المناورات البحرية الشاملة التي قامت بها القوات البحرية الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط داخل المياه الإقليمية لإسرائيل ولقطاع غزة وصولا إلي المياه الدولية. كشفت بجلاء تام ووفقا للتصريحات الإسرائيلية نفسها، عن نية إسرائيل التصدي بالقوة إذا لزم الأمر لأي محاولة جديدة لإرسال سفن تحمل مساعدات إلي الفلسطينيين في قطاع غزة. ما حدث من أعمال عنف رافقت التصدي للسفينة التركية «مرمرة» والتي قتل فيها تسعة أتراك قابل للتكرار مرة أخري وبشكل أكثر عنفا، في ظل وجود خطط لإرسال مزيد من قوافل الإغاثة الإنسانية إلي القطاع المحاصر. والأخطر هذه المرة أن تلك القوافل وفقا لما نشر في وسائل إعلام مختلفة ستحظي بحماية قطع بحرية إيرانية علي متنها مقاتلون من الحرس الثوري الإيراني ، الذي أعلنت قيادته قبيل تسيير قافلة أسطول الحرية برعاية وتمويل وتنظيم من تركيا ، استعداد الحرس الثوري الإيراني لحماية قوافل الاغاثة الإنسانية والتصدي لأي إعتداءات إسرائيلية عليها تقع في المياه الدولية، وحماية تلك القوافل حتي تصل إلي ميناء غزة الفلسطيني. وفي نفس الوقت فأن قيادات حزب الله اللبناني أعلنت عن امتلاك الحزب قدرات بحرية من لنشات محملة بصواريخ وطوربيدات ، قادرة علي حماية السواحل اللبنانية من أي حصار بحري إسرائيلي، بل والتصدي للقطع البحرية الإسرائيلية في عرض المتوسط وتكبيدها خسائر كبيرة ومؤلمة. ولم تستبعد تقارير عربية أخري وجود تنسيق بين إيران ومصر لارسال مساعدات إيرانية إلي قطاع غزة عبر الأراضي المصرية وبصورة تتوافق مع الشروط المصرية لارسال المساعدات إلي قطاع غزة، حيث أكدت صحيفة الشرق الأوسط أن هناك تنسيقا واتصالات تجري لهبوط طائرة إيرانية في مطار العريش تحمل مساعدات للفلسطينيين، وطبقا للقواعد المصرية فأن تلك المساعدات سيتم ارسالها بعد ذلك عبر الطريق البري إلي غزة عبر منفذ العوجة الذي يربط بين مصر وإسرائيل بعد قيام السلطات الإسرائيلية بتفتيش تلك الشحنات كما هو الحال مع جميع شحنات البضائع، في ظل استمرار التنسيق المصري الإسرائيلي غير المعلن بإبقاء معبر رفع مفتوحا للحالات الإنسانية ومرور الأفراد بعد مراجعة أسمائهم مع السلطات الإسرائيلية. السفن الإيرانية أما الجديد والأخطر فهو ما نشرته الصحيفة أيضا حول استعداد ثلاث سفن إيرانية للإبحار إلي قطاع غزة في رحلة طويلة لابد لها من عبور قناة السويس، ولا مشكلة في عبور السفن التجارية، ولكن ما تردد عن إمكانية مرافقة لنشات مسلحة معها يثير الشكوك حول إمكانية عبورها للقناة، وبالتالي لا تملك إلي المرور حول افريقيا بكاملها لتدخل البحر المتوسط من البوابة الأطلسية في رحلة تستغرق أسبوعين علي الأقل. وإلي أن يحدث ذلك فإن إيران التي وجدت الأضواء تنحسر عنها لصالح الدور التركي، تحاول بجميع الوسائل العودة إلي الساحة الفلسطينية بقوة في انتقادات عربية للدور الإيراني بأنه دور دعائي لم يصل أبدا إلي مرحلة المساهمة بدور فاعل لمساعدة الشعب الفلسطيني. وأدي الدور التركي النشط وتنظيم ورعاية تركيا لقافلة أسطول الحرية ، وقبل ذلك صدام رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيرس في مؤتمر دافوس، واتهام إسرائيل بممارسة الاحتلال واتباع سياسة عنصرية تجاه الفلسطينيين، وهو ما أدي إلي ارتفاع شعبية تركيا ورئيس وزرائها اردوغان إلي حد كبير، وجاءت المواجهة الشجاعة للأتراك علي ظهر السفينة «مرمرة» واستشهاد 9 منهم لكي تضع الدور التركي في الصدارة، وسط ترحيب وتهليل من رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية عن عودة دولة الخلافة الإسلامية. الحصار علي إيران وجاء فرض المرحلة الرابعة من الحصار الدولي بقرار مجلس الأمن بالاجماع مع امتناع لبنان عن التصويت وهو رئيس المجلس في دورته الحالية ليزيد من مصاعب الدور الإيراني. الذي أصبح مشكوكا في أي فاعلية له، فعلي إيران أن تواجه نتائج المرحلة الرابعة للحصار التي ستضعف شركات النفط ومؤسسات اقتصادية وتجارية كبيرة، وتحول دون حصول إيران علي الصواريخ الروسية (اس- اس -300)، علاوة علي تجميد وملاحقة أموال قيادات الحرس الثوري. وفي الوقت نفسه فأن مرور عام علي ما حدث في الانتخابات الرئاسية التي رافقتها أحداث ومواجهات دامية، إعادت إلي الواقع أن الأزمة السياسية الداخلية في إيران محتدمة إلي حد كبير وهناك مطالبات قوية من المعارضة بالتركيز علي الإصلاحات السياسية، واتباع سياسة لا تقود إيران إلي صدام كبير مع الغرب ثمنا لبرنامج نووي بلا طائل من الناحية العسكرية لأن الغرب وإسرائيل لن يسمحوا لإيران بامتلاك أسلحة نووية بسهولة دون أي تدخل مستشهدين بما حدث للعراق وسوريا من تدمير مفاعليهما وتفكيك البرنامج الليبي طواعية وتسليمه للولايات المتحدة. استفزاز إسرائيل وهناك تحذيرات ومخاوف تسود إيران من أن يؤدي اشتباك بحري في البحر المتوسط علي خلفية حماية قوافل الاغاثة ، إلي إعطاء الفرصة لإسرائيل للقيام بعملية عسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية وسط اجماع دولي وموافقة عربية خاصة من دول الخليج رغم عدم إعلانها عن هذه الخطوة. وتعيش حكومة أحمد نجاد في مأزق حقيقي هذه الأيام فهي تكاد أن تفقد الورقة الفلسطينية التي وظفتها ولا تزال في صراعها الإقليمي والدولي، وحتي الداخلي، في محاولة اكتساب الشارع الإيراني لقضية الجهاد لتحرير القدس ودعم الحركة الإسلامية في غزة. وفي نفس الوقت فإن التنسيق التركي مع إيران لم يصل إلي المسألة الفلسطينية، علي الرغم من أن تركيا حاولت مساعدة إيران عبر اتفاق مبادلة الوقود النووي الإيراني منخفض التخصيب بوقود تركي عالي التخصيب وبضمان البرازيل كان يهدف إلي مساعدة إيران لحل أزمتها النووية من ناحية، ولاثبات أن تركيا وحدها هي القادرة علي حل المشاكل الإقليمية المستعصية في الشرق الأوسط مما يدعم دورها وأهمية ادماجها في الاتحاد الأوروبي وخاصة أن تركيا عضو فاعل وحيوي في حلف الناتو فالدور التركي ليس حبا في السياسة الإيرانية وإنما تأكيد علي فاعلية دور تركيا نفسها وهو ما أخرج إيران التي لم تستفد علي كل حال من اتفاق مبادلة الوقود مع تركيا بعد رفض المجتمع الدولي له، والاستمرار في فرض العقوبات والحصار علي إيران تصاعديا. تركيا تكسب وفي ظل هذا الأوضاع فأن هناك توجهات فلسطينية داخل حركة حماس بالابتعاد عن السياسة الإيرانية البرلمانية والاقتراب أكثر من الدور التركي الذي عليه رعاية مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس مثلما فعلت تركيا برعاية مفاوضات سوريا وإسرائيل، فتركيا لن تقطع علاقاتها بإسرائيل التي تريد هي الأخري مصالحة تركيا وإعطاءها هدية كبيرة تعوض بها سقوط كبريائها في البحر المتوسط عبر قتل تسعة من مواطنيها علي ظهر السفية مرمره ، وهذه الهدية ستكون دور نشط لرعاية جهود تخفيف الحصار عن غزة، والبدء في إجراءات إعادة أعمار القطاع، وهو ما سيؤدي إلي دعم حركة حماس بشكل كبير وإضفاء الشرعية علي وجودها وعدم استلامها المطلق للشروط والمواقف المصرية التي تشترط التوقيع علي المصالحة مع حماس للمساهمة في رفع الحصار وإعادة افتتاح معبر رفح وجميع المعابر بشكل كامل والعودة لتطبيق بروتكول المعابر (أكتوبر 2005). ولا يفي ذلك أن الأوضاع أصبحت ملائمة أمام حماس عبر الرهان علي الدور التركي،. ذلك أن أرودغان يواجه أيضا معارضة قوية داخل بلاده علي خلفية انتقاده بتعريض مصالح وعلاقات تركيا بالولايات المتحدة وأوربا وإسرائيل للخطر.