علي مدي شهر كامل يتابع العالم أهم مسابقة رياضية في التاريخ الإنساني تستقطب اهتمام ملياري إنسان علي وجه الأرض،وينتظرها رؤساء لتثبيت أركان حكمهم،واتحادات رياضية تريد أن تحمل اللقب، وتتابعها شركات اقتصادية تلعب بالمليارات،وبعيدا عن المباريات تنشط أحاديث السياسة والاقتصاد وأيضا الفن فقد أثارت الفنانة الكولومبية "لبنانية الأصل" شاكيرا مع الكاميرون ضجة بسبب أغنية الافتتاح التي قال الكاميرونيون إنها مسروقة من تراثهم الغنائي. لقد تحولت الاحتفالية الكروية التي تهل كل أربعة أعوام إلي مزاد تجاري عالمي،وكشفت الأرقام الرسمية التي أعلنت في افتتاح اجتماع الجمعية العمومية "كونجرس" ال60 للاتحاد الدولي لكرة القدم في جوهانسبرج عن أن قيمة أصول الفيفا تتجاوز مليار دولار. وتظهر الأرقام التي أعلنت للسنة المالية 2009 عن أن الفيفا تمتلك أسهما قيمتها 061ر1 مليار دولار، وهي المرة الأولي التي تتجاوز فيها أصول الفيفا المليار دولار. وبلغ حجم أعمال الفيفا 059ر1 مليار دولار علما بأن التكاليف الصادرة تبلغ 863 مليوناً، ووصل الربح في العام الماضي إلي 196 مليون دولار. وتشير الإحصاءات التي رصدتها كبري البورصات العالمية أن أسعار المنتخبات آل 32 المشاركة في نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا يبلغ ثمنها قرابة خمسة مليارات يورو (6.14 مليار دولار) ستجري علي العشب الأخضر علي مدار شهر واحد،واحتل المنتخب الإسباني الصدارة حيث قدرت قيمة لاعبيه ب565 مليون يورو (نحو 694 مليون دولار)، تلاه المنتخب البرازيلي ثانياً، ثم الإنجليزي ثالثاً، فيما جاء المنتخب الجزائري ممثل العرب الوحيد في المونديال في المركز ال26، وتذيل القائمة منتخبا نيوزيلندا وكوريا الشمالية،وهناك لاعب واحد هو الأرجنتيني ليونيل ميسي ثمنه يفوق ثمن بعض المنتخبات العربية فقد ذكرت صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد" البريطانية أن فريق تشلسي الإنكليزي كان قد عرض دفع أكثر من 100 مليون يورو من أجل الحصول علي خدمات الأرجنتيني ميسي نجم برشلونة الإسباني.وذكرت الصحيفة أن مالك تشلسي الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش وضع ميسي (23 عاما) علي رأس قائمة اللاعبين الذين يسعي لضمهم إلي النادي اللندني الموسم المقبل بهدف تعزيز خط الهجوم، وذكرت وكالات الأنباء أنه علي مستوي المجموعات تعد المجموعة السابعة الأغلي كأغلي المجموعات بقيمة مليار و50 مليون يورو، فيما حلت المجموعة الثالثة التي يلعب فيها المنتخب الجزائري في المركز قبل الأخير بقيمة 595 مليون يورو، ويتفق المراقبون علي أن التجارة والتسويق والإعلانات اقتحمت المجال الكروي من أوسع الأبواب، وان زيادة عدد الفرق المشاركة إلي الضعف تقف خلفه أسباب اقتصادية،فقبل 44 سنة لم يتبار خلال الدورة الثامنة سوي 16 منتخبا. وإذا ما قورن هذا العدد بالمنتخبات المشاركة في هذه الدورة "32 منتخبا" تبين المنهج الذي اتبعه الفيفا لنشر اللعبة أكثر وتحفيز الجماهير ومن ثم الشركات علي أن تدفع مافي الجيب من أجل الساحرة المستديرة. ومن حسنات هذه الطريقة التي اعتمدتها الفيفا في اختيار الدول المشاركة أنها جعلت من رياضة أوروبية ظاهرة عالمية.. وهذا في حد ذاته إنجاز تجاري مهم. محطات فضائية تكسب ملايين الدولارات وتحظي البطولة باهتمام جماهيري منقطع النظير وهي الحدث الإعلامي الأول الذي يتابعه الناس في أرجاء المعمورة،وقالت مجموعة «سكرين دايجست» للأبحاث الإعلامية إن معدلات المشاهدة المرتفعة للبطولة تشكل إغراء لا يقاوم لمحطات التليفزيون التي دفعت ملياري دولار مقابل حقوق البث بارتفاع بنسبة 50 في المائة عما دفعته في بطولة كأس العالم السابقة في ألمانيا عام 2006. وقال فنسينت ليتانج، مدير أبحاث الإعلانات في «سكرين دايجست»: «بطولة كأس العالم أصبحت الآن أكثر من أي وقت مضي أكبر العروض علي وجه الأرض.. وتباع فيها الإعلانات بأسعار مرتفعة، لكن المفارقة أنها لا تكون دائما مربحة بالنسبة للكثير من محطات التليفزيون». وأضاف: «الكثير من العلامات التجارية أنفقت مبالغ طائلة لتكون من الرعاة، وتم تسويق الإعلانات علي الإنترنت وعن طريق تبادل المعلومات عن المنتج علي الوسائط الإلكترونية بدلا من إنفاق الملايين للتفوق علي عروض علامات تجارية منافسة للحصول علي أوقات بث متميزة». وقال ليتانج إن «تي إف1» قد تتوقع زيادة بما بين 20 مليون و30 مليون يورو (24.5 و36.8 مليون دولار) في مبيعات الإعلانات في حين تتوقع «أي تي في» البريطانية زيادة قدرها 30 مليون جنيه إسترليني (43.8 مليون دولار). غير أن المكاسب ستعتمد علي نتائج المنتخبات، إذ إن الشركات والمشاهدين علي حد سواء يفقدون اهتمامهم إذا هزم الفريق الذي يشجعونه، ودفع الرعاة كذلك مبالغ أكبر لكأس العالم هذا العام بزيادة بنسبة 80 في المائة، أي نحو مليار دولار، وفقا لبيانات أوردها نيجل كوري المدير في الاتحاد الأوروبي للرعاة،وكانت إحدي الشركات الراعية لرحلة كأس البطولة من روما وهي عاصمة ايطاليا الفائزة في الدورة السابقة إلي جوهانسبرج قد دفعت 50مليون دولار للاتحاد الدولي لكرة القدم"الفيفا" في جولة حول العالم، أن حملتها في البطولة ستكون أكبر حملة لها علي الإطلاق، ومن المرجح أن ترتفع مشاهدة كأس العالم بنسبة 5 في المائة عن عام 2006 والانتعاش الاقتصادي هو المحرك الرئيسي لأن مباريات كرة القدم التي تستمر 4 أسابيع ستقود إلي زيادة كبيرة في الإنفاق، وعادة ما تنفق الشركات علي الإعلانات والتسويق بقدر ما تنفق علي الرعاية، لكن شكوكا ثارت بشأن ذلك عقب الأزمة المالية العالمية. وتتوقع شركة «كارات» للاستشارات الإعلامية أن ينمو إجمالي الإنفاق العالمي علي الإعلانات بنسبة 2.9 في المائة هذا العام بعد تراجعه بنسبة 9 في المائة في 2009. ومع الاعتراف بالبعد الاقتصادي للبطولة إلا أن الأرقام تقول إنه ليس بالضرورة أن الدول الثرية هي التي تفوز بالكأس،بدليل أن البرازيل فازت بالبطولة خمس مرات وهي تعاني من الديون الخارجية،بينما لم تفز الولاياتالمتحدة واليابان والصين علي الرغم من أنها من أكبر الاقتصادات في العالم. والطريف أن دولة "ليس لها في الكرة تاريخ" هي تايلاند هي اكبر دولة في العالم تشهد مراهنات علي نتائج المباريات،ومن المتوقع أن ينفق الشعب التايلاندي 15،1 مليار دولار علي المراهنات غير الشرعية خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم بجنوب أفريقيا. انتقادات سياسية ل"الفيفا" علي صعيد آخر ترافق مع كأس العالم حملة انتقادات في صحف العالم للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"الذي يوصف بأنه أقوي جهاز كروي في العالم، وتتركز الانتقادات علي : 1- ليست كل هذه المنتخبات المشاركة تستحق التأهل إلي النهائيات فطريق التأهل لا يعكس جدارة واستحقاقا بقدر ما يعكس حسابات هي أقرب إلي السياسة منها إلي الرياضة، فمصر التي لم تفز بشرف تنظيم الكأس لهذه الدورة تتفوق من جميع الجوانب علي جنوب أفريقيا علي الأقل أن منتخب مصر يحتل المرتبة 12 بين دول العالم بينما جنوب أفريقيا مصنفة في الدرجة الرابعة والثمانين في ترتيب الفيفا للمنتخبات، بينما يقبع منتخب كوريا الشمالية في المرتبة ال105 من أصل 202". ولم تصدق التوقعات التي أكدت أن جنوب أفريقيا تعتمد علي اقتصاد قوي، وقبل أربعة أعوام قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية "إن جنوب أفريقيا لم تفز باستضافة كأس العالم إلا لأنها من بين البلدان الإفريقية القلائل القادرة علي تحمل النفقات". لكن هذا الرأي سرعان ماتبدد فقد تابع العالم المشكلات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الجنوب أفريقي بعد تواتر أنباء عن عمليات خطف وسطو وسرقات استهدفت عددا من اللاعبين والصحافيين ومنتخبات مشاركة قبيل انطلاق المونديال. 2-تكرار الأحاديث عن أوجه فساد في الفيفا وفي الشهر الماضي كلفت تصريحات غير رسمية عن الارتشاء ضجة داخل الفيفا، كان أدلي بها رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ولجنة الترشح لاستضافة كأس العالم 2018 لورد تريسمان منصبيه،بأن أسلوب" التربيط " بين الدول التي تختار الدول المنظمة للبطولة يكشف فسادا بنيويا وتشريعياً ومن هنا لايقتصر الفساد علي نفوذ دول أو شخصيات بعينها داخل الفيفا أو بنسب التوزيع غير العادلة لعدد المنتخبات المشاركة في الحدث الكروي العالمي من كل قارة وغيرها من النقائص، ولكن كذلك بالقوانين الرادعة للغش..فالفريق الفرنسي وصل إلي جنوب أفريقيا بفضيحة اللاعب «تيري هنري» الذي وضع الكرة بيده في مرمي الفريق الأيرلندي الذي كان الأجدر بالتأهل. أزمة قضائية مع شاكيرا وأخيرا قرر عدد من المحامين الكاميرونيين رفع دعاوي قضائية ضد الفيفا والمطربة شاكيرا بعد أن أثارت الأغنية الرسمية التي اختارها الإتحاد الدولي لكرة القدم كنشيد رسمي لكأس العالم 2010 "واكاواكا" والتي شدت بها المغنية الكولومبية ذات الأصول اللبنانية شاكيرا ضجّة كبيرة في الكاميرون. إذ احتجّ الشعب الكاميروني علي الأغنية، وذلك بسبب اقتباسها من أغنية كاميرونية راجت في الثمانينيات من القرن الماضي وكان يؤديها مغنون من الجيش الكاميروني، دون أن تطلب الإذن من المؤلّفين أو الملحّنين، أو حتي تذكر المصدر. وقد انتبه الكاميرونيون أن الأغنية مسروقة منهم عندما سمعوا لازمة الأغنية التي تترد كثيراً علي إذاعات الراديو، "زامينا مينا إي واكا.. إي إي زامينا مينا زانجاليوا آه ناوا آه آه" أنها من الفولكلور الكاميروني. وقد وعدت شاكيرا بدفع تعويض للحكومة الكاميرونية بشرط أن يسحب المحامون دعواهم القضائية.إلي ذلك، لم تقتصر الحملة ضد شاكيرا علي الأغنية المسروقة، إذ احتجّ الإفريقيون علي أن تكون فنانة من غير أصول أفريقية تؤدي الأغنية الرسمية لكأس العالم، معتبرين أن أفريقيا لم تعقم من المبدعين.