي علي العالم وأخيرا الإنترنت والمواقع الكروية اللامحدودة.. فدولة الفيفا لها قواعد ثابتة وراسخة تحكم من خلالها العالم كرويا فهل ستمتد إلي ابعد من ذلك.