على شاشة قناة فرنسا 24 عدد من البرامج المهمة التي تذهب بنا إلى كل قضايا العالم، سواء اليومية، أو التي تناقش القضايا الصعبة المسكوت عنها مثل (في فلك الممنوع)، وبرنامج خاص عن تاريخ العاصمة الرسمي والشعبي (أسرار باريس) الذي يستفزك بكل ما يقدمه من جوانب تظهر تاريخ وثقافة عاصمة مهمة، بينما لدينا القاهرة عاصمة أكبر ولها تاريخ أطول وأكثر ثراءً ولكن لا احد يهتم بها!، إضافة لهذا فهناك البرامج التي تستضيف المبدعين من كل بلاد العالم، وبينهم مصريون، كتاب وفنانون وأكاديميون لم نرهم علي شاشاتنا، وبالطبع لا تفوت هذه القناة الأحداث الثقافية والفنية الهامة مثل مهرجان (كان) السينمائي لتقدم عنه برنامجًا يوميًّا مسائيًّا مهمًا، وعلي شاشة أخرى هي (دويتش ڤيلة) الألمانية، يصبح الاهتمام بالتحقيقات أمرًا شديد الأهمية لأنه يضع المشاهد في قلب المشهد وليس علي هامشه، فيكتشف كل شيء. من الاستقلال .. إلى الاستغلال علي الشاشة الألمانية، يجذبك تحقيقا استقصائيا عن قصة (كتالونيا) إحدى ولايات إسبانيا التي يطالب جزء من مواطنيها بالاستقلال ويتظاهرون رافعين علمهم، بينما يرفض جزء أكبر هذا، ويتظاهرون لأجل وحدة الوطن، وبين الفريقين تدور أحداث وصراعات سلمية، مثل تكوين فريق متطوعين لإزالة أعلام الرافضين، وهكذا رأينا وجهات نظر كل فريق، الرجال والنساء، وساحات عملهم، وتجمعات بيوتهم، وخارجها، وحتي رجال الأمن الذين اعترضوا علي نزع الأعلام التي سمحت بها البلدية، باختصار، عرفنا كل شيء عن بلد أوروبي مهم وكيف تدور الصراعات فيه، وبعدها قدمت نفس القناة فيلما وثائقيا عن (الألمان واللون الأسود) وهي قصة مهمة بدأت أثناء الاستعمار الألماني لجزء من إفريقيا، وتجنيد الأفارقة في حملات الديكتاتور هتلر وحربه على العالم، وبعدها بدأ ظهور الأجيال الجديدة من الألمان ذوي الأصول الإفريقية، والعنصرية تجاههم من جزء من المجتمع، وهي قضية مهمة، وربما مجهولة، لكنها جزء من تاريخ بلد وشعب لابد من توثيقه والاحتفاظ به، ( حتي لو كان مسيئا) ومن هنا قدمت القناة الألمانية في نسختها العربية هذا الفيلم المهم في تقديري والذي يقدم صورة تخصنا كأفارقة كما تخص تاريخ ألمانيا والعالم .السؤال الآن هو، أين برامجنا التي تقدم لنا كل شيء عن مصر، ما نعرفه وما لا نعرفه، لقد تمنيت أن أرى برنامجا عن الأماكن ذات التاريخ في القاهرة القديمة بكل ملامحها وقصصها، وتمنيت أن أعرف الكثير عن حضارة مصر القديمة والتي نسمع عنها أحيانا لأسباب أخرى مثل موكب المومياوات، أو فيلم نيتفليكس عن الملكة كليوباترا، ومن الواضح أن ما تقدمه هذه القنوات الأوربية بلغات غير لغتها هو غرس نوع من الثقافة عن النفس أو القارة لدى الآخر في كل العالم وأيضًا غرس الثقة بالعلم والتاريخ والحضارة الأوروبية من خلال الطريق الأسهل الذي يصل لملايين البشر في نفس الوقت حتي مع شيوع ثقافة الإنترنت، وهو التليفزيون. فهل فكرنا في هذا من جانبنا؟